قال مراقبون سياسيون إن منفذي هجمات باريس، مساء أول من أمس، هم من يطلق عليهم "الذئاب المنفردة"، الذين ينتمون للتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش، مشيرين إلى أن هذه التسمية جاءت باعتبار هذه الجماعات بعيدة جغرافيا عن هذه التنظيمات، وأن لديها قدرة على الحركة والهروب من الملاحقات الأمنية. وذكرت تقارير أن التنظيمات المتطرفة لجأت إلى هذا الأسلوب، جراء ملاحقات الشرطة التي تتم من خلال التواصل بين القيادات والمنفذيين. وأشارت إلى أن بدايات مصطلح "الذئاب المنفردة" جاءت في تسعينيات القرن الماضي، بعد استخدامه من المتعصبين الأميركيين، الذين يطالبون بضرورة الهيمنة على الاقتصاد والسياسة في العالم، لافتين إلى أن الذئب المنفرد لا يمتلك أي تواصل شخصي مع المجموعة التي يتعامل معها، ما يجعل من تعقبه، من مسؤولي مكافحة الإرهاب، أمراً بالغ الصعوبة. وأكدت التقارير على خطورة هؤلاء، كونهم يحملون جوازات سفر أميركية وأوروبية وأسترالية وكندية، كما أنهم يقاتلون في صفوف تنظيم داعش في سورية والعراق، ومن ثم فهم لا يحتاجون إلى تأشيرات للسفر إلى الدول الغربية، وبعضهم قد عاد فعلاً إليها، وهؤلاء هم أكثر من تخشاهم الأجهزة الأمنية. من جانبه، قال الخبير الأمني العميد محمود قطري، في تصريحات إلى "الوطن" إن "خطورة ما يعرف بالذئاب المنفردة تكمن في صعوبة مراقبة نشاط الأفراد بصورة متواصلة، حيث يعتبر ذلك أمراً شديد التعقيد، لافتا إلى أن الفكرة تقوم على أساس أن يكون للتنظيم حق مركزية اتخاذ القرار وليس مركزية التنفيذ، وهو ما يترك المجال للأفراد والمجموعات المسلحة التابعة للتنظيم، في كل أنحاء العالم، للارتجال وتطبيق مخططاته بأي طريقة متاحة لهم، ما يعني أن مخاطر تلك التنظيمات الإرهابية تتجاوز الرقعة الجغرافية المحدودة بحيث يصبح أي هدف يمكنها الوصول إليه جزءاً من رقعة التصويب". وأضاف الخبير الأمني حسين حمودة "أسلوب الذئاب المنفردة يمثل تحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية، وزادت خطورته بعد مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي أدي لتغير قواعد العمليات الإرهابية، مما دفع عدداً ممن ينتمون للقاعدة إلى العودة إلى أوطانهم، وتكوين خلايا نائمة، وتنفيذ عمليات إرهابية بصورة منفردة، باستغلال إمكانيات بسيطة، لإحداث ضجة إعلامية، وتحقيق أهداف تخدم التنظيم بصورة أكبر".