كشفت وثيقة عسكرية تركية مسربة عن أن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستخدم القوات التي تنشرها حكومته في قطر منذ نحو خمس سنوات، للتجسس «بشكلٍ يوميٍ» على الأوضاع في الدوحة. وأظهرت الوثيقة أن القوات التابعة لفرقة في الجيش التركي تحمل اسم «طارق بن زياد»، مُكلفةٌ ب«مراقبة التطورات الدبلوماسية والسياسية الجارية في قطر، وإرسال تقارير يومية في هذا الشأن إلى مقر القيادة العسكرية التركية، عبر قناة (اتصال) آمنة»، وفقا لموقع «نورديك مونيتور». وأوضح الموقع أن الوثيقة تؤكد أن عناصر وحدة القوات البرية التركية المرابطة في قاعدة «الريان» القطرية بموجب اتفاقيةٍ للتعاون العسكري الثنائي أُبرِمَت عام 2014، عكفوا على ممارسة أنشطة التجسس هذه منذ أعوام، تسبق حتى تعزيز أنقرة لوجودها العسكري في الدويلة المعزولة، بعد فرض المقاطعة عليها في يونيو 2017. وتضمن التقرير صوراً للوثيقة التي حصل عليها في هذا الشأن والموقعة في يوليو 2016، من جانب ضابطٍ تركيٍ برتبة ميجور يُدعى مراد إر. وتُظهر الصور أن الوثيقة – المؤلفة من أربع صفحات – تم اعتمادها من ضابطٍ آخر في الجيش التركي برتبة كولونيل يُدعى علي تشاكان. وتكشف الوثيقة التركية المُسربة عن تعدد الجوانب التي تتجسس عليها تركيا في قطر، رغم علاقات التحالف المُعلنة بين نظاميْ الحكم فيهما. إذ تضمنت مقتطفاتٍ من مقابلةٍ مع السفير الفرنسي لدى الدوحة – في ذلك الوقت – إريك شوفالييه، كشف فيها النقاب عن حجم التجارة بين البلدين، وعدد شركات بلاده العاملة في الأراضي القطرية. كما تناول خلالها تطوراتٍ متعلقةً بآفاق استكشاف النفط في قطر، فضلاً عن مسألة إقامة مدرسة فرنسية هناك. وتطرقت الوثيقة كذلك إلى تفاصيل اتفاقيةٍ بين السلطات القطرية وجامعة مانشستر متروبوليتان، رابع أكبر جامعة في بريطانيا، وذلك بهدف الترتيب لإرسال طلاب من كلية الشرطة في قطر إلى المملكة المتحدة، لتلقي دوراتٍ تدريبيةٍ في اللغة الإنجليزية. وتكشف الوثائق – التي أوردها الموقع الإخباري ذو الطابع الاستقصائي – عن المطامع التركية في قطر، إذ تتضمن مطالبة القادة الأتراك في قاعدة «الريان» لقيادة الجيش في أنقرة، ب«الحصول على موافقةٍ من جانب المسؤولين القطريين، لضمان مواصلة العمل على تأمين وجودٍ دائمٍ للقوات التركية» في الدويلة المعزولة. وأشار تقرير «نورديك مونيتور» إلى أن قوام الوحدة التركية المتمركزة في قطر، كان يبلغ وقت إعداد الوثيقة المُشار إليها، 93 جندياً و16 ضابطاً و20 من ضباط الصف. وأُرْسِلَت هذه الوثيقة قبل عامٍ ونصف العام تقريباً من تعزيز تركيا قواتها المرابطة في القاعدة القطرية في ديسمبر 2017. وقال التقرير، إن أنقرة تخطط في الوقت الراهن لإرسال تعزيزاتٍ من القوات البحرية والجوية إلى هذه القاعدة القادرة على استيعاب ما يصل إلى ثلاثة آلاف عسكري والتي يشكل إغلاقها أحد المطالب التي قدمتها الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) إلى النظام القطري، بُعيد فرض المقاطعة عليه قبل أكثر من عامين. وجاء كشف موقع «نورديك مونيتور» عن هذه الوثيقة المُسرّبة من الجيش التركي بعد أقل من أسبوع، من إماطته اللثام عن وثائق دبلوماسية تخص وزارة الخارجية التركية، وتفضح تسخير نظام أردوغان لسفارات وقنصليات البلاد في الخارج، لتنفيذ حملةٍ واسعة النطاق للتجسس على معارضيه المقيمين في المنفى. وأشارت تلك الوثائق إلى أن النظام التركي يستغل البعثات الدبلوماسية التابعة له في شتى أنحاء العالم – وعلى نحو منهجي – لجمع المعلومات عن معارضي حكم أردوغان الاستبدادي، ممن اضطروا للهرب من وطنهم والإقامة في الخارج خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما أدى لتحويل المقار الدبلوماسية التركية إلى «مراكز للتجسس» ليس على المعارضين وحدهم، وإنما على الجمعيات والمنظمات والروابط التي ينتمون إليها أيضاً.