يجمع عدد من اخصائي الامراض العقلية والاخصائيين النفسانيين في الولاياتالمتحدةالامريكية، ومنهم بروفيسور هارفرد هوارد غاردنر ، على ان دونالد ترامب الذي يتقدم المرشحين الجمهوريين لرئاسة الولاياتالمتحدة مصاب بداء النرجسية والاضطراب العقلي. هذه الاعتبارات حسب كاتب الموضوع بوبي ازريان في موقع "روستوري" الذي نقلت عنه معظم الصحف الامريكية، تضع ترامب حسب الاخصائيين النفسيين في نفس الفئة التي تضم عددا من الدكتاتوريين سيئي السمعة كمعمر القذافي ونابليون بونابرت وصدام حسين. فهو يقول: "بالرغم من ان هناك نرجسيين أمتعونا وحققوا بعض الابتكارات وانتجوا فنا عظيما، إلا ان النرجسيين عندما توضع في يديهم سلطة واسعة يتحكمون بها في رقاب الناس فيمكن ان يتصرفوا بطريقة مختلفة تماما". وفيما تقترب انتخابات عام 2016 الرئاسية على الأمريكيين ان يسألوا انفسهم اذا تم انتخاب دونالد ترامب رئيسا، هل سيعمل نيابة عن الشعب ليحقق رغباتهم ام سيتصرف كدكتاتور يسكت أي أصوات معارضة له ويرفض أي حلول وسط ويمارس الاضطهاد على بعض المجموعات؟ للإجابة على هذه الأسئلة علينا ان نطرح المزيد من الأسئلة عن ما الذي يجعل النرجسي يفلت من عقاله وكيف يتصرف النرجسيون عندما تكون بيدهم سلطة مطلقة؟ وفقا لتعريف احدى العيادات المتخصصة، فإن اختلال الشخصية النرجسي مرض عقلي يعاني فيه المصاب بشعور مفرط بأهميته، احتياج عميق للإعجاب به وافتقار للشفقة والتعاطف تجاه الاخرين. افتقار ترامب لهذا الشعور العاطفي يمكن ملاحظته بوضوح من خلال مواقفه تجاه قضايا كالهجرة. فبدلا من إدراك ان البيانات المتوفرة توضح ان معظم المهاجرين المكسيكيين ليسوا عدوانيين، وانهم أناس يبحثون عن ملاذ تتوفر فيه فرص الحياة نجده يزعم انهم "مجرمون، تجار مخدرات، مغتصبون.. الى غير ذلك". وبنفس الأسلوب تعهد ترامب بأنه سيحظر دخول جميع المسلمين للولايات المتحدة اذا ما تم انتخابه. يبدو ان افتقاره للشفقة قد دمر قدراته العقلية، فلم يدرك ان اللاجئين الذين يتحدث عنهم يبحثون عن السلامة والامن هروبا من نفس الممسوسين القتلة الذين يريد ان يحافظ على بقائهم. وربما لو كان لترامب أقارب في بلدان كسوريا والعراق لتفهم الخوف الدائم الذي يعيشه معظم الناس هناك، وبالتالي يصبح اكثر استعدادا للترحيب بهم بأذرع مفتوحة بدلا من تركهم يذبحون. لكن الافتقار للشفقة ليس سوى عنصر واحد من عناصر اختلال الشخصية النرجسي. فعلى مسافة قصيرة تحت سطح العجرفة والعنجهية الطافية ترقد طبقة هشة من الغرور سريعة العطب اذا ما تعرضت لأي شكل من النقد. لقد رأينا جميعنا كيف ان ترامب هاجم بطريقة غير عادلة عددا من الناس بطريقة، وفي الغالب موجها انتقادات شخصية، فعندما شعر ان مستضيفته على قناة فوكس نيوز ميجين كيلي وهي جمهورية معتدلة عاملته بطريقة غير عادلة وصفها بأنها "داعرة". حتى نكون منصفين، ليس كل النرجسيين أناسا مرعبين، ذلك ان بعض موسيقيينا وشخصياتنا المحبوبة التي نحتفي بها سبق ان اتهموا بالنرجسية بما في ذلك الفيس بريسلي ومارلون براندو وكاني ويست. من المؤكد ان دونالد ترامب يتقاسم الشبه مع هؤلاء الافراد اكثر مما يكون مع السايكوباثيين المضطربين عقليا كصدام حسين. لكن يوجد اختلاف هام بين أولئك الناس وبين ترامب وصدام حسين، وهو أن الأخيرين تولى احدهما ويبحث الآخر عن تولي منصب رأس الدولة. وهي وظيفة تتيح لصاحبها سلطة هائلة فيما يتعلق بالشؤون الدولية وبحياة الناس. ففي الوقت الذي اتاحت احدى سمات النرجسية لترامب بأن يكون رجل اعمال ناجحا ونجما تلفزيونيا فهي أيضا السمة التي يمكن ان تجعله يتحول كقائد سياسي الى شخصية بالغة الخطورة. ما الذي سيحدث عندما لا يعطي زعيم عالمي آخر متهور لترامب ما يتطلع لما يعتقد انه يستحقه من تقدير واعجاب؟ ويمكننا ان نجزم بأن الدكتاتوريين سيئي السمعة مثل رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ او الزعيم الإيراني خامنئي لن يعطوه أي احترام دعك من امتداحه. كيف سيتصرف ترامب الذي قد يصبح رئيسا لأمريكا عندما يحس بأنه استخف به او تم التقليل من شأنه؟ هل سنرى نشوب الحرب العالمية الثالثة لأن زعيم اهم دولة في العالم لم يشعر بأن الآخرين ينحنون لتقبيل قدمه. ان اضطراب الشخصية النرجسي معروف بأن له تأثيرات سلبية عنيفة على العلاقات مع الآخرين، وعندما يصبح الشخص زعيما عالميا مؤثرا وفاعلا تصبح الدبلوماسية كل شيء. دعونا نرى الى أي مدى تغيرت آراء دونالد ترامب السياسية. فقبل هذا السباق الرئاسي كان معظمنا يرى فيه شخصية كارزمية لطيفة ومسلية بعيدة عن التطرف. عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو مثلا قال ل "سي ان ان": إن ترامب الذي يعرفه والذي تعرفه نيويورك لا يشبهان هذا الشخص الذي يخوض حملة رئاسية ومصاب برهاب الأجانب ولا يطيق أي أحد احتماله. من المعروف ان ترامب كان عضوا منتظما في الحزب الديمقراطي ومؤيدا للقضايا الليبرالية وكان صديقا لعائلة كلينتون. لكنه بعد ان تملكه طموح السلطة أصبح الشخصية الأولى على قائمة اليمين المتطرف. هذا التغير في الشخصية وفي القيم الأساسية يبين بوضوح كيف ان عشق السلطة يستطيع ان يعيد تشكيل النرجسيين. ومع اشتداد السباق تجاه الفوز باختيار الجمهوريين مرشحهم للرئاسة اصبح توق ترمب للصعود الى منصب الرئيس يفوق شعاره المرفوع بجعل "أمريكا عظيمة كما كانت". ان منصب رئيس الولاياتالمتحدة من المناصب التي تتطلب درجة عالية من الإحساس بالاخرين ومستوى معينا من الإنسانية والمحافظة على العلاقات القائمة، والاستعداد لإقامة علاقات جديدة وكلها مواصفات يفتقدها النرجسي. وفي حالة غيابها تأتي المخاطر فهل نحن نريد فعلا جر الأمريكيين وكل العالم الى مخاطر مهولة بوضع شفرة السلاح النووي في يد نرجسي؟