"فاز ترامب، و بذلك كذب المحللون السياسيون ولو صدقوا"، ربما تكون تدوينة أستاذ علم النفس بجامعة طيبة، الدكتور حسن ثاني، هي المعادل الموضوعي بين التغريد والتدوين الساخر والمتباكي، الذي ميز غالبية ردود أفعال المثقفين العرب عبر مواقع التواصل، غداة إعلان نتائج الانتخابات الأميركية، حيث بدا أن "الصدمة" كان وقعها أكثر وضوحا في العالم العربي، والذي يرجعه مراقبون، إلى ما جاء في حملات ترامب الانتخابية التي أظهرتها وسائل إعلام عربية كأنها ضدهم أو هكذا قرئت وفهمت. ولم يجد المثقفون خيرا من الطرح التهكمي الساخر على غرار ما كتبه الدكتور مبارك الخالدي، بعد أن عدد بشكل ساخر ما سماه "مطالب بعض العرب المقدمة لترامب" قائلا "ترامب: يا جماعة الخير أنا رئيس الولاياتالمتحدة، سقاها السيل، ماني رئيس عالمكم العربي، ونسيتوا كلامكم عني". قفلة الخالدي أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة الملك فيصل، لها دلالات عميقة عن الوعي والذهنية العربية، التي تظل تطالب أميركا بفعل كل شئ ، وفي نفس الوقت لا تتردد في نقد أميركا إلى حد شتمها إن فعلت أي شيء. الشاعرة السورية، هالا محمد، نحت نفس المنحى الساخر وهي تقول "على فكرة ترامب ما عندو محاولات شعرية بقصيدة النثر.. عمودي بس" . العالم سيزداد لوثة ولم تتشذ عنها الروائية المصرية، منصورة عز الدين في سخريتها قائلة "التشكيلة الحلوة دي من قادة الدول ناقصها مارين لوبان". فيما أبدت القاصة الكويتية استبرق أحمد قلقها، وكتبت "سيزداد العالم لوثة. .". مثقفون موريتانيون، ابتعدوا إلى حد عن اللغة الساخرة ، فقال الشاعر الشيخ نوح "يجب أن لا تخافوا كثيرا من ترامب، فقد قال "سأكون رئيسا لكل الأمريكيين!". وأظهر مواطنه الباحث عباس برهام المقيم في الولاياتالمتحدة شيئا من الجدية وهو يقول "عُدتُ قبل ساعة من ساحة "كونغرس هوتيل" من قلب المدينة في توسون، ولاية أريزونا، حيثُ اجتمعَ المئات من مترقبِّي نتائج الانتخابات الرئاسية. المدينة ليبرالية "يسارية". والساحة محجوزة للتقدميين "كان هنالك مشجِّعٌ واحد علني، وإن كان هزلياً، لترامب". الكثيرون منهم أتى بثياب النصر وبكؤوس الخمر والجعة للاحتفال. بالنهاية انقلبت الحفلة إلى مأتم. أُعلن انتصارُ الفاشي. وألغيت الحفلة. العشرات أجهشوا بالبكاء. واحدة، باكية، ألقت بخلخالها في الفضاء، الكثيرون تعانقوا وسقطوا. ذلك الشاب الممتلئ، المتأنِّق، ظلّ يبكي مرتجفاً كأنه عصفورٌ مبلّل. البعض أعلن نيّة الارتحال عن البلاد. وبدا أن تواريخ النضال من أجل إلغاء العبودية والاقتراع العام وتصويت المرأة، وحركة الحقوق المدنية، والحركة الرافضة للحرب على فيتنام، والتمييز الإيجابي، والضمان الاجتماعي قد أُلغيّت فجأة. كان مشهداً حزيناً" . وختم بعد أن عقد مقارنة بين ما جرى وبين انتخابات بلاده عام 2009 بقوله "الحزن بالحزن يُذكر. والوشائج بالوشائج تقارن. والقصة آدمية". استياء الشارع الناقد الدكتور سعد البازعي، ظهر جادا، محاولا تحليل سبب فوز ترامب فقال "يؤكد فوز ترمب بالرئاسة الأمريكية أمرين رئيسين: الأول هو استياء الشارع من المؤسسة السياسية التقليدية وإيمانه بفسادها والحاجة إلى تغييرها. وثانيهما انتشار النزعة الانعزالية ذات البعد العنصري. هذان الأمران كانا مدار خطابات ترامب وسبب إعجاب الناس به، وهو جزء من مؤشر غربي يؤكد صعود اليمين على حساب الانفتاح الليبرالي والعقلانية البراغماتية" . فيما أكد الكاتب نواف القديمي، حقيقة ما يمكن وصفه بصدمة النخب العربية حين قال "حتى الآن مو قادر استوعب اللي حصل.. احنا اتخدعنا يارجالة".