لحظات مهيبة ومشهد مؤثر وتاريخي شهدته العاصمة الرياض عصر امس حيث تدفقت الجموع من كل حدب وصوب محاولة المشاركة في تشييع فقيد الوطن والأمة العربية والإسلامية "سلطان الخير" صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام رحمه الله . المشهد كان بانورامياً متعدد الزوايا والأبعاد وحاولت "عدسة الرياض" التقاط وتسجيل حركة المشيعين فبعد ان تقدم خادم الحرمين الشريفين ورؤساء الوفود والقادة الصلاة على الفقيد الغالي لوحظ امتلاء ساحات جامع الإمام تركي بالمصلين الذين غصت بهم ساحات الجامع في لحظات تاريخية يعجز القلم عن تجسيدها. الطرقات المؤدية الى المقبرة تشهد اصطفاف الجموع الغفيرة وترجّل المشيعين ارتال من الناس رجالاً ونساء ، اطفالا وشيوخاً توافدوا على الجامع، البعض يستقل سيارته فيما البعض شوهد وهو يسير في الطرقات بحماس كبير سعياً الى اللحاق بركب المصلين والمشيعين للجثمان الى المقبرة. ساحة الجامع الخارجية شهدت هي الأخرى كثافة بشرية في حالة من الحزن الشديد على فقدان الأمير الإنسان الذي لا يفتأ يذكر له الجميع مواقفه النبيلة المعاضدة لهم في المرض وفي الصحة وفي كل الظروف في سخاء لم يعرف لدى غيره. المقيمون هم ايضاً لم يتمالكوا انفسهم وبدت ملامحهم غاية في القتامة والذهول من هول الفاجعة بفقد الأمير المحبوب الذي امتدت مآثره حتى اقاصي الدول والقارات. بعد تأدية الصلاة شهدت الطرق المؤدية الى "مقبرة العود" كثافة مرورية وازدحاماً غير عادي وسعى المرور الذي كان متواجداً منذ الساعات الأولى يوم امس ناشراً الفرق المتعددة لضبط عملية الحركة والسير وبما يكفل انسيابية نقل الجثمان الطاهر للراحل الكبير. مصلون في طريقهم الى مقبرة العود ورغم حالة الاستنفار التي ساحة الجامع شهدت حضوراً من الجنسين شهدتها كافة الفرق من مختلف القطاعات الا ان الكثافة المرورية وتدفق الأفواج المكلومة بفقد الراحل الكبير كانت تتوافد بشكل ضاعف من جهود الفرق المتواجدة وما كان من المتواجدين من الرجال والنساء على اختلاف اعمارهم الا ان اصطفوا على الطرقات المؤدية الى المقبرة في مشهد حزين لإلقاء نظرة وداع اخيرة على "سلطان الخير" . الألسن والأفئدة رغم مغالبتها الحزن العميق لهذا الوداع الا ان الدعوات كانت تتدفق من الألسنة والمهج ودموع أليمة ابت الا ان تنزلق من الآماق لم يستطع اصحابها حبسها في ظل المشاعر التي املاها الموقف الحزين. وحول مقبرة العود التي كانت مسيجة برجالات الأمن الذي اخذوا على عاتقهم ضبط الدخول والخروج بسبب الكثافة المهولة للمشيعين من امراء ووزراء وكبار رجالات الدولة والضيوف والوفود الخارجية حول هذه المقبرة لم يتمالك البعض نفسه وبقي متعلقاً بسياج المقبرة رغبة في القاء نظرة الوداع الأخير. وعقب مواراة الجثمان الطاهر الثرى بدأت قوافل المشيعين بالانصراف بخطى متثاقلة في حالة من الوجوم والحزن الذي كان مبعثه ان "سلطان الخير" غادر دنيانا وسنفتقد ابتسامته العفوية التي تبعث الأمل والتفاؤل في وجه من يلقاه تغمده الله بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته والهم الجميع الصبر والسلوان.