لم تكن حفلة فنان العرب محمد عبده في أبها على مسرح قرية المفتاحة أول من أمس في أولى حفلات صيف أبها 2017 مجرد حفلة عادية، خاصة أنها تأتي بعد غياب امتد إلى 10 أعوام كاملة، حيث جاءت من تلك التي توصف بنوعية الوزن الثقيل، فقد أعادت حفلة أبها التعاون مجددا بين فنان العرب والمايسترو الكبير وليد الفايد، وسجل مسرح المفتاحة احتضان 3127 حاضرا بحسب مركز «ماس» للإحصاءات التابع للهيئة العامة للسياحة والتراث، وأدى محمد عبده 18 أغنية على فترتين. وكان معدل أعمار الجمهور من الشباب يتفوق بنسبة تتعدى التسعين بالمئة من الحضور للناظر، وقام الجمهور بالغناء بشكل غير مسبوق مع فنان العرب، مرددين بعض الأغنيات بإبداع وتناغم أكثر مما غناها هو. وقد ساعد التنظيم الجيد للحركة في المفتاحة على إخراج ليلة فنية مكتملة، وسجل هاشتاق الحفل ترندا عالميا خلال الساعات ال4 الأولى له. طوابير الشباب كانت الاستعدادات على قدم وساق لانطلاق أولى الحفلات الغنائية لصيف أبها 2017 في مسرح المفتاحة، لتكون العودة عبر حنجرة فنان العرب محمد عبده بعد غياب استمر عقدا. وتجولت «الوطن» مبكرا في شارع الفن والأماكن المحيطة بمسرح المفتاحة الذي يستضيف الليلة الطربية، ورصدت المشاهد الأولى للجمهور الذي بدأ يتوافد إلى الساحات القريبة منذ الثالثة عصرا، ليتوزعوا على الجلسات الجانبية بشارع الفن بانتظار فتح أبواب المسرح. عند الثامنة والنصف كانت صفوف من الشباب أتوا من مختلف مناطق المملكة تمتد في طوابير طويلة على جميع بوابات المسرح حتى العاشرة مساءً قبل انطلاق الحفل، وسرعان ما اكتظ المسرح بالجمهور قبل اكتمال أعضاء الفرقة الموسيقية وظهور المايسترو وفنان العرب، وكأنها تبعث برسالة توق الناس وحنينهم إلى الفن والطرب والمتعة. ثنائي الدهشة رعشة هدب كانت افتتاحية ليلة المفتاحة 2017 الطربية، بعد أن صفق الجمهور طويلا لعبده والفايد، الثنائي الذي انقطع التعاون بينهما لسنوات لتقرر حفلات صيف أبها عودة الثنائي المبدع من جديد للركض الفني، وإمتاع الجماهير بعبقريتيهما التي طالما صنعت الدهشة. ردد الجمهور مع عبده «دعاني الشوق يالغالي» حتى النهاية وسط تعالي نداءات الجمهور «نحبك يابونورة» ليرد وأنا أحبكم. وليمول أبها على مقام الصبا في مطلع «أنورت سودة عسير بطلعتك» ويرقص الجمهور في أرجاء المسرح، إلا أن عبده ظهر على غير عادته ليعيد بعض الأبيات والمقاطع في الأغنية وليغني بعدها «رماد المصابيح». لتأتي «هيا معي» التي أوقفت جمهور المفتاحة منطلقة من حنجرة عبده لتزيد من رصيد الليلة الفنية الفاتنة، ولتأتي «سايق الخير» التي حضرت لترفع من تفاعل الجمهور الجنوبي مع فنان الليلة الطربية بامتياز عريض. وحين حضرت أغنية «صبيا» لم يبق أحد في مقعده، حيث ضج المسرح بالصفير والتصفيق مرددين مع عبده كامل الأغنية حتى النهاية دون ملل. وعلى الرغم من آثار تقدم العمر التي بدت على ملامح فنان العرب محمد عبده، إلا أن صوته لا زال شابا شديد العذوبة، وجاءت أغنية «صبيا» لتؤكد أن للفن بقية عند عبده، ونادى أبونورة «لا يطول غيابك» في نهاية القسم الأول من الليلة الطربية. كوكتيل الطرب تميز القسم الثاني من السهرة بروح طربية عالية مثلتها مجموعة أغنيات قصت شريطها «رسولي قوم وآخر زيارة»، ومع تجاوز عقرب الساعة الثانية عشرة ليلا صافح عبده الجمهور ب«بنت النور» التي أبدع فيها وكأنه يغنيها لأول مرة معيدا موالها مرتين وسط مطالبة الجمهور بثالثة، معوضا إياهم بموال في وسطها، تاركا المجال للجمهور غناء بعض مقاطعها قبل أن يختتمها ليقف الجمهور مصفقا ومحييا عبده والفايد، ليتقدم الأخير إلى طرف المسرح شاكرا الجمهور بتحية على الرأس. ظهرت بعدها أغنية «أخطيت في حقك»، ثم تلتها بالقرب من الواحدة فجرا أغنية «مذهلة»، ليغنى الجمهور «ظبي الجنوب» وقوفا من أولها حتى نهايتها، قبل أن يطلق عبده إحدى روائعه الوطنية «فوق هام السحب» ويجعل الجمهور يرقص ويقف ويغنيها كاملة حتى غادر عبده المسرح متراجعا إلى الوراء خطوة خطوة متجنبا إعطاء الجمهور ظهره. مشتاق لأبها عبر فنان العرب محمد عبده عن اشتياقه الكبير إلى العودة للغناء في مدينة أبها، ولقاء جماهيره الكبيرة في مسرح المفتاحة الذي وصفه بالأجمل والأروع على مستوى الشرق الأوسط، وقال إن «جمهور أبها وحشوني جدا، فكما هم مشتاقون لي، أنا مشتاق لهم أكثر، وأتمنى أنهم قد سمعوا مني ما يتمنون، وأنهم استمتعوا بهذه الليلة». واصفا «أبها دائما أحلى وأبهى» وهي تحتفي هذا العام بفوزها بلقب عاصمة السياحة العربية 2017، وتقيم من ضمن احتفالاتها بهذا اللقب، مهرجان أبها يجمعنا بحلة مختلفة. وعن مدى استمراريته في إقامة الحفلات خلال السنوات المقبلة، قال عبده «أرجو أن تستمر الليالي الثقافية والفنية ولا تنقطع، فمن خلالها تبدي الجماهير شعورا لحبها لوطنها وإخلاصها لولي أمرها، يبنونه ويترجمونه إلى إحساس وتفاعل وطني وشعور محبة وسلام وانضباط، وأتمنى أن تكون العودة حميدة». معبرا عن أمنيته بتكرار اللقاء قائلا «إن شاء الله يستمر لقاؤنا» و«أنا أحبكم كثيرا». ترند عالمي احتل هاشتاق #محمد عبده-حفلة-أبها صدارة الترند العالمي خلال 4 ساعات فقط، مسجلا أكثر من 11.4 ألف تغريدة، دلالة على نجاح أولى حفلات ليالي أبها الغنائية ضمن مهرجان أبها يجمعنا المواكب لاحتفالات المدينة بلقب عاصمة السياحة العربية، وشهد الهاشتاق مشاركة أهم مشاهير التواصل الاجتماعي في المملكة، معبرين عن سعادتهم البالغة بنجاح الحفلة والأداء الرفيع الذي تجدد به فنان العرب محمد عبده، مؤكدين أن «أبونورة» معين لا ينضب، كما قدم النشطاء شكرهم إلى مجلس التنمية السياحية بمنطقة عسير وشركة روتانا على التنظيم الرائع الذي أظهر الحفلة المنتظرة بشكل فاق التوقعات، وكانت قناتا روتانا خليجية وروتانا موسيقى قد نقلتا الحفل على الهواء مباشرة، وهو الحفل الأول المنقول على الهواء في المملكة منذ فترة طويلة.