تدق ساعة الحقيقة أمام المنتخب الجزائري لكرة القدم اليوم عندما يلاقي نظيره الإنجليزي في كيب تاون ضمن الجولة الثانية للمجموعة الثالثة من نهائيات كأس العالم المقامة حاليا في جنوب أفريقيا. وبعد خسارة الجزائريين المباراة الأولى أمام سلوفينيا، يدرك محاربو الصحراء أن أي تعثر جديد يعني خروجهم خاليي الوفاض, وهم الذين يمنون النفس بتخطي الدور الأول لتأكيد عودتهم اللافتة إلى الساحتين العالمية والقارية بعد ملحمة "أم درمان" التي انتزعوا من خلالها بطاقة التأهل إلى العرس العالمي للمرة الأولى منذ 24 عاما وتحديدا مونديال المكسيك 1986، والثالثة في تاريخهم بعد 1982. الأكيد أن المنتخب الجزائري بحاجة أمام الأنجليز إلى تلك الروح القتالية واللعب الرجولي والمنظم الذي مكنهم من التغلب على المنتخب المصري سيد القارة السمراء في الأعوام الستة الأخيرة، وهو ما أكده أغلب اللاعبين في الأيام الأخيرة من خلال الحماس الكبير الذي دب في نفوسهم في المعسكر التدريبي في مرجيت وفي مقدمتهم القائد الجديد مدافع بوخوم الألماني عنتر يحيى الذي أوضح أن "كل شيء على ما يرام الآن، أظن أننا نسينا الخسارة أمام سلوفينيا وحفظنا الدرس جيدا، الكل مصمم على رفع التحدي أمام الإنجليز". وأضاف "اعتاد العرب على تقديم أفضل العروض أمام المنتخبات الكبرى وتحديدا إنجلترا، فالمغرب أرغمها على التعادل عام 1986 في المكسيك عندما كان أول بلد أفريقي وعربي يتخطى الدور الأول للمونديال، ومصر خسرت بصعوبة صفر-1 في مونديال 1990 في إيطاليا، وأعتقد أننا سنسير على الخطى ذاتها ونحقق أفضل نتيجة ممكنة". تدارك وتحد وتابع "في كرة القدم كل شيء ممكن، نحن ندرك جيدا صعوبة المهمة وثقل المسؤولية الملقاة على عاتقنا، لكننا نعتبر المباراة المقبلة بمثابة فرصة لنا للتدارك مهما كانت قوة المنافس وسمعته الدولية، نحن هنا من أجل العمل والتحضير، وتدارك النقائص حتى نقدم ما هو مطلوب منا, جميع اللاعبين عازمون على التضحية فوق الملعب يوم المباراة". وختم قائلا "سنخلق مشاكل عدة للإنجليز، ولدينا الإمكانيات للقيام بذلك، سنكون طموحين أكثر منهم وهذا ما يمكن أن يرجح كفتنا، لأننا نقدم نتائج رائعة عندما نكون تحت الضغط، سنحاول تكررا ملحمة أم درمان". من جهته، قال المدير الفني رابح سعدان "إن المنتخب الجزائري لم يستهلك كل أوراقه حتى الآن، سنظهر بوجه مختلف في المباراتين المقبلتين، وكل شيء ممكن أن يحدث، كرة القدم لم تعد تعترف بالمنطق وبالعروض الجيدة وعراقة المنتخبات كما كانت الحال في السابق ، تغير مفهوم كرة القدم وباتت المنتخبات المتواضعة والصغيرة أفضل بكثير وتحدث المفاجآت". وأبرز سعدان أنه "وقف على نقاط القوة والضعف في صفوف المنتخب الإنجليزي وسنحاول استغلال الأولى وتفادي الثانية"، مشيرا إلى أن أفضل وسيلة لمواجهة رجال المدرب الإيطالي فابيو كابيلو "هي الدفاع بأكبر عدد من اللاعبين والهجوم بأكبر عدد من اللاعبين أيضا, هذه الخطة أعطت ثمارها والدليل فوز سويسرا على إسبانيا بطلة أوروبا, فمعطيات كرة القدم الحديثة تغيرت بشكل كبير ويجب أن نتماشى معها". وأضاف "كنا الأفضل طيلة مجريات المباراة وخسرنا بسبب جزئيات صغيرة (حالة طرد عبد القادر غزال، وخطأ فادح لحارس المرمى فوزي شاوشي). الآن ليس لدينا شيء نخسره أمام إنجلترا التي تعتبر أحد المنتخبات التي رشحتها شخصيا للفوز باللقب، لكن طموح وإصرار وعزيمة اللاعبين واضح للعيان وستكون لنا كلمة أمام إنجلترا". ويعلق الجزائريون آمالا كبيرة على مواجهة الإنجليز وإن كان أشد المتفائلين في الجزائر لا يتوقع تحقيق نتيجة إيجابية بالنظر إلى الخسارة المخيبة أمام سلوفينيا صفر-1 في المباراة الأولى. وتابع سعدان "صحيح أن جميع الجزائريين لا يزالون تحت وقع صدمة الخسارة أمام سلوفينيا كونها المباراة التي كانوا يرون أن نقاطها الثلاث مضمونة، لكن حظوظنا لا تزال قائمة على الرغم من المهمة الصعبة التي تنتظرنا أمام إنجلتراوالولاياتالمتحدة". إعداد مزدوج وركز سعدان على إعداد اللاعبين نفسيا ومعنويا في الأيام الأخيرة بالإضافة إلى تصحيح الأخطاء التي وقع فيها اللاعبون في المباراة الأولى من الناحية التكتيكية خصوصا العقم الهجومي الذي يلازم المنتخب حيث لم يسجل سوى هدف واحد في المباريات الست الأخيرة, وتحديدا منذ فوزه على ساحل العاج 3/2 في الدور ربع النهائي لنهائيات كأس الأمم الأفريقية في 24 يناير الماضي في كابيندا، علما بأن الهدف الوحيد الذي سجله كان من ركلة جزاء في المباراة الدولية الودية التي تغلب فيها على الإمارات في الخامس من الشهر الحالي, وهو الفوز الوحيد في المباريات الست الأخيرة أيضا. ويتطلع سعدان إلى إعادة الاعتبار إلى الخضر وإلى نفسه من خلال خطة محكمة ومتوازنة بين الخطوط الثلاثة بعد الانتقادات التي وجهت إليه بخصوص تفضيله الخطط الدفاعية عن الهجومية. وأبرز سعدان "عملنا بشكل كبير في اليومين الأخيرين, رصدنا هدفين في التدريبات, التحضير النفسي والمعنوي للاعبين، ثم التحضير التكتيكي والفني، وأعتقد بأننا جاهزون لخوض هذا التحدي وأنه طالب اللاعبين ب"تكرار الأداء الجيد الذي قدموه أمام سلوفينيا لكن بطريقة أفضل". ومن المتوقع أن يلجأ سعدان إلى خطة 4-5-1 لتأمين خط الدفاع وفرض السيطرة في وسط الملعب في ظل تواجد أسماء رنانة في المنتخب الإنجليزي أمثال فرانك لامبارد وستيفن جيرارد وجو كول وجاريث باري. تغييرات وتكتيك وسيحتفظ سعدان برباعي خط الدفاع عنتر يحيى ومجيد بوقرة ورفيق حليش ونذير بلحاج على أن يعهد لقطب دفاع رينجرز الأسكتلندي بوقرة مهمة رقابة نجم مانشستر يونايتد واين روني على اعتبار أنه سبق له اللعب في الدوري الإنجليزي مع تشارلتون. ويملك المنتخب الجزائري أربعة لاعبين يعرفون جيدا الكرة الإنجليزية هم فضلا عن بوقرة، بلحاج وحسان يبدة (بورتسموث) وعدلان قديورة (ولفرهامبتون). وسيشرك سعدان لاعب سوشو الفرنسي رياض بودبوز كلاعب وسط مهاجم ليساند كريم مطمور, ويبدو أن سعدان رضخ للضغط الكبير للشارع الرياضي والمراقبين فاقتنع بضرورة إشراك بودبوز بالنظر إلى سرعته وفنياته التي من الممكن أن تحدث الفارق أمام الإنجليز. وفي حال لعب بودبوز أساسيا فإن ذلك سيكون على حساب مهاجم أيك أثينا اليوناني رفيق جبور الذي قدم أداء باهتا أمام سلوفينيا. وأمام سعدان بدائل عدة بشأن إقحام بودبوز، لكن المرجح أنه سيكون جناحا أيسر مندفعا نحو الهجوم، وذلك للحد من اختراقات أشلي كول واندفاعه نحو الهجوم، فيما سيكون فؤاد قادير على الجهة اليمنى بنزعة هجومية خلافا لما حصل في مواجهة سلوفينيا، على أن يبقى ثنائي الارتكاز في خط الوسط حسان يبدة ومهدي لحسن إلى جانب صانع الألعاب كريم زياني. وسيكون مطمور وحيدا في مواجهة دفاع المنتخب الانجليزي مع مساندة من بودبوز وقادير على مستوى الجناحين وزياني من وسط الملعب, وكان مطمور انتقد ضمنيا مدربه سعدان بعد المباراة الأولى بسبب غياب المساندة الهجومية. ويحوم الشك حول مشاركة شاوشي بسبب الإصابة التي تعرض لها في الحصة التدريبية الثلاثاء الماضي، وسيدخل مكانه حارس مرمى سلافيا صوفيا البلغاري رايس مبولحي وهاب. سمعة الإنجليز في المقابل، ستكون سمعة المنتخب الانجليزي على المحك أمام الجزائر وذلك بعد التعادل المخيب أمام الولاياتالمتحدة 1/1 في الجولة الأولى, وسيكونون مطالبين بتحقيق الفوز تفاديا لأي مفاجأة قد تحصل في الجولة الثالثة الأخيرة خصوصا أنهم سيلاقون سلوفينيا التي ضربت بقوة في الجولة الأولى وتغلبت على ممثل العرب 1/ صفر. وتكتسي مباراة اليوم بأهمية كبيرة لإنجلترا الساعية إلى استعادة هيبتها, لأن سجلها في البطولات العالمية لا يتناسب مع سمعتها كونها مهد اللعبة الأكثر شعبية في العالم ومنها انطلقت القوانين الأولى، وكونها أيضا تضم أعرق الأندية في العالم وعلى رأسها مانشستر يونايتد وليفربول، وجمهور يعشق كرة القدم حتى النخاع، وبطولة من أفضل البطولات في العالم. وعلى الرغم من سيطرته على أغلب فترات المباراة أمام الولاياتالمتحدة، فإن المنتخب الإنجليزي المتوج بلقب عالمي وحيد كان عام 1966، عانى الأمرين لهز شباك الحارس تيم هوارد، كما أن نجمه واين روني لم يظهر بمستواه المعهود الذي ضرب به بقوة مع فريقه طيلة الموسم, كما أن مدرب إنجلترا كابيلو لم يكن موفقا في تبديلاته حيث اضطر إلى القيام بتغيرين اضطراريين، الأول إخراج جيمس ميلنر الذي كان مفاجأة التشكيلة، في الدقيقة 29 لمعاناته في الجهة اليسرى أمام لاندون دونوفان وتلقيه بطاقة صفراء مبكرة، والثاني إصابة قلب الدفاع ليدلي كينج في المحلبين. ويعود إلى صفوف إنجلترا لاعب وسط مانشستر سيتي جاريث باري الذي غاب عن المباراة الأولى بسبب الإصابة، وسيشكل قوة ضاربة في خط الوسط إلى جانب القائد ستيفن جيرارد وفرانك لامبارد. وأعرب روني عن أنه واثق من قدرة فريقه على حصد النقاط الثلاث في مواجهة الجزائر. وقال روني "أنا واثق من أننا سنفوز على الجزائر، وإذا نجحنا في تكرار عرضنا في المباراة الأولى، فإن الدفاع الجزائري سيعاني". وأضاف "كنا نستحق الفوز ضد الولاياتالمتحدة، لكن هذا الأمر لم يتحقق، لم يحصل المنتخب الأمريكي سوى على فرصة واحدة صريحة سجل منها, على أي حال كان المهم ألا نخسر المباراة الأولى، والتعادل ليس نتيجة سيئة". وأكد روني أنه لا يخاف مواجهة أي منتخب في النهائيات الحالية, وقال "بصراحة، لقد شاهدت جميع المباريات حتى الآن، لكنها لم تكن مثيرة، آمل أن تتغير الأمور".