بحزن بالغ، شيع السعوديون أمس، جثمان "سلطان الخير"، كما يحلوا لهم تسميته، إلى مثواه الأخير، في ثرى مقبرة "العود" التاريخية، بجوار والده مؤسس البلاد الملك عبدالعزيز رحمه الله، وإخوانه الملوك سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، ليرقد وسط جمع من سكانها من مواطنين ومسؤولي الدولة. وما إن فرغ مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، من الصلاة على جثمان الفقيد، إلا وتسابقت أيدي إخوانه وأبنائه المشيعين ليحملوه عاليا تعلو أصواتهم بالتكبير والدعاء من باب المسجد إلى "القبر"، يتقدمهم النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، ورفيق درب الراحل أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز. والطريق من المسجد حتى المقبرة التي تبعد عنه نحو 4 كيلو مترات، اكتظ بالناس من محبي "سلطان القلوب"، حتى إن الرياض كادت تكون شبه خالية حيث تواجد كافة سكانها في تلك المساحة "ال4 كيلو مترات ما بين جامع الإمام تركي بن عبدالله والمقبرة، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على "أبي خالد". في داخل المقبرة، لم يتمالك المشيعون أنفسهم، فانهمرت الدموع حتى أسودت الأجفان، وهم يلقون نظرة الوداع على "سلطان الخير والقلوب" وهو ينام في ثيابه البيضاء بمرقده الأخير، إلى جانب زوجته "أم خالد" الأميرة منيرة بنت عبدالعزيز بن مساعد رحمهما الله. وبعد مواراة "سلطان الخير" الثرى، انصهرت عواطف الكبير والصغير، الغني والفقير، في منظومة حب متصلة معلنة بكثير من العفوية عن مكنونات الصدور، معبرة عما تشعر أنه أقل القليل من رد الجميل تجاه من نذر وقته وماله لخدمة وطنه وأمته. ولم تكن تلك المشاعر إلا غيضا من فيض من مشاعر غامرة استطاع "أمير الابتسامة" بنبل مواقفه وشهامته الوارفة، وكرم عطائه أن يجعلها في أفئدة الناس. وردد المشيعون أمس، عبارات مختلفة تعدد وتذكر محاسن الراحل، "أمير الخير"، ورغم تباينها واختلاف كلماتها، إلا أنها اتفقت على مدلول واحد، وهو أن خصاله كانت فطرة سوية، وشمائله أصالة نقية، يذكر اسمه فتستحضر الأذهان مكارم أخلاقه، ومنجزاته في خدمة الإسلام والمسلمين، فهو لم يرحل بل سيبقى في القلوب والأذهان رمزا من رموز هذا الوطن المعطاء. وتعد مقبرة "العود" من أشهر المدافن في البلاد، وتأتي في الشهرة بعد مقبرة "البقيع" في المدينةالمنورة، وكذلك بعد مقبرة "المعلاة" في مكةالمكرمة. وتضم مقبرة "العود" خمسة من ملوك السعودية، وتتوسط العاصمة الرياض.