أوضح الدكتور سعد عبدالعظيم بيومي، أن التجديد في البلاغة تراوح بين الكلاسيكية واللسانية متطرقا إلى ألوان من البديع والتماثل والتقابل بين البلاغة القديمة والحديثة، جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها في كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أول من أمس، ضمن برنامج (تواصل) الثقافي بعنوان "اتجاهات التجديد في الدرس البلاغي"، وقد تحدث في مستهلها عن التجديد من حيث حتميته وأنّه سنة الحياة. معركة قديمة أوضح بيومي، أنّ الصراع بين القديم والحديث أزلي، وقد بدأ الصراع في هذه القضية على صعيدها اللغوي عند الرواة القدامى الذين طرحوا شعر المحدثين، للحفاظ على الشعر القديم الذي يهمهم في قضية الاستشهاد، مشيرا إلى أن معركة الصراع بين القديم والحديث على الصعيد البلاغي، احتدت في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد كانت الصحف المصرية على وجه الخصوص محلاً لتلك النقاشات حول التجديد كما في مجلتي الرسالة والثقافة، وقد كانت مقالة أحمد أمين "حاجة العلوم العربية للتجديد" أول ما دوّن في هذه القضية، وعرض بيومي، أبرز المؤلفات والمقالات التي عُنيت بالتجديد من القرن الماضي إلى عصرنا الحاضر. ادعاءات باطلة أشار بيومي، إلى أن الدعوات إلى التجديد كانت مبنية على بعض الادعاءات الباطلة والخالية من الصحة، متناولا ادعاء المجددين، الذين يرون أنّ البلاغة العربية بلاغة اللفظ أو الجملة، مؤكدا على تهافت هذا الادعاء، وأنّه لا يمكن أن يصدق ذلك على البلاغة العربية، ومن يدعي ذلك فهو لم يرجع إلا إلى شروح التلخيص؛ لأن التراث حافل بالنظر إلى ما فوق الفقرة أو النص كله كما في علم المناسبة، وعلم المتشابه، والعلوم التي ارتبطت بالبلاغة القرآنية وعُنيت بتبيين العلاقة بين السور، وتناسب المقاطع والمطالع تُثبت تهافت ذلك الادعاء. قسم بيومي، اتجاهات التجديد في البلاغة إلى ثلاثة اتجاهات، الأول: الاتجاه الكلاسيكي الجديد، ويمثله البلاغيون الذين لم يتأثروا بالمناهج العربية، ودعوا إلى تخليص البلاغة مما يثقل كاهلها من التفريعات والتقسيمات التي تقيدها. الثاني: الذين تأثروا بالمناهج اللسانية الحديثة كالأسلوبية والبنائية، وهؤلاء دعوا إلى تنحية البلاغة العربية جانباً والإفادة من اللسانيات الحديثة، الثالث: الذين حاولوا التجديد في بعض مواضيع البلاغة العربية والتصرف فيها بحذف ما لا طائل منه. وقد تناول بيومي، كتاب أمين الخولي "فن القول"، الذي عدّه من الكتب التي مثّلت الاتجاه الكلاسيكي في التجديد، وعرض لتقسيمات الكتاب وما أقامه المؤلف فيها من مقارنة بين البلاغة العربية والبلاغة الغربية، وبين بلاغة الأمس وبلاغة اليوم. وفي الاتجاه الذي يمثله اللسانيون تناول كتاب محمد عبدالمطلب "بناء الأسلوب في شعر الحداثة"، الذي جمع فيه مؤلفه بين التنظير والتطبيق، وقد تطرق فيه لألوان بلاغية كالبديع والتقابل والتماثل، إضافةً إلى ما يتعلق بالإيقاع كالسجع والتصريع والترصيع، وألوان التكرار وبلاغته.