"في أميركا نبتت لابني قدمان" هكذا وصفت "رشا" حال ابنها "محمد" وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة ويبلغ عمره ثمان سنوات، لتبدأ حديثها عن معاناة المعاقين هنا، حيث تفتقر المدارس، والمتنزهات، والمعارض التجارية، والمساجد إلى الخدمات الخاصة بهم من منزلقات ومساعدات خاصة. تقول رشا إن ابنها طرد من أحد المعارض التجارية المعروفة بالعاصمة الرياض، بحجة أن عجلات كرسيه المتحرك تخدش أرضية المحل، وتتساءل عن أسباب الفرق الشاسع بين طريقة معاملته في أميركا وتعامله داخل وطنه، وتضيف "عندما كنت في مدينة ديزني لاند الترفيهية بأميركا لم يكن ابني الوحيد الذي يجد المعاملة الخاصة والمتميزة، بل جميع أفراد العائلة، حتى شعر ابني أنه لا يختلف عن الآخرين". تقول "أتمنى أن يحدث الشيء ذاته في المدن الترفيهية في المملكة، أو على الأقل في الملاهي الملحقة بالمراكز التجارية، كما في مدينة "دبي" التي توفر كل ألعابها بالمجان لذوي الإعاقة وإخوانه، لقد تعجبت من إطلاق اسم الشارع الذكي لأحد شوارع الرياض "التحلية"، في حين لا يوفر ذكاؤه لفئة ذوي الإعاقة خدماتهم، إذ تفتقر جميع الطرق إلى المنزلقات المخصصة لهم". وعن معاناتها اليومية تضيف الأم "علينا كعائله أن نتأكد قبل خروجنا إذا كان المطعم أو المتنزه أو المركز التجاري يشمل منزلقا أو مصعدا يساعد ذوي الإعاقة"، واصفة ذلك بقلة الوعي بحقوق هذه الفئة التي يجب أن تعامل معاملة متميزة كما وصفتهم، مشيرة إلى أن جميع المراكز التجارية في الرياض لم تخصص أي منزلقات عدا ثلاثة منها فقط، فضلاً عن عدم اهتمام المسؤولين بالأمن المتواجدين عند مدخل هذه المراكز عندما يحتاج أحد المعاقين إلى مساعدة. وروت رشا أيضا حكاية صديقتها التي تحتضن طفلا من ذوي الإعاقة، وتقول إنها تضطر إلى أن تترك ابنها وحيداً في البيت، وتأخذ إخوته إلى المسجد لعدم وجود منزلقات خاصة تساعده على الدخول، مشيرة إلى أن المدارس الأهلية أيضاً تفتقر إلى المنزلقات. وقالت "أنا على استعداد لبناء منزلق في مدرسة ابني على حسابي الخاص، فقط ليحظى ابني بدراسة أتمناها له، ويكتسب لغة لا يمكنه أن يحصل عليها إلا خلال هذه المدارس". أما أمل عبدالعزيز (من ذوي الإعاقة) فقد تمنت أن تحظى بقليل من التقدير، والتسهيل في المجمعات التجارية، أو المطاعم، مشيرة إلى أنها تتنقل على عصاة، وتواجه صعوبة في التنقل في أي معرض تجاري، أو الوقوف للانتظار حتى يأتي دورها للحساب. من جانبها، أوضحت نائب المدير التنفيذي لأبحاث الإعاقة هايدي العسكري أن "هناك قوانين وضعتها الدولة لحماية ذوي الإعاقة من جميع الفئات، منها البرامج التي تسهم في تنمية قدرات المعاق، لتحقيق اندماجه بشكل طبيعي في مختلف نواحي الحياة العامة، ولتقليل الآثار السلبية للإعاقة، وتعزيز مكانه في المجتمع، والتعريف بحقوقه، واحتياجاته، وقدراته، وإسهاماته، والخدمات المتاحة له، وتوعيته بواجباته تجاه نفسه، وبإسهاماته في المجتمع". وأوضحت أن من المواد المنصوص عليها في هذه القوانين التي حددها المجلس الأعلى بالتنسيق مع الجهات المختصة، توفير المواصفات الهندسية والمعمارية الخاصة باحتياجات المعاقين في أماكن التأهيل، والتدريب، والتعليم، والرعاية، والعلاج، وغيرها من الأماكن التي تستعمل لتحقيق أغراض هذا النظام، على أن تقوم كل جهة مختصة بإصدار القرارات التنفيذية اللازمة لذلك". من جهته، أكد المستشار الاجتماعي عضو مؤسس في مجموعة التفاؤل التطوعية الدكتور عبدالله العويرضي، أن هذه الفئة تحتاج فعلاً إلى الاهتمام، حيث تعاني من غياب الحقوق، مبيناً أنه تعجب من عدم وجود منزلقات في جامعة الأمير محمد بن فهد في يوم الإعاقة العالمي خاصة بهم، فضلاً أن التكريم لم يكن بالشكل المطلوب.