خلال السنوات المُنصرِمة قد تعالت أصوات المتظاهرين، وارتفعت هتافات التغيير مُطالبة بالحرية والديمقراطية. كُتبَت عليها كلمات موجهة إلى الكثير من الرؤساء العرب لكي يتزحزحوا عن كراسيهم التي أوشكت أن تكون أبديَّة. ولكن ما نراه اليوم من حال الأمم العربية التي ثارت مُنادية باسم الحرية، شئ مُخزي مِن شتاتٍ وضياع؛ حيث بدت الصحوة غير قادرة على استعادة عافيتها مُخلِّفة ورائها الكثير من الفقر التنظيمي والفراغ القيادي. سؤالٌ أوجهه إلى الشعوب العربية أولاً: هل أوصلتم رسالتكم بالشكل الذي تُريدونه؟ أم أنكم أوصلتموها بهمجية عنيفة تريد فقط خلع الرئيس من كرسي الحكم دون النظر إلى العواقب التي ستصلون إليها أو حتى التفكير في "ماذا بعد ذلك"؟ سؤالي الآخر سأوجهه إلى رؤساء العرب: قبل أن ترحلوا تاركين خلفكم رُكام دولة، هل خطر في بالكم الاطمئنان على حال شعوبكم وبلدانكم التي كنتم تزعمون أنها مِن أولويات أمورِكم؟ أي بمعنى آخر، من دافِع حُبِكم لوطنكم الذي ما دُمتم ترأسونه مُقلَّدين بمقاليد الحُكْم فيه، ومن خوفِكم على ضياع أطرافه، هل فكَّرتم بِوضعِ النقاط على الحروف قبل الرحيل؟ أم ترَكْتُم كل ذلك على الدول الأخرى لتتدخَّل في إصلاح الدولة من بَعْدِكم وتُلمْلِمْ المخلَّفات التي نثرتموها خَلْفكم؟ في زمنٍ كهذا، زمن توهُّج الصحوة العربية، فإنه يُلاحَظ بِشكلٍ ظاهرٍ أنَّ بعض الشعوب تريد أكثر مما تستطيع الدولة تَرتِيبه في فترة زمنية محدودة. ففي هذه الفترة ما بين الانقلاب والإصلاح، تعيش كل دولة في همجيةٍ عمياء وضياعٍ متناهي وتواجه الكثير من السياسات الغير مقبولة من الحروب الداخلية والطائفية وغيرها… ومن هنا ثار الجميع، فالبعض مُرشِّحاً نفسه للقيادة والبعض الآخر رافض لهؤلاء المرشَّحين. وأمريكا تلهث وراء خيرات هذه البلاد لتجمع أكبر قَدْر تتمكَّن من جمْعِه مُتَخفين تحت ستار المساعدة ومد يد العون! ولا يخفى على المتابع أن الاستهداف المَحْموم هُنا لم يقتصر على أمريكا فقط، بل هناك بعض الدول التي غطَّت بأجنحتها على سماء الدول المضطربة لتضمَّها إلى نفسها كإيران وروسيا وغيرها… وتقف هنا جامعة الدول العربية كمتفرِّج على فيلمٍ "أكشن" شيِّق لتصفِّق لمِثل هذه الدول بعد انتهائها مِن سفْكِ دماء المسلمين في الكثير من البقاع العربية. منظرٌ يدْمَع له القلب قبل العين، ويكسر التاريخ القوي والعظيم الذي بَناه العرب والمسلمين من قبْلنا. فلنَعْذركِ يا جامعة الدول العربية، فأنتِ مُنشغلةٌ بأمور أكثر أهمية من كل هذا الهُراء كتصفية الحسابات بين الزعماء العرب المتواجدين في المجلس والرَّمي بالكلمات الملقَّحة بلكماتٍ مرتدة بين أعضاء المجلس العربي العديم الفائدة. أو كإعطاء المُهل الكاذبة والمزيَّفة لتستمر هذه المُهل إلى أبدِ الآبدين دون نهاية حاسمة للأمرِ المُمْهَل. فإنَّ هذه الجامعة مبنيَّة على مواثيق دُوِّنت في أوراقٍ باليةٍ، ورُفِعت فوق رفوف الزمن لتُنْسى! باختصار نستطيع أن نقول أن تعَثُّر مسيرة الصحوة سَبَبه همجية الشعوب المتسرعة التي تُريد أن تُصْلِح حال بلدانهم بين عشيَّة وضحاها. كما أنه لا يخفى أنَّ السبب الرئيسي هو انشغال حُكامنا العرب ب "كيف نُحافظ على الكرسي" عوضاً عنْ "كيف ننهض بشعبنا ودولتنا"؛ فهناك فرقاّ كبيراً بين هذا وذاك! فكل ذلك قد أفقد قدراً كبيراً مِن التوازن والانضباط الذي نتمنَّى أن نراه في مجتمعٍ طموح يرى مستقبله كراية بيضاء تَرتفِع وتُرفرف في سماء التقدُّم والحرية. فإلى متى ستستمر عنجهية الحكَّام العرب؛ وبحث الشعوب العربية لما تُريد بطريقتهم الغير حضارية؟ إضاءة… ماذا سيكون موْقِفك إذا كنت حاكِماً لشعبٍ يُطالب بانسحابك؟ إنعام الغامدي تويتر الكاتبة: @Enaam_Alghamdi رابط الخبر بصحيفة الوئام: دراما حُكام العَرب