قال الدكتور ظافر العجمى، الخبير الكويتى المتخصص فى أمن الخليج العربى، والمدير التنفيذى لمجموعة «مراقبة الخليج»، فى حوار ل«الوطن»، إن «التفجير الذى وقع فى العاصمة الكويتية كان متوقعاً، لا سيما منذ أن بدأت العمليات الإرهابية فى الدمام السعودية»، معتبراً أنه من المتوقع أيضاً أن يقوم «داعش» بأعمال إرهابية فى دول خليجية أخرى. وأوضح «العجمى»، فى حواره الهاتفى مع «الوطن» من الكويت، أن تكتيك تنفيذ العملية الإرهابية فى الكويت اتبع أسلوب الذئب المنفرد، وهو ما يعنى أن منفذ الهجوم واحد أو اثنان، ولم تقم به شبكة إرهابية كبيرة يسهل كشفها. وأشار «العجمى» إلى أنه يجب وضع تصور لكيفية مواجهة تلك العمليات الإرهابية، وإلى نص الحوار: ■ فى ظل ما تشهده المنطقة من صراعات تحاول جرها إلى صراع طائفى.. كيف ترى دلالات الحادث الإرهابى الذى شهدته الكويت، وهى دولة آمنة وغنية وتتمتع بنظام سياسى نشط وحيوى يشارك فيه الجميع؟ - المجتمع الكويتى ليست له ذاكرة طائفية، وما حدث أمر خارج عن سياق ونواميس هذا المجتمع. والطائفية تشكل انحرافاً فى الفكر بكل مجتمع تتسلل إليه، وتصبح خميرة للعنف والفرقة والدمار، لكن ما حدث بالكويت أظهر قوة لحمة المجتمع الكويتى. ولكن بصورة عامة الأعمال الإرهابية ليست جديدة على الكويت، عندما حدثت فى منتصف الثمانينات وطالت رأس الدولة نفسه عندما وقعت محاولة اغتيال الأمير الشيخ جابر الصباح، وفى التسعينات أيضاً وقعت عمليات أخرى خلال الاحتلال العراقى، واليوم تجدّدت العمليات. الخليج يتعاون أمنياً مع مصر.. و«داعش» نتاج منطقتنا بسبب تحالف بعض الدول مع الإرهاب ■ ما طبيعة تلك العملية؟ وما أهدافها؟ - تكتيك تنفيذ العملية الإرهابية فى الكويت اتبع أسلوب الذئب المنفرد «The Lone Wolf»، أى إنه فرد واحد أو اثنان، ولم تقم به شبكة إرهابية كبيرة يسهل كشفها، ولذلك عملية الذئب المنفرد تكون أكثر صعوبة وتكون مفاجئة، وليست كشبكة كاملة يمكن لرجال الأمن أن يتمكنوا منها، وأهدافها متعدّدة، إقليمياً وعالمياً، ولا تنسَ أنها تزامنت مع عمليات أخرى فى فرنسا وتونس. وهدفها تأكيد مقولة الداعشيين، وهى أن دولتهم «باقية وتتمدد»، كما أنها استهدفت الوحدة الوطنية فى الكويت، لكنها فشلت تماماً فى ذلك، بل إنها أدت إلى العكس تماماً، وهو ما لمسناه من تكاتف الناس وازدحام طوابير التبرّع بالدم. ■ كيف ترى هذا التزامن بين العمليات الثلاث؟ ولماذا استهدفت إحداها الخليج؟ - التزامن فى العمليات الإرهابية نقل الأحداث من الإدارة بالغموض إلى الحرب المفتوحة، بمعنى أن العمل الإرهابى لم يعد يختبئ، بل أصبح يعلن عن نفسه بوضوح ويشن حرباً فى عدة مناطق ويتحدى العالم، وإرهاب «داعش» نوع جديد من الإرهاب أو ما يمكن تسميته إرهاب ما بعد «القاعدة». ولذلك فإن مواجهة الإرهاب بالأساليب القديمة يجب تجاوزه، فهناك ربط وتخطيط فى العمليات الإرهابية، والانتقال من عملية العشوائية إلى إدارة التوحّش، وتحقيق رسالة «نتمدد». ■ لماذا استهدفت الكويت؟ - هم يدّعون أن لديهم ما يُسمى قطاع نجد، ويتوسّعون بعد ظهورهم فى الدمام، وانتقلوا إلى الكويت، وسيسيرون فى نهج استهداف دول خليجية أخرى، وسبب استهدافهم الكويت هو أن الكويت أعلنت الحرب على «داعش» منذ أن أصبحت ضمن التحالف الدولى ضد تنظيم «داعش». ■ أكدت أن الحادث ليس طائفياً، وأنه مستورد من الخارج، لكن هل يمكن أن يعزز الطائفية؟ - هناك سقف عالٍ للحرية فى الكويت والمناكفات والجدل لم يصل إلى القتل والصراع، ووجود هذا السقف العالى من الحرية حيّد الصراع الطائفى، وفى الكويت لا يوجد تكميم أفواه يمكن أن يؤدى إلى العنف. ونحن لن نتجرّع هذا الخطر، ولن يتم حقن المجتمع الكويتى بهذا الصراع، ولدينا الجبهة الداخلية الكويتية قوية، وربما ما حدث هو نوع من إعطاء جرعة القلق الإيجابية التى زادت تماسك المجتمع، وظهر ذلك فى عدة مشاهد، وما يجعلنى مطمئناً هو أن سقف الحرية العالى فى الكويت فتح المجال للحوار بين جميع أطياف المجتمع، وهى كلها شواهد تدل على أن ما حدث مستورد من الخارج. ■ كيف يمكن مواجهة الإرهاب فى الخليج والكويت تحديداً؟ - الكل يتحدث عن تجفيف منابع دعم الإرهاب، وهى إيحاءات مبطنة بأن الخليج به من يدعم الإرهابيين ويمولهم، لكن هذا ليس الحل الحقيقى، فالإرهاب لن يعجز عن إيجاد من يموله، لكننى أرى أنه يجب إقامة تحالف دولى صلب يختلف عن التحالف الحالى الذى قام لأغراض سياسية وليس لهدف القضاء على «داعش»، فعلى سبيل المثال الحملة الدولية على يوغوسلافيا لم تأخذ كل هذا الوقت ونجحت، لكن التحالف الحالى به عملية انتقاء للأهداف. وخليجياً، نجد أن الكويت جزء من دول مجلس التعاون، التى بينها الاتفاقية الأمنية الخليجية، وهى آلية للعمل وتعزيز التعاون الخليجى فى المجال الأمنى والأهم ألا تقلل الحريات ولا تحدث عسكرة للأوضاع. ■ كيف ترى دور مصر فى دعم دول الخليج والتكاتف فى حرب الإرهاب بعد هذا الحادث؟ - التعاون بيننا قائم، ومصر والخليج بينهما اتفاقيات قديمة ومتأصلة، مصر نفسها تعانى من الجماعات الإرهابية ولديها خبرة قوية، وهناك تعاون أمنى بين مصر والخليج فى تبادل المعلومات الاستخباراتية وغيرها. ■ هل هناك من يقف وراء «داعش» فى هذا العمل الإرهابى؟ - لا أؤمن بنظرية المؤامرة التقليدية، لكن «داعش» نتاج منطقتنا نفسها، وهناك تحالفات مرحلية بين «داعش» وبعض الدول الإقليمية، لكنها ليست الأساس. وللأسف «داعش» نتاج أرضنا الطيبة.