رأى خبراء اقتصاديون أن البنوك القطرية تواجه أزمة في السيولة إثر قطع المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر، مشيرين إلى أحجام الودائع الضخمة من تلك الدول في البنوك القطرية، والتي رأوا أن سحبها سيشكل ضغطاً على البنوك ويُرغم الحكومة على تغطية النقص. إذ قال المحلل المالي والمدير المساعد في وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني، كريسجانيس كروستينز، في تصريحات لCNN: "أدت الأزمة الدبلوماسية إلى تفاقم أوضاع السيولة التي كانت مشدودة إلى حد ما. انطباعنا هو أن الودائع من قبل الكيانات السعودية والإماراتية في البنوك القطرية يتم سحبها تدريجياً. وبلغت ودائع دول مجلس التعاون الخليجي في النظام المصرفي القطري 25 إلى 30 مليار دولار أمريكي، أي ما يزيد بقليل عن نصف إجمالي الودائع غير المقيمة في نهاية عام 2016." وأضاف كروستينز: "ومع ذلك، ستكون موارد هيئة الرقابة المالية والمصرف المركزي كافية لمواجهة أي نقص في السيولة. وقد بدأت الهيئة بالفعل بإيداع مبالغ في البنوك القطرية، وقام المصرف المركزي بتوسيع مرافق السيولة لديه." واتفق فرانسيسكو تانغ بوستيلوس، الخبير الاقتصادي في شركة أبحاث "IHS Markit" التي يقع مقرها في بريطانيا، على أن البنوك القطرية تواجه أزمة في السيولة، إذ قال لCNN: "سلطت الأزمة الدبلوماسية الضوء على هيكل السيولة المضغوط بالفعل في القطاع المصرفي القطري، بل أدت إلى تفاقم الوضع في بعض الأحيان، إلا أن حقن السيولة الاستباقية من جهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادية في الدولة) ودعم السيولة المتواصل من البنوك الغربية والآسيوية حال دون حدوث نقص في السيولة." وتابع: "ومع ذلك، تتوقع IHS Markit أن تكون قنوات التمويل التي يتم الحصول عليها من القطاع الخاص أكثر تكلفة نظراً للاضطرابات السياسية، مما يؤدي إلى قيود أكثر على السيولة تؤدي إلى تباطؤ في تمديد الائتمان على المدى القريب. ونتوقع أن يقدم جهاز قطر للاستثمار أو المصرف المركزي الدعم للبنوك مستقبلاً إذا دعت الحاجة إلى ذلك، في حال سرّعت البنوك الشرق أوسطية من عمليات سحب الودائع وفشلت في تجديد الخطوط الائتمانية للبنوك القطرية عند استحقاقها." وأشار تانغ بوستيلوس إلى أن الودائع من بنوك في السعودية والإمارات ومصر والبحرين تشكل 5 إلى 7 في المائة من إجمالي مطلوبات القطاع المصرفي في قطر، أو ما يعادل 57 إلى 80 مليار ريال قطري (15.66 إلى 21.97 مليار دولار أمريكي). وحول المبالغ التي قد تحتاج حكومة قطر لضخها في البنوك لتخفيف أي آثار سلبية بسبب الأزمة، قال كروستينز إن ذلك يعتمد على ثقة السوق في قطر، مضيفاً: "في الوقت الحالي، نتوقع أن تستبدل البنوك القطرية ما يصل إلى 25 مليار دولار أمريكي من الودائع الخليجية. وإذا تفاقم الوضع وتراجعت ثقة السوق، فقد تُسحب أيضا ودائع غير المقيمين في دول الخليج، وستحتاج السلطات القطرية إلى إيجاد مبلغ إضافي قدره 25 مليار دولار لتحل محلها، (ما يعني أن الأزمة قد تتسبب في تراجع الودائع في البنوك القطرية بمبلغ يصل إلى 50 مليار دولار إجمالياً). وإذا ساءت جودة القروض المحلية، قد تحتاج البنوك إلى رأس مال إضافي، ولكنها تبدأ من وضع سليم من حيث الرسملة والربحية." وسلّط تانغ بوستيلوس الضوء على تدخل جهاز قطر للاستثمار بإجراءات استباقية في يونيو الماضي، عبر ضخ مبالغ في بعض أبرز البنوك في القطاع. كما أظهرت بيانات الربع الثاني من العام الحالي لبنك قطر الوطني (أكبر بنك في القطاع المصرفي) وبنك قطر التجاري، زيادة في الودائع بقيمة 24.5 مليار ريال قطري (أو ما يعادل 6.73 مليار دولار). ويُذكر أن ودائع العملاء الأجانب في المصارف القطرية تراجعت بالفعل في يونيو الماضي بنسبة 7.58 في المائة مقارنة بمايو. إذ كشفت البيانات التي أصدرها مصرف قطر المركزي هذا الأسبوع واطلعت عليها CNN، أن ودائع العملاء الأجانب في المصارف القطرية بلغت في يونيو الماضي 170.63 مليار ريال قطري (أو ما يعادل 46.86 مليار دولار أمريكي)، مقابل 184.58 مليار ريال قطري في مايو الماضي (أو ما يعادل 50.7 مليار دولار أمريكي). ومثّل ذلك تراجعاً شهرياً حجمه 14 مليار ريال قطري (أو ما يعادل 4.12 مليار دولار) ويشكل ذلك تراجعاً بنسبة 7.58 في المائة.