لم يفعل المجتمع الدولي شيئا رغم تأثره الشكلي منذ أكثر من عقد من الزمان لاخراج العراق من أزماته المتلاحقة التي وصلت الى ذروتها بعد انحسار الحرب الخليجية الثانية ماعدا القرار الأممي الخاص بمقايضة النفط بالغذاء، رغم ان هذه المقايضة في حقيقة امرها لم تنتشل العراق من أزمته الاقتصادية الخانقة، ومقابل الأخطاء السياسية التي ارتكبها العراق لمواجهة الأممالمتحدة فان الحصار لايزال مضروبا حول بغداد، وواقع الحال من جانب آخر أن المجتمع الدولي ممثلا في المنظومة الأممية قد لا يمثل السبب الوحيد لانهيار الاقتصاد العراقي بسبب الحصار المضروب، فالسبب الأهم هو ما خلفته الحروب التي خاضها النظام العراقي مع ايرانوالكويت ثم مع الدول الكبرى في جولة ثالثة، مما ادى الى الحاق افدح الأضرار بقيمة العملة العراقية، ومن ثم الى زيادة معاناة العراقيين، وهذا يعني ان ابقاء الاقتصاد العراقي في حالة حرب ادى بطبيعة الحال الى عرقلة التنمية العراقية ومن ثم ادى الى الحيلولة دون خروج هذا الشعب من محنته الحالية، ومازال الخروج منها مبهما حتى مع التلويح بالضربة العسكرية المحتملة للاطاحة بالنظام العراقي، فالبدائل العملية لانتشال العراقيين من أزمتهم الاقتصادية الطاحنة لاتزال مبهمة وغير واضحة المعالم، ولم يتمكن المجتمع الدولي طيلة عقد كامل من ان يغير شيئا من التوجهات الخاطئة لنظام بغداد او التدخل للحيلولة دون اقتراب مواجهة عسكرية بين العراق وبعض الحلفاء الذين أخرجوا النظام العراقي من الكويت، وبالتالي فلا يلوح في الأفق من يملك القدرة على وقف احتمال الضربة العسكرية القادمة ضد بغداد، او يملك القدرة على انقاذ شعب العراق من حرب مدمرة جديدة، فاحداث تغيير جذري في السياسة العراقية الحالية أصبح مستحيلا، ولعل من الملاحظ ان معظم الدول التي مازالت تحاول اقناع واشنطون بالعدول عن خططها العسكرية المحتملة عازفة عن اقناع النظام العراقي بأهمية نزع فتائل الحرب القادمة ربما لأنها تدرك سلفا أن الردود ستكون سلبية تماما، وفي ضوء الواقع المشاهد فان النداء الصادق وله شكل اجماعي من كافة الدول العربية والاسلامية، ولعله يكون النداء الأخير هذه المرة يتمحور في ضرورة ان يعي النظام العراقي خطورة الموقف ويبتعد عن مواجهة الأممالمتحدة انقاذا لشعب العراق من دمار جديد.