رغم تأكيد بعض الناقد أن الكثير من الشعراء العرب لا يفرقون بين قصيدة "الهايكو" اليابانية وبين القصيدة العربية المعروفة والومضة الشعرية والخاطرة أو المقطوعة الوصفية، اتجه شعراء عرب خصوصا من الشباب إلى كتابة ما يشبه ذلك النوع من الشعر الياباني الأصيل في بلده الذي يوصف بأنه قصيدة "اللحظة"، حتى أصبح لهذه القصيدة ناد خاص تحت اسم "نادي الهايكو العربي" فما الذي دفعهم إلى ذلك ؟ وهل ضاقت مدارس النثر والشعر الحر، المتمردة على القوافي في تلبية حاجات الشعراء..؟ ولماذا يتم تعريب الهايكو الياباني، وهل ينتمي للشعر أم مجرد خاطرة، وتسجيل لمشهد في بضع كلمات..؟ 1- أكثر تحررا من القيود "الهايكو قصيدة اللحظة.. التقاط المشهد الذي لا ينتبه إليه العابرون.. وعندما يقرؤون النص تصيبهم الدهشة!"، الهايكو تجد فيه كل شيء ولكنك تجد فيه روحك أولا! في عصرنا الحديث، نجد أن الهايكو أصبح أكثر تحررا من القيود، فقد حاول شعراؤه الهروب للحلم من واقع اغترابي فغدت الهايكو تجسد الحقيقة في محاولة لإزالة الصور النمطية، ودللت عليه بقصيدتي: "أرى ما لا يَراهُ سِوايْ" أرى قمرا وألفَ نايْ فتنكِرُني يدايْ أرى ما لنْ تَرى !!" إن سبب الانجراف الحقيقي للهايكو هو الفلسفة العميقة التي تختفي خلف النص، وقصر النص وسهولة حفظه وتذكره، ولا يمكن الاستغناء عن الإيقاع في الهايكو فأقترح ثلاث طرق له: أولا طريقة الشعر الموزون على وحدة التفعيلة مع الحفاظ على الشكل التقليدي للهايكو. ثانيا طريقة المزج بين بحور الشعر الموزون والإيقاعات المختلفة، بحيث يكون كل سطر بتفعيلات مختلفة عن السطر الذي يليه. ثالثا طريقة قصيدة النثر بالاعتماد على الموسيقى الداخلية للغة المستخدمة محمود الرجبي مؤسس نادي الهايكو العربي 2- أدباء يخلطون بينها وبين أشكال أخرى "قمتُ بنحت كلمة الهكيدة من خلال الدمج بين كلمة القصيدة في العربية وكلمة هايكو في اليابانية، للتأكيد على ضرورة وجود توجه عربي في كتابة قصيدة الهايكو بعيدا عن التقليد، وذلك من خلال تطبيع روح القصيدة على الثقافة العربية بوجه عام وعلى الشعر العربي بوجه خاص. وكلمة الهكيدة يمكن منها اشتقاق كل الصيغ كما في فن القصيد والقصيدة. والهايكو شقت طريقها إلى اللغة العربية منذ عشرات السنين، وازدهرت في الفترة الأخيرة على الفيسبوك. ومن مشكلات "الهايكو" استيراد نوع أدبي جديد لابد أن يكون لضرورة ثقافية وإبداعية، وأن يلبي هذا النوع حاجة فنية ليست موجودة في أدبنا. ولكن الواقع يقول إن الكثيرين من الشعراء العرب لا يفرقون بين الهكيدة وأنواع الشعر الأخرى. جمال الجزيري أكاديمي مصري 3- خارج المركز ليس تمردا ما هو كائن في وعينا من إبداع أسسته الثقافة العربية عبر مسافة زمنية طويلة يشهد لهذه الثقافة بقدرتها على بلوغ المنطقة الأحلى في جماليات الكتابة، ولن أصنف هنا ما طرأ من مكونات جديدة على واقع الإبداع حصرا من إضافات نوعية. والمبدع بحاجة دائما إلى مناطق غير مسبوقة، ليحس أنه حقق فرادته في العالم: كيف أحقق وجودي ذاتا مفارقة إذا لم أتمكن من مجاراة العالم إبداعيا، لا بأس أن نخرج على النمط، ونؤهل مرايانا لرؤيا جديدة، أفترض أنها تأخذنا في رحلة إلى عالم خارج المتون، خارج المركز ليس تمردا عليه، إنه وسيلة لإحساسي بضرورة اكتمالي". عبد الستار البدراني ناقد عراقي 4- أشكال مبتكرة ونظرة جديدة للشرق يحمل شيوع كتابة الهايكو في شعرنا المعاصر دلالتين: هما علامة صحة في المجمل والمحصلة، أولاهما: مواصلة الشعراء الحداثيين العرب بحثهم عن أشكال مبتكرة وكيفيات جديدة للمحتوى الشعري، ومحاولة اجتراح طرق جديدة لتخليص قصيدة الحداثة "الوزنية والنثرية" من رتابتها وتقليديتها، وثانيهما: البحث عن مراجع ومؤثرات مغايرة لما ألف الشعراء احتذاءه في تجاربهم السائدة والالتفات إلى الشرق وتحديدا لتجارب اليابان بماضيها الفكري والفني. الدكتور حاتم الصكر 5- تقليد وترجمة غير مجديين إبداعيا أولا: برأيي لا ضرورة تتطلب ابتكار نمط مواز لهذا الشكل الياباني في العربية، فوحدة الوزن العربية هي التفعيلة لا المقطع، كما أن إعطاء اللحظة الجمالية طابعا مميزا يعاكس تنميط الأشكال وينسجم مع جعل الشكل مفتوحا، مع الحفاظ على شكل أقصر يجسد لحظة الحدس المباشر والقصيدة المعتادة والومضة الشعرية والخاطرة والمقطوعة الوصفية. ثانيا: الكثير من الشعراء يتبنون البنية الحرفية للهايكو حرفيا ترجمة لقصائد أجنبية، فلا يلتزمون ببنية الجملة العربية. ثالثا: الاعتماد على قيام القارئ بفك شفرة النص وترتيب وحداته اللغوية ينم عن فشل الكثير من الشعراء في تطبيع الهايكو على الثقافة العربية. محمد الأسعد