في الوقت الذي أعلنت فيه مصلحة الإحصاءات العامة أن عدد العاطلين عن العمل بلغ 629 ألف سعودي خلال العام الماضي، خالفت جهات أخرى ما ذكرته المصلحة حول الأرقام. وأوضحت المصلحة أن تعداد القوى العاملة الوطنية في المملكة بلغ ما يصل إلى 5.26 ملايين سعودي، ويصل عدد العاطلين عن العمل إلى 629 ألف سعودي عاطل عن العمل، وبحسب تقديرات مصلحة الإحصاءات فإن نسبة البطالة في المملكة تصل إلى 12%. فيما أكدت وزارة العمل عن طريق برنامج "حافز" أن عدد الباحثين الجادين عن العمل بلغ 1.9 مليون شخص، 20% منهم جامعيون أي أن نسبة البطالة بحسب "حافز" تصل إلى 36%. وبعيدا عن الإقليمية فإن صندوق النقد الدولي أكد في تقاريره أن 50% من السكان في المملكة هم ما دون ال25 سنة؛ الأمر الذي يجعل خلق وتوفير الوظائف في المملكة تحديا حقيقا خلال السنوات المقبلة. ووسط تضارب الإحصاءات بين الجهات المعنية حول معدلات البطالة في المملكة يرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله باعشن، في حديثه ل"الوطن" أن المؤشرات الإحصائية في الدول النامية لا يمكن الاعتماد عليها، لأنه ليس هناك من يعي أن الإحصاءات هي ضمن أهم الوسائل لاتخاذ القرارات. وأضاف: "نجد أن الاقتصادات العالمية تحرص على إصدار الإحصاءات بشكل منتظم في ظل وجود المزيد من الدعم للأساليب والقدرات الإحصائية، ودول الشرق الأوسط تفتقر إلى هذه الآلية التي هي من أهم المعايير والأسباب التي تعطي لصاحب القرار التوجهات الصحيحة"، مبينا أن هناك تضاربا بين الأجهزة ذات العلاقة كما أشارت الإحصائية الصادرة من مصلحة الإحصاءات و"حافز" ومن المفترض أن يكون هناك تنسيق فيما بينهم. وطالب الخبير الاقتصادي بضرورة محاصرة البطالة، لافتا إلى أن البطالة في المملكة أتت نتيجة خلل في استخدام الموارد البشرية. وأوضح باعشن أنه في السابق "كان هناك عدد قليل من الموارد البشرية في المملكة، والقطاع الحكومي كان يستوعب هذه الأعداد وبالتالي تولدت ثقافة التوجه إلى القطاع الحكومي، ونتيجة النمو السكاني وقدوم الكثير من المواطنين إلى المناطق الرئيسة أدى ذلك إلى عملية خلل في هيكلة التوظيف، وبالتالي خلل في سوق العمل، مما استوجب ضرورة إيجاد الحلول المناسبة لتوظيف هذه الموارد البشرية، منوها إلى أن سوق العمل حاليا يشهد خللا في تطبيق استراتيجية التوظيف التي وضعتها وزارة العمل، نتيجة اصطدامها بجشع التجار وأصحاب الأعمال، الذين اعتادوا على العمالة الرخيصة، وأيضا لعدم توافر البيئة المناسبة في بعض أماكن العمل، إضافة إلى ضرورة التوافق ما بين مخرجات التعليم وبين متطلبات سوق العمل، مشيرا إلى أن مجمل هذه الإجراءات بحاجة إلى وضع البنية الأساسية لضمان استمراريتها. من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح الشلهوب، أن البطالة من القضايا التي تؤرق الاقتصادات العالمية، ومن الصعب حلها بصورة جذرية، مضيفا في تصريحه ل"الوطن"، أن العمل الحكومي الخيار الأكثر جاذبية للأفراد في دول الخليج "نظرا للحاجة الماسة للجهات الحكومية لاستيعاب احتياجات الأفراد، خاصة مع المتغيرات الجذرية في البلاد بعد مرحلة الطفرة الأولى، ومن ثم ترك الكثير من المواطنين أعمالهم ومهن آبائهم وأسرهم وتفاعلوا مع هذا الاحتياج الذي يقدم امتيازات أفضل ودخلا جيدا، إضافة إلى الأمان الوظيفي. وتابع: "عندما تضاعفت أعداد المواطنين أصبح من الصعب توفير فرص كافية من الوظائف، ومن ثم أصبح من المتعين توفير الفرص من خلال القطاع الخاص الذي اعتاد على فرص أكثر مرونة في التوظيف لغير المواطنين الذين يعملون بتكلفة أقل، والكثير منهم مهيأ للعمل في القطاع الخاص". وطالب الشلهوب بتحديد شريحة الوظائف المناسبة للمواطنين، والحد من توظيف الأجانب بها، وتوفير التدريب المناسب، ووضع حد أعلى لبقاء الأجانب في سوق العمل للحد من التستر التجاري".