يستشف من التحركات الدبلوماسية السعودية الاخيرة استمرارية النهج السليم الذي ما فتئت المملكة تمارسه تجاه الازمة العراقية، فالحرص واضح على سلامة اراضي العراق والرفض التام لأي عدوان عليها انطلاقا مما قد يخلفه أي عدوان من آثار تمس سيادة العراق واستقلاله، والمملكة رغم ذلك مازالت تنادي لتجنيب العراق ويلات التدخلات العسكرية بأهمية الانصياع للشرعية الدولية وقراراتها الملزمة، فعودة المفتشين الدوليين لممارسة مهامهم تعد الطريق الانسب لسلامة العراق وتجنيبه اخطار العدوان، فشاذا كان النظام العراقي ارتكب خطأ فادحا حينما لم يقدر في حساباته اثناء مغامرته العسكرية في الكويت انه يرتكب خطأ فادحا آخر وحينما يصمم على مواجهة الاممالمتحدة وارادة المجتمع الدولي بمنعه دخول المفتشين الدوليين للتأكد من خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل، وليس من مصلحة النظام العراقي ان يمارس هذه المواجهة فهو بذلك يعرض العراق لمخاطر وخيمة ويضاعف من معاناة العراقيين الذين مازالوا يعانون في الاصل ويلات الحصار الاقتصادي المضروب حول بغداد منذ انحسار الحرب الخليجية الثانية، فالتوجه العربي المعلن في المؤتمر الدوري الاخير في بيروت هو ارتفاع العرب فوق جروحهم وتضميدها ومحاولة نسيان ما حدث وفتح صفحة جديدة من صفحات التضامن العربي المنشود، غير ان هذا التوجه ايضا لم يغفل ضرورة واهمية انصياع بغداد لما قررته الاممالمتحدة، فاستمرارية مواجهة هذه المنظومة وتحديها ليس في صالح العراق بل يدفع الى الخوف من احتمالات تعرضه لمخاطر تدخل عسكري من اكبر الحلفاء الذين تدخلوا من قبل في الحرب الخليجية الثانية، وفي هذا التدخل ما فيه من تداعيات وافرازات سوف تلحق افدح الاضرار بسلامة وسيادة العراق، وازاء ذلك فان الامة العربية بأسرها مازالت تواقة لانصياع بغداد لما يجب الانصياع له حفاظا على المصالح الوطنية العليا لشعب انهكت مفاصله الحروب وعانى الامرين من الحصار والعزلة.