نظم مركز الأمير نايف العالمي أول ندواته بعنوان "الهجمة الإعلامية على الإسلام والمملكة وكيفية التصدي لها" شارك فيها معالي الدكتور ساعد العرابي الحارثي مستشار وزير الداخلية والدكتور صالح المانع عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود والدكتور سلطان بن حثلين رئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد. أدار الندوة الدكتور عبدالرحمن العصيل الذي بدأها بتقديم المشاركين وفتح المجال للدكتور الحارثي الذي قدم ورقة أشبه ما تكون بعمل أدبي إبداعي راق مع ما تضمنه من أبعاد وآفاق تحليلية عن الواقع الحالي للعالم والأمة العربية وأسباب التقوقع والانهزامية الحاصلة.. علاقة العالم الإسلامي مع الآخر وأشار معاليه الى ان علاقة العالم الإسلامي وبخاصة العالم العربي مع الآخر لم تكن خلال القرن الميلادي الماضي وحتى ما قبله تعيش الهدوء والثبات دون تقلبات ومد وجزر.. لعبت الظروف السياسية والدولية والتوازن بين القوى قبل سقوط الاتحاد السوفيتي دورا رئيسا فيها.. كما كانت المصالح من أبرز محددات هذه العلاقة في وقت لم تكن فيه الإملاءات ممكنة بحكم توافر فرصة الاختيار.. اضافة الى ان الامة العربية كانت في ظاهرها كتله واحدة.. او هكذا ينظر لها بصرف النظر عن الخلافات البينية.. حتى كانت نكبة 1967م ثم (أم المصائب) عام 1990م عندما تحكم النزق والهوس والغباء السياسي في سلوكيات بعض الزعماء العرب افرزت انهيارات قاتلة فضربت الهيبة العربية والقيمة وحتى التاريخ. الجرأة العمياء ثم تناول الحادي عشر من سبتمبر 2001م الذي غير العالم رأسا على عقب.. لم يكن كما كان قبل ذلك.. شهدنا متغيرات كثيرة.. وافرازات طالتنا شرورها.. وانكشفت نوايا وافعال قد لا تكون حديثة النشأة ولكنها وجدت الفرصة السانحة للظهور الى العلن.. بجرأة عمياء.. واندفاع لا يستحي لتحقيق مآرب ومقاصد ليس بالضرورة انها جديدة. مقاصد التحرك. وبين الحارثي المقاصد وراء ذلك التحرك حيث قال.. هناك من هذه المقاصد ما يستند الى التاريخ ويجتر وقائع كنا نعتقد ان الذاكرة المعاصرة قد نسيتها.. وان الخلافات او الاختلافات التاريخية قد عفا عليها الزمن.. وأصبحت في عالم النسيان.. وهناك مقاصد حركتها عوامل الاقتصاد.. وذلك ان اطماع القوى الكبرى في الثروة المتوافرة دافع للامساك بالعصا من الطرف والنفخ في النار والبارود لانتزاع ارادة التحكم في المصادر الاقتصادية.. وهناك مقاصد النظرة الفوقية التي لا تحكمها اخلاق وقيم.. منطلقها قوة الأنا واسقاط الحكم على الآخرين بعدم اهليتهم في المشاركة والحياة الكريمة.. وهناك المقاصد السياسية بحكم القوة والتفرد في الساحة للهيمنة على المقدرات والفكر والرأي السياسي وفرض التبعية.. وقبل هذا وذاك لا نستطيع بأي حال من الأحوال اسقاط او تجنب البعد العقدى.. وهذه اشكالية تفت عضد أي مفكر في السلام والاستقرار العالمي.. أي مفكر يحلم ببيئة عالمية يسودها الوئام والتعايش في اطار انساني.. يحفظ للفرد والأمة أيا كانت معتقداتها الكرامة والحياة الآمنة المستقرة. بين امتلاك القوة والضعف وأكد د. الحارثي ان موضوع الندوة أكبر من وقتها وأننا بحاجة الى وقت لتفكيك المقاصد وتحليلها موضحا ان الآخر كشف رأسه وأعلن أهدافه.. وجاهر بصوته.. وماض في طريقه لما يعتقد ان يحققه من أهداف.. وبكل أسف انه يملك أدوات صناعة رسالته بصرف النظر عن معايير الحق والباطل.. ويملك أدوات الوصول الى الناس أينما كانوا وأيا كانت مشاربهم. وفي المقابل يقف العالم العربي والإسلامي في خانة الأضعف على الرغم من امتلاكه مقومات الحق.. وقوة الحجة.. وصدق المنطلق.. فهو يبدو عاجزا الى درجة كبيرة في التعامل مع الصناعة الصحيحة للمضمون.. وفقا للمكونات الأساس للمجتمعات العقدية والفكرية والسياسية والمعرفية في عمومها.. وان حالفه الحظ واسعفته القدرة على صناعة المضمون أخفق في الوصول الى مستهدفه من مجتمعات الآخر.. اما لعدم امتلاكه الوسائل الإعلامية العالمية باللغات الحية للوصول الى مبتغاه او لضعف وسائله.. فانكفأ داخليا يخاطب نفسه بنفسه بمضامين تدفع مجتمعه في معظم الأحيان الى الهروب الى ساحة الآخر متلقيا ومن ثم متأثرا. الانفتاح ونشأة التكوين .. وهنا أشار الحارثي الى مخاطبة الأمة للآخر لتصحيح مفاهيمه وتجسيدالحقائق واجتذابه للحق وتجنبيه الباطل.. وعلينا فالقدرة على التعامل الصحيح ليست دعوة الى الانعزالية والانغلاق على الذات.. وانما ليكون الانفتاح على الآخر مبنيا على وعي ومعرفة وقدرة على التميز والاختيار. في وقت لم تعد للمجتمعات القدرة على الحياة في خصوصية تبعدها عن الآخرين ولم يعد في المقدرة تغطية الفضاء المكشوف.. او الغربلة للفرز بين الغث والسمين ولم يتبق للمجتمعات إلا التحصين بفعل ما تصنعه من رسائل تلقى الاجتذاب والقبول والتأثير في التكوين الثقافي لأفرادها.. والتنافس في ساحة المتلقين بجودة اعلامها وتميزه. مراجعة الذات ودعا الحارثي الى ضرورة التفكير في الذات ونحن نتحدث عن الآخر فليس من الانصاف تبرئة النفس في محاولة لادانة الآخر.. فحدوث الهزيمة لا بد له من شرطين شرط القوة وشرط الضعف.. الانتصار للقوي والهزيمة للضعيف.. هذه حقيقة لا جديد ولا جدال فيها.. غير اننا في العالم العربي لا ننظر إلا من زاوية واحدة.. زاوية التذمر من القوي واللجوء الى الشكوى واللوم والاتهام دون النظر الى مكامن الضعف فينا وعلاجها. فالحل لا يستجديه من الخصم إلا الضعيف.. ذلك الذي انهارت قواه وتهاوى العزم فيه.. وتمكن الاحباط منه ويخطىء من يعتقد ان الخصم القوي سيجود بما لا يعزز انتصاره.. ويحقق اهدافه.. ولم يرو لنا التاريخ على الأقل فيما اعرف ان خصما قويا أنصف من نفسه الآخرين طواعية.. او عدوا اغتصب بالقوة ملك آخر فتنازل له عن طيب خاطر من أجل عيون العدل والانصاف.. فمنذ عرفت الأرض الصراع الانساني فان القوة بصرف النظر عن الحق هي من يحدد النتيجة النهائية. وهذا أساس الحركة باتجاه ساحة الندية والبروز فيها وامتلاك أسباب المواجهة.. ولعل ذلك سيكون منطلق التعامل العربي مع قضاياه في الساحة العالمية. القوة الإعلامية وأشار الحارثي الى الإعلام في مواجهة الاستقطاب وتشويه الحقائق.. والحديث عن الهجمة الإعلامية الغربية ضد الاسلام والمملكة لا مفر من الأخذ بأسباب القوة الإعلامية.. فقد اصبح الاعلام القوة المهيمنة في تكوين الرأي.. وبناء التوجهات وبلورة المواقف.. قوة ادرك أسرارها الآخر.. فاستثمرها في تحقيق اهدافه في مجتمعه وعلى مستوى العالم.. قوة أتقن فنها فرسم الصورة التي يريد لنفسه ولاصدقائه ولخصومه.. أصبح الاعلام أداة المعركة في ساحة الفكر والرأي والمعرفة.. للهدم كما هو للبناء.. وفقا للغايات المصممة سلفا.. المأساة ان هذا الادراك لم ينتج عنه فعل، لم يتحرك الإعلام العربي الى مستوى المواجهة.. ظل يجتر نفسه في وقت الشدائد. كما هو في وقت الرخاء.. ولم يتوجه الى الآخر على أساس من المقدرة والكفاءة.. واقتصرت مخاطبته للأمة على الاطراء والنقد وجلد الذات كما هو حال بعض الفضائيات العربية.. بل ان بعض وسائل الاعلام العربية أصبحت مصدرا للاحباط والانكسار والشعور بالدونية.. وبعضها أصبح مؤازرا بادراك او بدونه في رسم الصورة الذهنية للانسان العربي المسلم التي اجاد تصميمها الآخر. ونحن نكتفي بالوقوف في خانة المتفرج والواصف والشاكي والطلب من الآخر الانصاف.. هذا لا يعني ان ليس لامتنا مواجهات اعلامية ملحوظة.. ومواقف مشرفة لايضاح الصحيح.. غير ان الفعل اقل بكثير مما يجب.. ولا يزال بعيدا عن الآمال والطموح.. ولم يكتمل بعد بما يستجيب لما نملك من حق وحقائق.. ومع هذا وذاك فلا يجب بأي حال من الأحوال ان نفقد الأمل والطموح والثقة بان في مقدرنا ان نفعل في ساحة الإعلام وننافس. وانهى الحارثي ورقته بتساؤلات عديدة من مبررات تلك الهجمات على المملكة غير المسبوقة مؤكدا انتهاز الفرصة بعد 11 سبتمبر ووقوع نفر من السعوديين فيها حيث قال: وليس صحيحا بل لا علاقة له بالمنطق ان نحاكم أمة ونحكم عليها بفعل نفر منها قليل.. ففي كل المجتمعات ارهابيون إلا انهم لم يكونوا عنوانا للأمة او معيارا للحكم عليها.. وإلا لكان المجتمع الأمريكي ارهابيا بفعل ما وقع من الأمريكيين في بلادهم وخارجها من أعمال ارهابية ضخمة وكذا بالنسبة لأوروبا.. العقل والمنطق لا يعمم الفعل خارج دائرة صانعه.. وذلك ما تؤكد عليه عقيدتنا السمحاء.. ( ولا تزر وازرة وزر أخرى).. ولفت الأنظار الى دوافع الهجمة على المملكة كون المملكة مهبط الوحي.. وموطن اشعاع الإسلام وقبلة المسلمين.. وأرض الحرمين الشريفين.. فكانت بذلك هدفا لخصوم الإسلام.. ومن اراد النيل من العقيدة وليس بخاف ان أعداء الإسلام كثر.. وان محاربيه لا يدخرون جهدا للاضرار به.. كان ذلك عبر التاريخ ولا يزال.. وفي ظل هذه الحقائق عانت المملكة كثيرا.. وشحذ أعداء الاسلام سلاحهم للاساة للمملكة فقط بحكم علاقتنا الصحيحة والصادقة بعقيدتنا تاريخا وحاضرا والى ان تقوم الساعة ان شاء الله. وفي عالم هيمنة القوى والاخضاع للتبعية لا يعجب الآخر تميز أمة بخصوصيتها.. فكان ذلك سببا آخر لما نشهده من هجوم إعلامي غير اخلاقي.. ثم تأتي مواقف المملكة من قضايا أمتها العربية والإسلامية.. فالمملكة عبر تاريخها لم تعرف تغليب مصالحها الذاتية على مصالح أمتها.. تخبرنا الوقائع والأفعال ان المملكة في المواجهة دائما لنصرة قضايا أمتها قولا وفعلا.. قضية فلسطين احتلت صدر همها واهتماماتها.. وقفت مناصرة بكل طاقاتها.. عاشت قضايا أمتها الإسلامية في كل مكان.. ادركت المملكة مسؤولياتها نحو أمتها.. فأوفت بمستوجباتها.. نافحت في المحافل نصرة لامتها.. وهذه مواقف لم تعجب الآخر فكانت الفرصة لشن حملته الإعلامية. وبعد ان أنهى الحارثي محاضرته قدم الدكتور العصيل المحاضر الثاني سعادة الاستاذ الدكتور صالح عبدالرحمن المانع الذي قدم ورقة أكاديمية شملت القراءة للسياسة الأمريكية في فترات ماضية والتغيرات التي طرأت عليها وتطرق للهجمة الإعلامية ضد المملكة ووسائل مواجهتها جاءت ورقة المانع على النحو التالي: تحول العلاقات يرى المانع ان العلاقات السعودية الأمريكية في العام الفائت دخلت منحى خطرا نتيجة أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م والذي راح ضحيته حوالي ثلاثة آلاف فرد بين نيويورك وواشنطن، واتهم بالتخطيط له وتنفيذه عدد من الشباب السعوديين. وتبعته الحملة الأمريكية على أفغانستان ومقتل عدد من المتطوعين السعوديين المتعاطفين مع حركة طالبان، او تنظيم القاعدة في افغانستان واحتجاز اعداد أخرى من المواطنين السعوديين في سجن قاعدة غوانتامو في كوبا، وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية. ونتيجة لهذه الأحداث وكذلك للانحياز الأمريكي لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين تبلور رأي عام في الولاياتالمتحدة مضاد للمملكة العربية السعودية وقياداتها ومؤسساتها وكذلك للقيم والأعراف الإسلامية السائدة فيها. أبعاد مستثناة وقد أشار الى تحليل هذه الظاهرة من بعد سياسي بحت، دون النظر الى البعد القانوني المترتب على اعتقال أفراد دون توجيه تهم محددة اليهم، او الى البعد القانوني المترتب على القضية المرفوعة في نيويورك ضد بعض الشخصيات السياسية والدينية الفاعلة في المملكة، وضد بعض البنوك السعودية. علما بأن هذين البعدين القانونيين هما من الأهمية بمكان، لكنهما بحاجة الى متخصص قانوني لمعالجتهما ودراسة آثارهما، وعن امكانية نجاح مثل هذه الملاحقات القضائية ضد البنوك والأفراد والمؤسسات السعودية من عدمها. عمليات شبه عسكرية يرى المانع ان أحداث 11 سبتمير هي أول عمليات شبه عسكرية على الأراضي الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، وانها قد هزت مشاعر وعواطف الأمريكيين بشكل عميق، ولذلك فان رد الفعل تجاهها لم يكن بالضرورة ذا بعد عقلاني بحت، وانما تداخلت فيه العوامل الدينية والعقدية، وكذلك الإعلام الفعال والموجه لذا فان رد فعل المؤسسات السياسية والإعلامية لم يكن بالضرورة رد فعل متعقلا، وانما كان رد فعل منجرفا تحدوه العاطفة في معظم الأحيان، وينظر الى العالم نظرة ريبة وشك عميقين، وربما تجلى ذلك في مبدأ الرئيس بوش القائل: "إن لم تكن معنا، فأنت بالضرورة ضدنا". تفكيك الظاهرة ولتفكيك هذه الظاهرة وتحليلها يرى الدكتور صالح أننا بحاجة الى النظر الى بعدين رئيسيين فيها: البعد الأول: هو البعد القومي الأمريكي الذي ينظر الى ان للولايات المتحدة الحق في الهيمنة على العالم وتشكيل مؤسسات سياسية وقانونية في جميع دول العالم متوائمة مع القيم السياسية والعقدية الأمريكية. ويتداخل هذا البعد بمنظور أيديولوجي عقدي يتبناه اليمين المسيحي المتطرف في الولاياتالمتحدة، ويتبناه بعض رجال الدين المتلفزين المتطرفين مثل (بات روبرتسون) و(بيلي جراهام) وغيرهم ممن سمتهم مجلة (التايم) في عدد أخير لها، بالمسيحية الصهيونية. ومثل هذا التوجه الديني والعقدي يجعل من دعم ومساندة إسرائيل في حروبها ضد العرب والفلسطينيين امرا حتميا بل ومقدسا. وبهذا فان مثل هذا الدعم لم يعد بحاجة الى المبررات العلمانية. البعد الثاني: البعد الإسرائيلي والصهيوني: اللوبي الإسرائيلي في الولاياتالمتحدة يرى المانع انه لعب دورا هاما خلال النصف الثاني من القرن العشرين، خاصة حينما انتقلت قيادة العالم من الإمبراطوريتين الأوروبيتين: بريطانيا وفرنسا الى العالم الجديد، بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية. منظمات صهيونية يرى الدكتور صالح ان الدور الفاعل والمنظم للأقليات الصهيونية في الولاياتالمتحدة جعل ادارة الرئيس (ترومان) تساند إنشاء دولة إسرائيل بعد ان كانت إدارة (روزفلت) مترددة في ذلك. استطاعت الجماعات النشطة الصهيونية في البداية إسكات الأصوات غير الصهيونية في الحركة اليهودية في الولاياتالمتحدة وبعد نجاح الحركة الصهيونية في القضاء على أى معارضة. استطاعت هذه الحركة ان تنظم نفسها بشكل قوي وعلى مستوى معظم الولايات المؤثرة في الانتخابات المحلية والوطنية، من خلال ما يعرف بالايباك ( (IPAC. تغيرات في السياسة الأمريكية وتوقف المانع عند المتغيرات الطارئة على السياسة الخارجية الأمريكية حيث رأى ان هناك التغير النوعي في السياسة الخارجية الأمريكية تاريخيا احدهما يفصل بين تيارين احدهما خاص بالصراع العربي الإسرائيلي، والآخر خاص بمنطقة الخليج العربي. وكانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة خلال العقود الماضية تحرص كل الحرص على الفصل بين هذين التيارين وبين هاتين السياستين. كان أيضا هناك تداخل ايجابي بين السياستين الخليجية والفلسطينية في أعقاب حرب تحرير الكويت عام 1991م وما نتج عنه من محاولة الولاياتالمتحدةالأمريكية لعب دور أكبر في ايجاد حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتم هذا التداخل بموافقة الطرفين، بل وبضغط سعودي وعربي على الإدارة الأمريكية لوقف التدهور الذي يتعرض له الاستقرار السياسي في المنطقة بسبب نزيف الدم والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. النقطة الأخرى التي يجب الاهتمام بها ان موضوع السياسة الأمريكية السعودية، والتحالف القائم بينهما كان كذلك تاريخيا مبنيا على أساس منفعي، وذا طابع اقتصادي في الغالب، وكان كذلك محصورا في النخبة الحاكمة في كلا البلدين. ثلاث نقاط مهمة ثم توصل المحاضر الى عدة نقاط: 1 لم يعد هناك فاصل بين سياسات الولاياتالمتحدة في منطقة الخليج ومنطقة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. 2 لم تعد السياسة الأمريكية تجاه المملكة موضوعا خاصا بالنخبة بل أصبحت موضوعا عاما يهم معظم فئات المجتمع في الولاياتالمتحدة وكذلك في المملكة، وكذلك أصبحت سياسة الإدارة الأمريكية في بلادنا (في مخيلة معظم الناس) مرتبطة بالقتل الإسرائيلي اليومي للفلسطينيين، كما أصبح اسم المملكة في الولاياتالمتحدة مرتبطا بمن قاموا بأحداث الحادي عشر من سبتمبر. أضف الى ذلك انه تم تطوير تحالف جديد داخل الحزب الجمهوري الحاكم في الولاياتالمتحدة بين الصهيونيين المساندين لحزب الليكود في الولاياتالمتحدة.وبين المتدينين الجدد، او ما يسمون بالمسيحيين الجدد. 3 بمعنى آخر أضيف بعد أيديولوجي وديني للدعم الأمريكي لإسرائيل، وللعداء الجديد للاسلام الذي نشهده اليوم في الولاياتالمتحدة، وهذا سيجعل أي محاولة لتحسين العلاقات بين الجانبين ترتطم بهذه العقبة الأيديولوجية. وتساءل المانع عما يمكن عمله في الوقت الراهن ليخرج بعدة حلول جاء منها: أولا: حصر المشكلة القائمة في التهجم على المملكة والإسلام والتركيز على ما يسمى بالأصولية الإسلامية، لقد أصبحت الأصولية الإسلامية هي العدو الشعبي الجديد في الولاياتالمتحدة، دعونا نريهم الأصولية التي يتحدثون عنها، ويعادونها. لنأخذ عددا من علماء الدين المتفتحين في بلادنا، ونذهب بهم الى الولاياتالمتحدة. ونريهم أننا دعاة سلام ومحبة بين الشعوب، ولسنا دعاة حرب ومعاداة بين الناس. ثانيا: ايجاد قنوات إعلامية دائمة على شكل مكتب إعلامي خليجي دائم في العاصمة الأمريكية يقوم بالاتصال بأصحاب الرأي، ويقوم بعقد مقابلات ومحاضرات لكبار الزوار من العالم العربي. ثالثا: ايجاد قنوات اتصال مع رجال الكونجرس الأمريكي، والذين يعتبرون اليوم منحازين بشكل كامل مع إسرائيل حتى ان بعض اعضائه في بداية هذا الصيف وهم من أصل عربي، صوتوا لصالح قرار دعم إسرائيل. رابعا: تبني حوار إسلامي مسيحي مع زعماء الطوائف المسيحية في الولاياتالمتحدة. وأخيرا الحاجة ماسة لقياس توجهات الرأي العام الأمريكي تجاه المملكة وبشكل دوري، لنتأكد من فعالية الوسائل والآليات التي نتبناها في هذا المجال، من عدمها. جاء دور المتحدث الثالث الدكتور سلطان بن حثلين الذي بدأ محاضرته بالتساؤل حول ما تتعرض له المملكة العربية السعودية وهل مجرد حملة إعلامية فقط بسبب أحداث 11 سبتمبر؟ ام ان هناك مخططا يرمي الى ما هو أبعد من أحداث 11 سبتمبر. يشير الدكتور سلطان الى ان السياسة الأمريكية نهجت عهد الرئيس ريجان سياسة القوة واعادة الثقة في المؤسستين العسكرية والسياسية بعد تعرضهما لاهتزاز شديد بعد حرب فيتنام وفضيحة ووتر جيت. وبعد انتهاء فترة الحرب الباردة كان لزاما ايجاد عدو جديد يملأ الفراغ الذي أحدثه سقوط الاتحاد السوفيتي وأصبحت "الأصولية الإسلامية" هي خير بديل يسهل تسويقه بعد نعته بالإرهاب والوحشية. بدء الحملة ويضيف الدكتور بن حثلين الى ان مع بداية التسعينيات الميلادية زادت مساحة الكتابات وبشكل استفزازي والتي تشير بأصابع الاتهام الى الإسلام والحركات الإسلامية كعدو للحضارة الغربية وقيمها. وقد تولى هذا التوجه نخبة من الأكاديميين الذين يتمتعون بمكانة علمية بارزة وفي نفس الوقت يعملون كاستشاريين لأجهزة الإدارات الأمريكية المختلفة، كالخارجية، والبنتاجون، الأمن القومي. ويلاحظ ان هناك أمرا آخر يجمع بينهم وهو انتماؤهم لإحدى المنظمات او المؤسسات اليهودية وتعاطفهم الشديد مع الرؤية الإسرائيلية والمشروع الصهيوني بعامة. ويرى الدكتور سلطان ان الأخطر من ذلك كله توجه هذا التيار الى تركيز الاتهام حول دور المملكة العربية السعودية في تغذية "الحركات الإرهابية" رؤى خاطئة تناول بعد ذلك رؤيتين يراهما متناقضتين وتشكلان خطرا: الرؤية الأولى: طرح يقوم على استعداء الغرب من خلال فتاواه المتسرعة التي حاولت تبرير أحداث 11 سبتمبر وهي فتاوى ينقصها التأصيل الشرعي القائم على تنزيل النص على الواقع بشموليته ومعرفة نتائج الفعل الذي حكمنا له بالجواز او المنع. والرؤية الثانية: فئة انحازت الى الرؤية الغربية واعتبرت مجاراة السياسة الأمريكية واقعا لا يمكن تجاوزه او مقاومته بغض النظر عن المطالب الأمريكية بحجة الواقعية السياسية وهذه واقعية سلبية بل يذهب البعض منهم الى استجداء الغرب وموافقته في طرحه. وأشار الى ان كلا الفريقين على طرفي نقيض لا يسمح به خطورة الموقف وعظم التحدي الذي يستهدف بلدنا الحبيب. وأشار الى ان الرأي الأول يوردنا المهالك ولا يتفق مع دعوة الإسلام لحفظ الدين والنفس والمال، والتي لا تتحقق إلا بالمحافظة على الوطن وكيانه السياسي التي هي قوام وحدة الجماعة. أما الرأي الثاني فيقود الى ضياع الهوية والسيادة. وسائل دفع الهجمة ثم اختتم د. سلطان حديثه باقتراح وسائل تساهم في الوقوف أمام الهجمة: أولها: الاعتماد على الله وحسن التوكل عليه ويزداد هذا الأمر في وقت الأزمات لأن النصر والعزة والتمكين من عند الله، وهذا لا يتنافى مع الأخذ بالأسباب. وثانيها: التركيز على خطوط الدفاع الداخلية وتنمية الانتماء "المواطنة لدى المواطن". ثالثا: استثمار ما لنا في الخارج إعلاميا وسياسيا لخدمة قضايانا. رابعا: تقوية التواصل العلمي المستمر مع مراكز الأبحاث والجامعات وبخاصة التي تهتم بقضايا الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية والعلاقات الدولية، والمساهمة ماليا في إنشاء مراكز بحثية قوية لمثل هذه الدراسات. خامسا: تفعيل دور الملحق الإعلامي في السفارات السعودية. سادسا: إنشاء مراكز دراسات غربية للمجتمع والدولة والأحزاب السياسية والنظم والقانونية في جامعاتنا او بصورة مستقلة. سابعا: زيادة حجم التعاون مع الأقلية العربية الأمريكية والمثقفين والساسة الأمريكيين المعتدلين. وبعد ان قدم ضيوف المركز أوراقهم بدأت مداخلات أعضاء هيئة التدريس والحضور والتي لم تضف جديدا يذكر سوى انها كانت تنفسا للصعداء وحالة من الخروج من بؤس الموقف.