تضاربت البيانات والإحصاءات حول النسبة الحقيقية لمعدلات البطالة في المملكة , ويرى اقتصاديون أن غياب الشفافية و التظاهرة أمام المسئول وعدم التنسيق بين الجهات ذات العلاقة أدت الى تخبط حقيقي لدى الوزارات والهيئات المعنية ، من جانبه قال المحلل الاقتصادي وأستاذ إدارة الأعمال الدولية الدكتور محمد بن دليم القحطاني أن التظاهرة أمام المسئول وغياب الشفافية تعد اهم المشاكل في عدم ايجاد رقم حقيقي للبطالة في المملكة ، وأضاف القحطاني: إن من الاسباب في تخبطات البيانات حول البطالة تكمن في غياب النظام الحاسوبي الدقيق الذي يجرد حجم البطالة الفعلي , وغياب التنسيق بين الجهات اضافة الى تهميش دور الجامعات في هذه المسألة ، وعن حل مشكلة البطالة قال: إنه لا بد من الاعتراف الحقيقي من كافة الأطراف سواء كان حكوميا أو خاصا أو مجتمعا بهذه المشكلة , والإيمان بضرورة حل مشكلة البطالة حلاً منطقياً يتوافق مع الظروف الحالية ، وأشار القحطاني إلى ان هناك لبسا بين البطالة الرسمية والبطالة الفعلية , فالبطالة الرسمية تتجاوز 20 بالمائة ذكورا وإناثا , اما البطالة الفعلية فتتجاوز 35 بالمائة موضحاً ان البطالة الفعلية تشمل البطالة الرسمية ومستفيدي حافز وموظفي الشركات توظيف صوري . تضارب في الأرقام وفي نفس السياق أكد الخبير الاقتصادي عبدالحميد العمري بأن مسئولية النسب والأرقام تختص في المقام الأول بمصلحة الإحصاءات العامة وماتقول به وزارة العمل وبرنامج حافز ناتج عن المسح الذي تقوم به وهذا ما تسبب في تضارب في الأرقام لدى المتلقي ، ونوه العمري إلى ضرورة تحديد الجهة المسئولية والتي من المفترض أن تكون مصلحة الإحصاءات العامة كونها الأشمل والأدق في ذكر كافة البيانات الرسمية والإحصاءات نظراً لعمليات التحديث الشهرية التي تقوم بها المصلحة إضافة لكونها جهة محايدة وتعمل بشكل شامل ، وأشار العمري إلى حدوث العديد من التضارب في الأرقام خاصة في مسألة العاطلين عن العمل ونسب السعودة فهناك تقارير تشير إلى ارتفاع نسب السعودة وتوطين الوظائف حيث بلغت نسبة العاملين في القطاع الخاص مايقارب من 40 بالمائة وبينت تلك التقارير إلى انخفاض الأيدي العاملة الأجنبية إلى 6.9 مليون وافد في المقابل نجد بأن أعداد التأشيرات الممنوحة والمستقدمة للمملكة وصلت إلى 8 ملايين وافد مما يشير إلى عدم وضوح الصورة الحقيقية للوضع الراهن وتضارب في الأرقام وعدوم جدواها ، وطالب العمري بضرورة تفعيل «المرصد الوطني لسوق العمل» والذي قامت وزارة العمل على تأسيسية منذ وقت سابق لمعرفة الأرقام الحقيقة تمهيداً لوضع خطط واضحة لحل أزمة البطالة والتي أصبحت هاجساً وطنياً ولا يجب التعامل معها على أنها أزمة عابرة . وعن الحلول الجذرية لأزمة البطالة قال العمري المشكلة: إن وزارة العمل تعمد على حل أزمة البطالة بالتلاعب بالأرقام عن طريق دفع الباحثين عن العمل للعمل في قطاعات لا تنعكس بالشكل الإيجابي سواء على الفرد أو حتى على الوطن وذلك بطرح أعداد كبيرة من الوظائف الدنيا والتغاضي عن أعداد هائلة من الوظائف المتوسطة والتي توفر للباحث عن العمل الحياة الكريمة . مضيفاً إلى أن الوزارة عمدت في أغلب تقاريرها على بيانات برنامج حافز والذي استبعد أعدادا كبيرة بسبب عدم مطابقتهم للاشتراطات الخاصة بالبرنامج مما خفض أرقام العاطلين عن العمل خلال المرحلة الماضية ، وأشار إلى أنه من المفترض على الوزارة طرح الوظائف المتوسطة والتي تنعكس على المواطن بالحياة الكريمة ويعود مردودها بشكل إيجابي . أحد الاسباب لتضارب البيانات الاحصائية الاجتهاد الفردي من كل جهة وغياب العمل الجماعي بينهم وافتقارنا لوجود إستراتيجية وطنية شاملة تشترك فيها جميع الوزارات المختصة لمعالجة قضية غياب الإحصائيات الدقيقة الكاملة والتي من المفترض أن تصدر من جهة رسمية واحدة تخبط حقيقي من جانبه قال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين: ان تضارب البيانات والإحصائيات تدل على تخبط حقيقي لدى الوزارات والهيئات المعنية؛ وهذا أمر مقلق للغاية ؛ ويجب ألا يمر مرور الكرام. فالثقة في البيانات الحكومية باتت مهزوزة بسبب هذا التضارب الصارخ ، وتساءل البوعينين: «كيف يمكن لولي الأمر أن يتأكد من فاعلية خطط القضاء على البطالة في الوقت الذي لا تستطيع الجهات المعنية توفير نسبة البطالة بدقة؟, وأضاف: «كيف يمكن لمتخذ القرار اتخاذ القرار الصحيح طالما أن البيانات التي يعتمد عليها غير دقيقة؟». موضحاً أن هناك مشاكل حقيقية في الإدارة وهذا ما يزيد من مشكلة البطالة بدلا من حلها ، وعن ارتفاع نسب البطالة قال البوعينين: ان السبب الرئيس هو عدم وجود برامج مناسبة تتمكن من القضاء عليها؛ وعدم التوسع في قطاعات الإنتاج وبما يخلق مزيدا من الوظائف ؛ وعدم تحمل القطاع الخاص مسؤولياته في التوظيف ؛ وتجاهل أهمية الإحلال المباشر للسعوديين؛ إضافة إلى استمرارية السماح بالاستقدام وإغراق السوق بالعمالة الرخيصة ، وأضاف البوعينين بأن لدى وزارة العمل قاعدة بيانات متكاملة لطالبي العمل السعوديين؛ ولديها قاعدة بيانات بالوظائف المشغولة بالأجانب؛ ومن هنا يجب أن تقوم وزارة العمل بتطبيق برنامج إحلال السعوديين بدلاً من الأجانب؛ وأن تركز على الوظائف العليا؛ والوسطى؛ الجاذبة للسعوديين. الحكومة مطالبة بفتح قطاعات إنتاج جديدة مستفيدة من فوائضها المالية وبما يحقق لها الربحية وخلق الوظائف والأمان لاستثماراتها والتنمية للبلد. ومطالبة أيضاً بربط العقود الحكومية الضخمة بعدد الوظائف التي يمكن توفيرها من قبل الشركات والمقاولين الفائزين بالعقود الحكومية. إضافة إلى تحفيز القطاع الخاص في التوسع وبما يساعد على خلق وظائف جديدة؛ ودعم قطاع الصناعات التحويلية الأكثر خلقاً للوظائف؛ ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتحفيزها؛ وأخيراً خفض العمالة في البلد بما لا يقل عن 30 بالمائة ، وبين البوعينين أنه لا يمكن إعطاء رأي صريح فيما اذا كانت برامج الوزارة أسهمت في خفض نسبة البطالة ؛ فالبيانات الرسمية المرتبطة بالبطالة متضاربة, فما تصدره الإحصاءات العامة مختلف عما تصدره وزارة العمل ولا يتوافق أيضاً مع بيانات حافز؛ ومن هنا أصبح الأمر معقدا ومقلقا في الوقت نفسه؛ فجزء مهم من معالجة البطالة هو توفير البيانات الدقيقة التي تكشف لنا بوضوح نتائج البرامج المطبقة من قبل وزارة العمل؛ والجهود الحكومية الموجهة للقضاء على البطالة . عائق رئيسي من جهته قال المختص بالموارد البشرية خالد الشنيبر بأن تضارب البيانات الإحصائية وغياب الإحصائيات الدقيقة الكاملة عائق رئيسي لمعالجة مشكلة البطالة ، والمشكلة تكمن بأن العديد من الجهات ما زالت لا تدرك بأن البيانات الإحصائية هي أساس التنمية والتي تعتمد عليها الدول عند توزيع مواردها وعند معالجتها لقضايا المجتمع ، مضيفاً بأن أحد الأسباب لتضارب البيانات الإحصائية الاجتهاد الفردي من كل جهة وغياب العمل الجماعي بينهم وافتقارنا لوجود استراتيجية وطنية شاملة تشترك فيها جميع الوزارات المختصة لمعالجة قضية غياب الإحصائيات الدقيقة الكاملة والتي من المفترض أن تصدر من جهة رسمية واحدة ، وأضاف الشنيبر بأن أولى الحلول المنطقية لازمة البطالة الاعتراف بوجود بطالة حقيقية والتفرقة بين انواع البطالة هي البداية لحل أزمة البطالة، والسبب الرئيسي للبطالة في الاقتصاد السعودي هو هيكلة سوق العمل الذي يحتاج لاعادة هيكلته بالكامل لاعتماده على فئة معينة من العاملين (الاجانب) في اغلب الوظائف الموجودة فيه وافتقاره لفرص الوظائف التي يمكن للمرأة العمل فيها، وبإعادة هيكلة سوق العمل وتوسيع القاعدة الوظيفية فيه خصوصا في القطاع الخاص الذي يفتقر لحوافز تجذب العاطلين من ابناء الوطن للعمل فيه سيتم بسهولة توفير فرص وظيفية للعديد من ابناء الوطن وتخفيض معدلات البطالة ، وقال المختص بالموارد البشرية: يمكن تلخيص الحلول المنطقية لأزمة البطالة على النحو التالي : وجود احصائيات دقيقة عن نسب البطالة ومخرجات التعليم وتصنيف الوظائف , اعادة هيكلة سوق العمل تدريجيا ووضع اهداف على المديين القصير والبعيد , اعادة هيكلة مخرجات التعليم بجميع مراحلها , تطوير الايدي العاملة الحالية ببرامج مختلفة تشترك فيها وزارة العمل واصحاب العمل ودعم عملية التعليم المستمر لمن هم دون الثانوية العامة. إضافة إلى تحفيز ملاك القطاع الخاص بما انهم شركاء في التنمية بحوافز متعددة لزيادة نسبة السعودة في منشآتهم وليس بفرض برامج متتالية قد تضر العديد منهم و الاحلال التدريجي لبعض الوظائف الموجودة في سوق العمل الحالي والتي نمتلك للعديد من المؤهلين والمؤهلات من ابناء الوطن لشغرها وحصر استقدام العمالة الوافدة على مهن معينة و تطوير دور مكاتب العمل في المناطق و تشجيع العمل الحر ودعم اصحابه للتوسع وليس تعقيدهم وأخيراً اعادة النظر في سن التقاعد المبكر للجنسين ، مشيراً إلى أن ارتفاع نسب البطالة بشكل مستمر والتي يعلن عليها من فترة لفترة ليست مقياسا اساسيا لاننا مازلنا لانمتلك البيانات الاحصائية الدقيقة حول ازمة ومعدلات البطالة، ولكن الملاحظ ان بعض القرارات التي ادخلت على سوق العمل مؤخرا وغياب التعاون في بعض القرارات من اصحاب الاعمال ومن وزارة العمل اضرت سلبيا على سوق العمل وادت الى خسارته للعديد من الفرص الوظيفية التي نحتاجها في الوقت الحالي وبسببها ترتفع معدلات البطالة .