وسط حراك روسي كبير لإنجاح مباحثات أستانة المتعلقة بالأزمة السورية، ولإعطاء انطباع بتزايد نفوذها على جميع أطراف الأزمة، بإمكانية تحقيق تقدم ولو حتى على مستوى تثبيت وقف إطلاق النار، واصلت قوات النظام السوري إثر معارك مستمرة منذ حوالي شهر محاصرة منطقة وادي بردى قرب دمشق، والتي تعد خزان المياه المغذي للعاصمة، فيما خرجت الخلافات الروسية – الإيرانية إلى العلن عقب إعلان موسكو عن دعوتها إلى مشاركة الولاياتالمتحدة في المباحثات التي من المقرر أن تبدأ يوم 23 يناير الجاري. وكانت وكالة الإعلام الروسية قد نقلت عن وزير الخارجية سيرجي لافروف قوله أمس، إنه تم توجيه الدعوة إلى الولاياتالمتحدة لحضور المحادثات بشأن الصراع، في الوقت الذي أعلنت فيه طهران على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، عن معارضتها لمشاركة الولاياتالمتحدة في تلك المفاوضات. وفي وقت لاحق، قال مسؤول في وزارة الخارجية القطرية أمس، إنه تم توجيه الدعوة لبلاده للمشاركة في محادثات أستانة. وثيقة عامة نقلت وكالة أنباء "إنترفاكس" الروسية، عن مصدر مقرب من عملية إجراء الاجتماع الذي سيعقد بالعاصمة الكازاخستانية أستانة، أنه من المتوقع أن يتم، خلال المفاوضات، التوقيع على وثيقة، تحمل طابعا عاما، لتثبيت نظام وقف إطلاق النار في جميع أنحاء سورية، ولم يتطرق المصدر إلى أي بند من بنود جدول أعمال اللقاء، حيث أعرب فقط عن توقعاته بأن يتم توسيع نظام وقف إطلاق النار ليشمل كامل أراضي سورية، في حين أكدت مصادر أخرى قريبة من الإعداد للمفاوضات التي ستجرى في العاصمة الكازاخستانية أستانة أن هذا اللقاء يحمل طابعا شكليا محضا، وسيجري الحديث فيه عن الأوضاع السياسية – العسكرية، ولن يتطرق إلى نقاط الخلاف الجوهرية، والأسباب الرئيسية للأزمة السورية. مفاوضات شكلية وصف مراقبون مباحثات أستانة بالشكلية وأنها لا تنطلق من توافقات بقدر ما ترتكز على ضغوط روسية موجهة نحو فصائل المعارضة السورية من جهة، وإلى الولاياتالمتحدة من جهة أخرى. ومن ثم فإن روسيا وتركيا تطمحان لحضور أميركي ولو حتى كجهة مراقبة. كما رأت تقارير أن تصريحات لافروف فيما يتعلق بأن روسيا تدخلت في الوقت المناسب لإنقاذ دمشق، ثم دعوته إلى حضور واشنطن المباحثات، يمثلان رسالة لكل من طهران وحزب الله، إذ إن الشكوك تسيطر على موسكو في ضوء مساعي إيران والحزب لتعطيل مباحثات أستانة، أو تفريغها من مضمونها. وقالت أوساط سياسية ودبلوماسية روسية إن إيران تعمل على خلق مزيد من العراقيل الميدانية لدفع المعارضة السورية المسلحة لمقاطعة مباحثات أستانة من جهة، وعراقيل أخرى ذات طابع سياسي إزاء المشاركين في تلك المباحثات، وبشأن البنود المطروحة على أجندة اللقاء. على الجانب الآخر، وحسب التقارير، فإن قلق طهران يتزايد من محاولات تهميش دورها، الأمر الذي يدفعها لاتخاذ مواقف متشددة للإعلان عن وجودها من جهة، وتطمين نظام دمشق بأنها ستبقى إلى جواره حتى في حال انعقاد صفقات لا تروق له من جهة أخرى. خروقات النظام للهدنة أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 114 شخصا بينهم 30 طفلا و16 امرأة بعد 20 يوما من سريان وقف إطلاق النار في سورية، بحسب الاتفاق الروسي - التركي. وأفاد المرصد في بيان له أمس بأن القتلى سقطوا نتيجة استمرار خروقات النظام لاتفاق الهدنة في عدد من المناطق السورية. من ناحية ثانية، قال المرصد إن مقاتلي تنظيم داعش أعدموا 12 شخصا على الأقل في مدينة تدمر الأثرية التي استعادوا السيطرة عليها من الحكومة في ديسمبر الماضي. يأتي ذلك، فيما أعلنت جبهة فتح الشام مسؤوليتها عن التفجير الانتحاري الذي وقع في دمشق الأسبوع الماضي وأسفر عن مقتل سبعة أشخاص.