مع صعود نفوذ تنظيم داعش المتشدد عام 2014، دأب مسلحوه على استخدام الطائرات المتوفرة في الأسواق، لتصوير مقاطع دعائية من الجو، قبل أن يطورها لتصبح أداة استطلاعية واستخباراتية لجمع المعلومات الميدانية والقتالية، وقصف الأهداف العسكرية عبر تعبئتها بقنابل متفجرة. إلا أن مراقبين ومحللين تساءلوا عن المصدر الذي يزود الجماعات المتطرفة بمثل هذه الخبرات، خاصة أن المقاتلين الميدانيين، لا يمتلك الكثير منهم الأدوات أو الخبرات التي تؤهلهم لتصنيع مثل هذه الأدوات المتقدمة. ومع تقدم تصنيع مثل هذه الطائرات، يلاحظ المراقب للأحداث في المنطقة، أن جل الجماعات الإرهابية والمتشددة، أصبحت تمتلك ذات التكنولوجيا والأدوات المصنعة للطائرات، خاصة مع تشابه مكوناتها ومظهرها ومسمياتها، وأهدافها التي صنعت من أجلها. تشابه التكتيكات بحسب تقرير لشبكة FOX NEWS الأميركية، فإن المقاطع المرئية التي تصدرها الجماعات المتشددة في سورية والعراق وتظهر استخدامها لطائرات مسيرة دون طيار لشن عمليات عسكرية ضد المهاجمين، لا يمكن التثبت منها، إلا أن مسؤولين عسكريين أميركيين يؤكدون شيئا واحدا، وهو أن جميع الميليشيات المتشددة في المنطقة تمتلك مثل هذه الطائرات، وهي ميليشيا حزب الله في لبنان، وحركة حماس الفلسطينية، وجند الأقصى في سورية، وتنظيم داعش المتطرف، وجبهة فتح الشام الموالية لتنظيم القاعدة، فضلا عن جماعة الحوثي المتمردة في اليمن، في وقت تجتمع كل هذه الجماعات على أنها تتلقى دعما مباشرا وغير مباشر من النظام الإيراني. طائرات الحوثيين ياتي ذلك، في وقت كشفت مصادر مقربة من جماعة الحوثي الانقلابية في اليمن ل«الوطن» في تقارير سابقة، أن الطائرات بدون طيار التي أعلن الحوثيون امتلاكهم وتصنيعهم لها في معرض خاص أقاموه في العاصمة صنعاء، وحضر افتتاحه رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي صالح الصماد، ورئيس حكومة الانقلابيين عبدالعزيز بن حبتور، هي صناعة إيرانية بالكامل، وقد تم تهريبها للجماعة الانقلابية على شكل قطع متفرقة في صناديق، قبل أن يتم تركيبها في اليمن بخبرات إيرانية، فيما تتمركز معامل تركيبها في مدينة الحديدة في بعض المزارع التابعة للدولة، أو للمشايخ والعسكريين الموالين للشرعية. وبحسب المصادر المطلعة فإن إيران تستخدم حيلا لتوريد الأسلحة والصواريخ إلى انقلابيي اليمن، حيث تستخدم تارة المساعدات الغذائية كغطاء للتهريب، وتتحايل على التفتيشات الدولية لتهريب الأسلحة في قوارب صغيرة خوفا من الملاحقة تارة أخرى. وأشارت المصادر إلى أن صناعة هذه الطائرات المختلفة الاستعمالات أكبر مما يتشدق به الحوثيون الذين يدعون صناعتهم لها، متسائلة عن توقيت الإعلان عن هذه الصناعات في اليمن، مشيرة إلى أن أكثر من نسخة لهذه الطائرات تم تصينعها وتتنوع بين الاستطلاع، وبعضها للرصد والتصوير، وبعضها يحمل الصواريخ، في وقت تتكرر عمليات إسقاط الطائرات دون طيار في اليمن بواسطة التحالف العربي أو عناصر الجيش الوطني والمقاومة الشعبية. التسليح الإيراني للميليشيات صدرت تقارير غربية مختصة في الشؤون العسكرية العام الماضي، تؤكد أن النظام الإيراني باع أسلحة لتنظيم داعش المتشدد في محافظة سيناء المصرية. وأظهرت التقارير أسلحة متنوعة بأيدي مقاتلي فرع التنظيم في سيناء، خلال تدريبهم على القنص في أحد المعسكرات بالمحافظة، مشيرة إلى أن النوع الذي ظهر هو من طراز «AM-50». وأكدت التقارير أن مثل هذه الأنواع تزود بها طهران ميليشيا حزب الله في لبنان وقوات النظام السوري، وبعض الميليشيات المتحالفة معها في فلسطين، في وقت تجاهر الميليشيا اللبنانية بالاعتراف بأن تمويلها وتسليحها بشكل كامل من إيران. وفي عام 2015، كشفت مجلة «آي إتش إس جينز» الدولية العسكرية، عن قيام تنظيم حزب الله الإرهابي ببناء مدرج للطائرات دون طيار بطول 670 مترًا وعرض 20 مترًا، غربي الحدود اللبنانية مع سورية، مشيرة إلى أن ذلك المدرج مخصص لطائرات استطلاع من دون طيار من طراز «أبابيل 3» إيرانية الصنع؛ بهدف دعم العمليات القتالية لقوات النظام السوري وإرهاب المعارضين لسياسته من الداخل اللبناني. يأتي ذلك في وقت قالت مجلة «نيوزويك» الأميركية في تقرير لها، إن الأسلحة التي كانت بحوزة داعش في العراق، اُكتشف أن تصنيعها كان بين عامي 2005 و2007 خلال فترة حكومة نوري المالكي المتورطة في سقوط الموصل على يد التنظيم بشكل كبير. خبرات إيران في التصنيع منذ أحداث حرب الخليج الأولى في ثمانينات القرن الماضي، خشيت طهران من الخسائر التي لحقت بها، وعملت على رفد خبراء في تصنيع الصواريخ والأسلحة وتطوير تكنلوجيا تصنيع الطائرات دون طيار Drones. ورغم تشديد العقوبات الغربية على النظام الإيراني وخنق مصادر تمويله، واجه الحرس الثوري في إيران وهو المسؤول الأول عن تصنيع هذه الطائرات، عراقيل لتصنيع هذه التكنولوجيا خاصة من خلال رفدها بصواريخ أرض-جو، بالإضافة إلى برمجتها على التحليق لمسافات أطول، وذلك بسبب تشديد الولاياتالمتحدة من تحذيراتها لحلفائها حول عواقب بيع قطع الغيار والمحركات المصنعة لهذه الطائرات. مواد بدائية ويرى خبراء عسكريون أن إيران رغم تظاهرها بأنها تصنع طائرات مسيرة شبيهة بالطائرات الأميركية، إلا أن المواد والقطع المستخدمة فيها، تمنعها من تطوير تكنولوجيا تشغيلها، باعتبار أن المواد الداخلة في تصنيعها تعتبر بدائية أو مصنعة داخليا، أو مأخوذة من قطع الخردة. وكانت تقارير استخباراتية أميركية، قد وثقت دخول بعض المحركات وقطع الغيار الألمانية على قائمة المشتريات الخارجية للحكومة الإيرانية، حيث تم الكشف عن وثائق تتبع لوزارة الخارجية الأميركية عام 2000، تتعلق بتحذيرات أطلقها دبلوماسيون أميركيون لحلفائهم، تشدد على منع بيع أي قطع أو محركات تدخل في صناعة الطائرات دون طيار إلى إيران. وكانت النيابة العامة الألمانية قد وجهت مؤخرا تهما لشخصين كانا يعكفان على شراء المحركات الألمانية لشحنها إلى إيران من أجل تصنيع الطائرة المسيرة المعروفة ب«أبابيل 3».