لم يفوت ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان زيارته لأمريكا، دون أن يمر على وادي السيليكون ( سيلكون فالي Silicon Valley)، والمعروف باسم (العاصمة الكونية العالمية للتقنية). فالأمير الشاب الذى يؤسس لسعودية جديدة وفقًا لرؤية المملكة (2030) وشرع لتوه في تنفيذ برنامج التحول الوطني (2020)، لا يمكن أن يمر مرور الكرام على هذا الوادي، وتلك المنطقة التكنولوجية التي تحتل مساحة كبيرة من خليج سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، ولابد وأن يقف في هذا الوادي، ويطلع على مكوناته وشركاته العالمية المتخصصة، ليستلهم التجربة، وهو يسعى لإحداث تغيير جذري للاقتصاد السعودي، وإعادة هيكلة قطاعاته وتنويع مصادره وتوجهاته، حتى لا يكون عبدًا أو أسيرًا لبرميل النفط. ولا يستبعد متابعون يقرأون بعمق ما يدور في عقلية محمد بن سلمان، أن يستفيد كثيرًا من هذا الوادي ومعطياته ونتائجه، لإقامة مجتمع سعودي تقني، يضع التكنولوجيا الحديثة في كل خطوة يخطوها، وفي كل مشروع يقيمه. ويتوقع مراقبون أن يستعين سموه بعدد من الخبراء لإطلاق مثل هذا الوادي في المملكة، مستفيدًا بما تحويه جامعات المملكة من خبراء ومتخصصين في شتى المجالات التكنولوجية، فضلاً عن احتياج الاقتصاد السعودي لمثل هذا النوع من الشركات العالمية المتخصصة، التي ستسهم بلا شك في تمكين الأمير الشاب من تحقيق حلمه بتأسيس سعودية جديدة، تبنى كل مشروعاتها بالعلم والتكنولوجيا الحديثة، وتعيد بناء العقل السعودي برؤية واضحة تستهدف تنميته وتطويره وجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات التقنية والاقتصادية. وعلى الرغم من التنوع التكنولوجي الذي يتميز به الاقتصاد الأمريكي إلا أن (سيليكون فالي) يبقى الأول في مجال التطوير والاختراعات الجديدة في مجال التكنولوجيا المتطورة، ويساهم في ثلث العائدات الاستثمارية في مجال المشروعات الجديدة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبفكر القطاع الخاص، تحول وادي السيليكون إلى عاصمة متخصصة في التقنية، رغم أنه يقع في منطقة ريفية، كثيفة الخضرة، تضم نحو 28 مدينة وأربع مقاطعات، ويقطنها نحو 3 ملايين نسمة، والآلاف من الشركات الدولية العابرة للقارات، تستثمر في المليارات، من بينها 18 شركة عربية. وترتبط هذه الشركات ببروتوكولات توظيف مع كليات إدارة الاعمال الأمريكية، وأصبح لكل خريج من ضمن خمس خريجين من تلك الكليات أن يحجز له وظيفة في شركات الوادي. ومع أن وادي السيليكون، لم يكن يحمل هذا الاسم في بدايات القرن العشرين، إلا أن تأسيسه كمنطقة عالمية متخصصة في التقنية والبرمجيات يعود إلى الصحفي الأمريكي "دون هوفلر" رئيس تحرير مجلة Electronic News، الذي يعد أول من استخدم مصطلح رقائق "السيليكون" لتصنيع أشباه الموصلات، بمقاطعة سانتا كلارا عام 1971، وهذه الرقائق هي المنتج الأساسي للصناعات التكنولوجية الفائقة، وتقوم عليها كل صناعات الحواسيب. وكان لوجود جامعة ستانفورد على حواف وادي السليكون دور كبير جدًا في تشكيل هذا المجتمع التقني، فلعدم توافر فرص عمل جيدة لخريجي جامعة ستانفورد في كلية الهندسة، شجّع الأستاذ الجامعي "فردريك تيرمان" (المُلقب بأبي وادي السيليكون، بالشراكة مع "ويليام شوكلي" مبتكر ترانزستور السليكون) طلاّبه على إنشاء شركاتهم الخاصة في المنطقة، وقدّم لهم الدعم المالي. وكانت شركة "هيوليت باكارد Hewlett-Packard" المعروفة باسم HP، هي أول شركة بالوادي تثبت جدارتها التقنية، قبل أن تكون واحدة من أكبر الشركات المنتجة لأجهزة الكمبيوتر في العالم. وبمرور السنوات أصبحت جامعة ستانفورد أكبر مصدر لرواد الأعمال والتقنيين إلى وادي السليكون، حيث خرج من تحتها 40 ألف شركة منذ نشأتها في الثلاثينات. وفى بداية الثمانينات شهد وادي السيليكون تغييرات كبيرة في حجم الاستثمارات، مع تطور التقنية وازدهار صناعة المعالجات والحواسيب والبرمجيات، والنجاح الكبير الذي حققته شركة "أبل" واستقبل الوادي العديد من الشركات العاملة على تطوير صناعة متكاملة بدءًا من الدوائر الإلكترونية، والمعالجات، وأجهزة الكمبيوتر الشخصية وألعاب الفيديو، ومحركات البحث ومواقع الفيديو، إلى الكثير من منتجات التكنولوجية العالية مثل الآلات الحاسبة للجيب، والهواتف اللاسلكية، وأشعة الليزر، أو الساعات الرقمية، والجوالات الذكية، والسيارات الكهربائية ذاتية القيادة. ويضم وادي السيليكون العديد من المراكز البحثية المهمة، منها المركز البحثي لجامعة ستانفورد، ووكالة ناسا ومركز بيريكلي. كما يضم عشرات من الشركات الناشئة المدعومة برأس المال الاستثماري، والتي يقيمها العديد من الشباب وصغار المستثمرين. ويحتضن الوادي متحفًا لتاريخ الكمبيوتر، وتحيطه 3 مطارات وعدد من الفنادق الفاخرة. ومن أبرز الشركات المستوطنة بالوادي Intel، AMD، Adobe، Apple، Sun، IBM، Yahoo، Google، HP، Cisco، Oracle، nVidia ، ATi، ومؤخرًا قررت "مايكروسوفت" التي لا يقع مقرها في وادي السليكون أن تنشئ هناك مجمعًا ضخمًا. ويوجد بوادي السيليكون، جامعة تحمل اسمه في سان خوسيه، بولاية كاليفورنيا. الجامعة، تحرص على تعريف الطلبة بالمبادئ الأكاديمية الأساسية، والنظريات والمفاهيم التي تحكم مجالات حياتهم المهنية. تقدم الجامعة درجات البكالوريوس والماجستير في علوم وهندسة الحاسب الآلي، وإدارة الأعمال، وهندسة البرمجيات، والاتصالات واللغة الإنجليزية. وسعى عدد كبير من رواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للانتشار في هذا الوادي، وحقق معظمهم نتائج جيدة عبر منتدى العمال التابع لمعهد ماساشوستس للتقنية ومنظمة "تيك وادي" Tech wadi. ومن أبرز الشركات العربية الثمانية عشرة التي أثبتت وجودها في وادي السيليكون: شركات باند اندستريز Band Industries الحائزة على جائزة خيار الجمهور في "تيك كرانش ديسرابت نيويورك" TechCrunch Disrupt NY لعام 2014 عن جهاز دوزنة القيثارة "رودي تيونر"Roadie Tuner. و"إنستابيت Instabet، "إنتجريت Integreight "، وMXD3D وهي أدوات تصميم للطباعة الثلاثية الأبعاد لعامة الشعب متوفرة من خلال متصفّح الويب.-"إي طب": وهو منصة طبية إلكترونية تربط بين المرضى والأطباء في مختلف أنحاء العالم، "حرير": وهو معرض رقمي للتصميمات الأنيقة والعلامات التجارية العصرية بأسعار مخفّضة. و"ابس تو يو Apps2U" وهي وكالة تطوير لتطبيقات الهواتف المحمولة مع حلول مبتكرة مصممة حسب الطلب وشركة "وظف": وهي منصة توظيف إلكترونية تركّز على خوارزميات مطابقة الوظائف. و"فود لوف FoodLve" وهي منصة لاكتشاف المأكولات، يجمع فيها المستخدم معلومات عن المأكولات ويبتكر ويتصفّح ويشتريها في مكانٍ واحد. ومن الشركات أيضًا: "طماطم": وهي شركة ناشرة لألعاب للهواتف المحمولة تخدم العالم العربي بألعاب (لنظاميْ "آي أو أس" و"أندرويد"). و"سكيل أكاديمي Skill Academy" وهي منصة إلكترونية تصمم دورات تدريبية تلقّن مهارات معينة من خلال دروس مجانية على الإنترنت تقدّمها أفضل الجامعات. ثم شركة كارديو دايا جنوستيكس Cardio Diagnostics وهي أجهزة لاسلكية لمراقبة القلب. و"شوب جو": وهي منصة تجارة إلكترونية تقدّم فرصة للمتاجر غير الإلكترونية للانتقال إلى عالم الإنترنت، "كرم سولار KarmSolar" وهو أوّل حلّ لضخّ المياه عالي القدرة يعمل على الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ثم شركة ملون: وهي أكبر متجر للكتب على الإنترنت في الشرق الأوسط. وشركة "أزور سيستمز Azur Systems" هو برنامج لإدارة الفعاليات. ثم شركة "نبش": وهي تمثل سوق العمل الأول على الإنترنت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.