الكل ثائر ، الكل شاعر ، الكل عاقل وفاهم ، الكل متذمر ، والكل للكل يريد أن يحطم ويدمر الكل بريء ، الكل ناقد ، وأخيرا الكل مصلح !! كلما قرأت لقاء أو حوارا ، أو دخلت منتدى أدبيا مهتما بالساحة الشعبية على وجه الخصوص ، وجدت كل تلك الأمزجة ، كل تلك الثورة ، هذا ينقد وينتقد ، وهذا يترصد ويتوعد ، وهذا يكون له مؤيدون يصفقون ويطبلون ،، وذلك.. وفي هجوم معاكس سريع يبطل مفعول (( البلنتي )) الظالم ! مجموعة هناك تكيل الشتائم لذاك .. ومجموعة هنا تغرف من المدائح لبعضها وللموالين لها .. هذا يترفع عن الرد إلا على فلان ، وفلان بكل رحابة صدر وحماس يرد على علان ..والقارىء المسكين حائر.. من الظالم ومن المظلوم ؟!! والغريب أن الكل ((ظالم )) ، لأن الكل (( هم )) ، هذا وذاك وفلان وعلان !! يا ساحة الشغب قليلا من الهدوء . واعلموا أن الساحة أدبية أصلا وأنتم من حولها إلى ساحة شغب أقرب إلى الغوغائية.. قليلا من الأدب في التعامل ، قليلا من سمو الروح .. من الرقى .. والله إنها مأساة أن تكون ساحتنا الأدبية خالية من الأدب ((إلا من رحم ربي )) وأنا أعلم الآن أن الكل ممن سيقرأ كلامي سيحتمي بشماعة (( إلا من رحم ربي )) ويضع نفسه بكل إصرار وافتخار تحت هذه المظلة .. إن كنت أريد أن أبحث في أسباب ذلك من خلال رؤيتي أنا ، رغم أني لست بذلك الخبير المطلع على العالم بكل خفايا ما يدور خلف الكواليس ، ولكني وجدت أن من أهم الأسباب ومن خلال ما قرأت ..أن أغلب المستشعرين وان كانوا شعراء ، إلا أنهم يعانون ضحالة الثقافة بشكل عام ، وأقصد بها ثقافة الواقع ، ثقافة التعامل ، ثقافة الحس الأدبي ، والأهم ثقافة الرأي وإبداؤه واستقباله من الآخرين وهو الأهم . ومن خلال وجهة نظر بسيطة تمثلني أنا فقط ألخص أسباب الشغب فيما يلي : أولا : تدني مستوى الثقافة العامة لأغلبية ممثلي الساحة الشعبية . ثانيا : وجود الشللية القاتلة التي تطبل لبعضها وتصفق.. ولغيرها للأسف تصفع وتمزق .. وإذا نظرنا لأسباب هذه الشللية نرى أنها تنحصر في تعصب قبلي أو تعصب لزميل وصديق. والأدهى والأمر التعصب (( لجمال أنثى )) والسير بلا هوية خلف هذا الجمال .. ثالثا : وجود فئة (( vip )) فكم من مستشعر منهم اقتحم الميدان بسلاح التميز ، والكل مجبر على أن يطبل أو يتملق ، وعلى مدى الأعوام الطويلة لهذه الساحة لم أر سيف النقد مسلطا على أحدهم البتة ، فهل كلهم فطاحلة شعر لا يشق لهم غبار؟ ،، فالكل لهم يمجد ومن يملك قليلا من الاحترام اكتفى بالصمت . رابعا : دخول طبقة (( الجنس الناعم )) واقتحامها وبشكل مرعب الساحة قصيرة المدى ، ولكم أن تنظروا للمجلات وصور أغلفتها .. وحقيقة أنا استغرب جدا أن تتحول (( ميرفت ، وجوليا ،وريتا ، ومن هن على شاكلة هذه الأسماء)) لكتابة الشعر الشعبي وإجراء الحوارات الشعبية ، فلا تكاد تخلو مطبوعة من تلك الصور (( المتبجحة . المتغنجة )).. وأنا لست ضد دخول المرأة لساحة الأدب إطلاقا ، بل إن هناك شاعرات رائعات صادقات بحق ، ولكن هل كل امرأة تدخل ، وتقتحم أو بالأصح تُقحم ؟ ولكم أن تتخيلوا مجتمعا صحراويا تقتحمه بقوة (( جوليا وماريا وليليان)) ماذا سيحدث به ؟؟ وهل هذه اسماء بدوية عربية؟ خامسا : اختلاط الحابل بالنابل في الساحة الشعبية ، فهذا لاعب كرة يُدلي بدلوه ويتبجح بأدبه وصورته تخترق الغلاف في سبيل الكسب المادي في التوزيع وهذا مطرب لا ينتمي إلى فئة الرجال الذين نعرف يتصدر أغلب الأغلفة اللامعة ،، ومطرب آخر لا يستطيع أن يقول بيتا واحدا من الشعر الشعبي بشكل صحيح تكثر حوارا ته وأفكاره الإصلاحية وتحتل صوره أركان المجلة ،، فلماذا كل هذا ؟؟ لماذا نصر على تشويه الصور الجميلة بمسميات غريبة وبأسماء أغرب ، وبإقحام أناس لا يمتون للأدب والساحة الأدبية بصلة؟؟ سادسا : تحول الهدف الأدبي إلى هدف مادي بحت ، يسعى من خلاله الكل إلى أخذ نصيبه من بقايا ((الرجل المريض .. الأدب )) والهروب بأكبر كمية من الأرباح المادية والخسائر الأدبية ،، ومزيد من الأضواء والشهرة الزائفة . من خلال التزلف والانضمام إلى (( شللية )) أكبر مدعومة (( بنفوذ ..نقود)) اكبر وغيرها من سبل وطرق سلبية لا تخدم الأدب من قريب أو بعيد ، بل تهدم ما تبقى من قلعته المتهدمة ، وكم لاحظنا صور رجال المال والأعمال تحتل تلك الصفحات لا لشيء إلا في سبيل التبرع للمجلة ودعم رئيس التحرير في سبيل كسب قليل من ضوء خافت وشهرة في غير محلها . وللأسف كل ما ذكرت أعلاه يهدم الأدب ويكسر شموخه ، ولكم أن تقارنوا بين ما ينشر ويطرح الآن ، وبين ماكان في السابق ، فأغلب القصائد مقارنة بالقصائد السابقة أصبحت فقاعات صابون مثلها مثل الأغاني الموجودة الآن في الأسواق (( وأنا بكره إسرائيل )) !! والله وأقسم على ذلك أن الأدب الآن أصبح أقرب إلى قلة الأدب ، وأصبح (( ويا للعار )) سلعة رخيصة الأثمان.. فلكي تكون شاعرا أو كاتبا وببساطة متناهية ، ليس عليك سوى التقرب والتزلف إلى مجلة معينة ومهاجمة معارضيها والانضمام إلى ركب الشللية (( أو تعرف على ريتا وغيرها لتتوسط لك )) عند أصحاب الأقلام الحمراء ،،، وبصدق أصبح الأدب الشعبي صورة خاوية (( جميلة المظهر سيئة المخبر )). وأكرر (( إلا من رحم ربي )) وكان ولا يزال محتفظا بأدبه.