كان الراحل الملحن صالح الشهري في بداية الثمانينات يستلم مكافأته من فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام من مكتب المحاسبة، ويصرفها بعد خروجه منها، للعاملين والمحتاجين. سكرتير فرع الدمام كمال السيد وصف الشهري بأنه كان كريم الطباع، يهتم بالمواهب، ويحتضن أي موهبة فنية، ويقدم المشورة، ولا يرفض أي طلب من أصدقائه ومحبيه، وأضاف أن سفريات الراحل وانشغاله في التلحين هما اللذان أبعداه عن الفرع، وكان يدخل إلى مكتب السكرتارية ببشاشة وابتسامة، كان تأثيره تأثير الإنسان المبدع، وكنا جميعا نستفيد منه، فقد كان حريصا على الود، والتعاون، وتقديم الخبرة". أما مشرف لجنة الموسيقى سلمان جهام فقال "سبق السيف العذل"، فمنذ أسابيع واللجنة تعمل على بروفات أمسية تكريمية بعد التفاهم معه قبل سنتين – وهو في صحته – إلا أن ظروف سفره أجبرته على تأجيل هذه الأمسية التكريمية التي كان يقصد أن تكون لمسة وفاء لفنان كبير قدم الكثير للأغنية السعودية". ويتابع قائلا "الراحل هو من اختبرني في قدراتي الموسيقية عام 1982، عند التحاقي في دورة بالفرع، وربطت بيننا علاقة صداقة منذ ذلك الوقت، حتى أسس الراحل فرقة كورال الموسيقى عام 1985، فكنت من المنضمين إليها". ويضيف جهام "تفاجأت خلال دراستي في أكاديمية الفنون "معهد الموسيقى" في مصر عام 1987، بزيارة الشهري لي في المعهد، والتي كانت أهم زيارة ، وكانت الكلمات التي تلقيتها منه أهم تشجيع ودعم لي أثناء الدراسة، وبهذه المناسبة أهداني أوبريت "مواكب البهجة" والذي كان قد انتهى منه وقتها". حسن بغدادي مدرس الموسيقى في جمعية الدمام خلال الفترة 1402 وحتى 1427، قال ل"الوطن" "عملت مع الراحل 5 أعوام ، في إقامة الحفلات الغنائية التي تم تنفيذها على مسرح المعهد الصناعي آنذاك، وقد أنتجت معه أوبريت "مواكب البهجة" وهو من أوائل الأوبريتات التي لحنها الراحل، وقد اعتمد على فكرة جديدة في تلك الفترة وهي أن يغني كل مطرب مقطعا". وأكد أن الشهري كان منجما للألحان، متعاونا مع الكل، ذا شخصية مرحة، متسامحا، ومتفاهما، ويثق بالآخرين، وكان يتمتع بذوق للألحان سبق أوانه، والجمل اللحنية التي يقدمها كانت متجددة، وكان يحب الاطلاع والمعرفة. وأضاف بغدادي "كانت الحفلات الغنائية التي تقدم في المنطقة الشرقية والتي تشرف عليها لجنة الموسيقى، تدعم الأصوات الشابة، وكانت تقدم كل عام، بالإضافة إلى مهرجان مسرح المنوعات الذي قدم في جامعة البترول والمعادن بمشاركة نخبة من الفنانين في بداية ومنتصف الثمانينات". ويروي عضو لجنة الموسيقى بثقافة الدمام حمد الرشيد ملامح من ذكرياته مع الراحل الشهري ويقول "أبرز مايتميز به الراحل هو الطيبة والحب لمن هم حوله من فنانين وطلاب، ودارسين للفن، لقد قدم الراحل كثيرا من الفنانين، منهم راشد الماجد، وناصر الصالح، وحسين عبدالهادي، وسعد شهاب، وأيوب خضر، ومشعل الخالدي، وحسين عسكر، ولا ننسى أيضا تواجد الفنان القطري علي عبدالستار، والنجاح الباهر الذي صاحب أغنية "يا ناس أحبه" التي لحنها الشهري في تلك الفترة". ويضيف الرشيد أن "اجتماعاتي مع الراحل كانت تتم في فرع الجمعية، وفي استديو شمس للإنتاج والتوزيع الفني، وكانت تضم العديد من المطربين والملحنين الشباب، وكانت نصيحة الراحل لا تغيب عن الجميع، كان يترقب كل جديد من الفنانين، ولا يتوانى عن تقديم النصح والإرشاد". ويتذكر الرشيد حضوره كمتفرج في أحد الحفلات التي كان يشرف عليها الراحل بالمعهد الصناعي في الدمام، عندها طلب الراحل منه تقديم فقرة غنائية في الحفل، ويرى الرشيد في ذلك دلالة على دعم الراحل للشباب. وكانت بداية معرفة عازف الكمان حمد المرزوق بالراحل منذ تعلمه عزف العود، عندما كان موظفا بسلاح الطيران في المنطقة الشرقية، يقول المرزوق إن "الفنان إنسان قبل أن يكون فنانا، والفنان الإنسان الشهري كان يحمل بداخله سجايا جميلة، وكان شديد الصلة بمجتمعه من خلال ألحانه التي انفرد بها، يحمل البساطة ويجسد الأريحية في تعامله".