البداية في عام 1402 بسيول مدمرة، اقتلعت معظم جسور وأنفاق عقبة ضلع، والنهاية قبل أيام بحوادث قاتلة وانهيارات صخرية، وبينهما 33 عاماً ضمت صوراً من المعاناة، ما بين حوادث بالجملة تارة، والغرق وشبح الأمطار تارة أخرى، ولذلك لم تعد "ضلع" مشتى أهالي عسير المفضل، بل أصبحت شبحاً يهدد حياتهم، في ظل تجاهل وزارة النقل لازدواجها، أو تنفيذ طريق رديف، ومع ذلك لا خيار لهم، إلا أن يسلكوا طريقها، على اعتباره الشريان شبه الوحيد الذي يربط منطقة عسيربجازانوجدة، ويعد المنفذ الأبرز والأهم على ساحل المنطقة البحري. معاناة ثلث قرن المواطن بندر آل مفرح "من أهالي مدينة أبها"، أكد أن عدد ضحايا عقبة ضلع يدق ناقوس الخطر، ومن الأهمية بمكان أن تضطلع وزارة النقل بمسؤولياتها كاملة، لطي معاناة قرابة 33 عاماً، لتعمل على ازدواج كامل الطريق، والعمل على إيجاد طريق رديف، بهدف تخفيف الضغط على طريق العقبة، مشيرا إلى أن عسير بموقعها الجغرافي والحدودي وبتضاريسها وبسكانها وبمساحتها، تستحق أن يلتفت إليها وأن ينتهى من مشاريعها دون مماطلة. ويضيف آل مفرح: إن عقبة ضلع لا تعدو كونها أنموذجا لما تعانيه المنطقة من ضعف مشاريع الطرق، فيبدو أن تضاريس منطقة عسير الصعبة قد تكون خارج حسابات وزارة النقل، سواء فيما يتعلق بعقبة ضلع أو غيرها، بدليل أنه لا يوجد في المنطقة طريق سريع واحد، يربطها بغيرها من المناطق، في دلالة على غياب المشروعات النوعية عنها، في حين أن مواسم الصيف، كانت كفيلة بكشف حاجة المنطقة إلى المزيد من المشروعات، وتحديداً طريق السودة الذي تعثر العمل به منذ سنوات، وطريق الحبلة، وكذلك الطرق المؤدية إلى متنزه الأمير سلطان، ودلغان، إذ لا تزال مفردة، وتشهد اختناقات مرورية، وكذلك لا يزال الطريق الرابط بين أبها وخميس مشيط دون المطلوب، وكذلك الرابط بين نجرانوعسير، ولاسيما المسار القديم، الذي يشهد هبوطاً وحفراً، وتجمعات مائية تسببت في وقوع العديد من الحوادث المرورية، وراح ضحيتها بعض الأنفس، لافتا إلى أن الطريق الرابط بين بيشة وخميس مشيط لا يزال مفردا، ويشهد كثافة مرورية عالية، تبعها وقوع حوادث مرورية قاتلة. الشتاء اختبار صعب ويشير المواطن موسى الشهراني "من سكان قرى تمنية"، إلى أن مواسم الشتاء وضعت عقبة ضلع على المحك، فلم تعد قادرة على استيعاب المزيد من المركبات والعابرين، وأظهرت المواسم عدم اجتياز عقبة ضلع لاختبار استيعاب كثافة أعداد المشتين الباحثين عن الدفء في مشاتي عسير، حيث يشهد طريق العقبة ازدحاما كثيفا تزداد حدته بحلول موسم الشتاء، في حين يتبعه وقوع بعض الحوادث المروية وتعثر السير، فضلا عن عدم قدرة بعض الجهات على الوصول إلى الحوادث في الأوقات المحددة، لتكون ضلع بذلك شبحا مخيفا بعد أن كانت مطلبا لأهالي عسير. وأكد الشهراني أن الحل الوحيد هو ازدواج كامل لطريق العقبة، وتعديل ما أمكن من منحنيات، وذلك عطفا على أهمية الطريق الاقتصادية والسياحية، إضافة لكونه طريقا دوليا يربط بين منطقتين هامتين، هما جازانوعسير، مضيفا أن بقاء الطريق بشكل مفرد على مدى عقود من الزمن، دون أن تراعي الجهات المعنية الكثافة السكانية لأهالي المنطقة وزوارها، وما تبعها من كثافة في أعداد المركبات، وزيادة الطلب على السياحة الشتوية، أمر يبعث على الاستغراب، ويزيد من معاناة الأهالي عاماً بعد آخر. شريان اقتصادي وسياحي وأما المواطن يحيى بن مريع "من أهالي أبها"، فأشار إلى أن عقبة ضلع تمثل رافدا اقتصاديا قويا، لما تمثله من همزة وصل بين منطقتي عسيروجازان، وارتباطها كذلك بطريق الجمهورية اليمنية الدولي، حيث يمر بها آلاف التجار والباعة أسبوعيا لتسويق منتجاتهم في مدن منطقة عسير، لافتا إلى أن التوجهات بتحويل السياحة في منطقة عسير من سياحة موسمية إلى سياحة مستدامة على مدار العام، تتطلب من القائمين على الطرق والنقل في بلادنا العمل على سرعة تحويل طريق عقبة ضلع إلى طريق مزدوج كرافد وبنية تحتية هامة تجعل من انتقال المشتين من أعالي قمم مدن ومحافظات عسير إلى شواطئ البحر الأحمر عملية سهلة وممتعة، فضلا عن كون ذلك إنعاشا للسياحة الداخلية. ولفت مريع إلى أن عقبة ضلع تشهد تدفق آلاف المشتين بحلول نهاية إجازة الأسبوع، وكذلك إجازة الحج ومنتصف العام الدراسي، مما يؤكد أن الحاجة قائمة وماسة لازدواج طريقها، مؤكدا أن الزيادة المطردة في أعداد سكان منطقة عسير وزوارها أدت إلى زيادة وكثافة أعداد المركبات على طريق العقبة على مدار العام، مما يتطلب إعادة النظر في وضع العقبة الحالي والعمل على تحويل الطريق المفرد الحالي إلى مزدوج يحقق تطلعات أهالي وآمال منطقة عسير بصفة عامة وسالكي الطريق بصفة خاصة، معتبرا أن تلك الخطوة في حال تحقيقها، ستحدث نقلة نوعية في المنطقة. تفاقم أعداد الحوادث ويستغرب المواطن عبدالله اليزيدي، من عدم تعاطي وزارة النقل مع الإحصاءات المرتفعة لحوادث المرور، وإيجاد حل لمعاناة المواطنين، على اعتبار أن عقبة ضلع تعد المتنفس الوحيد لأهالي منطقة عسير لما تشهده من مقومات عدة خلال السياحة الشتوية، إلا أن وضع العقبة بصورتها الراهنة ورغم ما حدث من إصلاحات في الطريق، يحد من إقبال الناس عليها، ونجدهم يضعون أيديهم على قلوبهم عند هطول الأمطار في طرق العقبة، خوفا من مخاطر الطريق. ولفت إلى أن بعض السائقين لا تزال ذاكرتهم تحتفظ بالحوادث المأساوية التي تقع على طريق العقبة وتزداد حدتها نهاية الأسبوع، مما يتطلب الإسراع في ازدواجية كامل الطريق. وأضاف اليزيدي أن آخر تلك الحوادث وقع يوم الاثنين 2013/11/4، وراح ضحيته أربعة أشخاص، وأصيب آخرون، عندما سحقت مركبة تابعة للجيش عددا من المركبات. جهات حكومية تؤرقها "ضلع" ولم تقتصر أوضاع عقبة ضلع على سالكيها فقط، بل امتد ذلك إلى عدد من الجهات الحكومية، إذ يؤكد المتحدث الرسمي لفرع هيئة الهلال الأحمر في منطقة عسير أحمد إبراهيم، أن سيارات الإسعاف تواجه معاناة حقيقية عند إسعاف المصابين في عقبة ضلع، نظرا للازدحام الكثيف الذي تشهده، وطبيعتها الوعرة، إضافة إلى التجمهر عند قوع الحوادث والفضول الزائد من قبل البعض، لافتا إلى أن ازدواج طريق العقبة من شأنه الإسهام في تسهيل وصول مركبات الإسعاف إلى المحتاجين في وقت قصير. ويشير مدير مرور منطقة عسير العميد عائض بن دخيل الله إلى أن إدارته تدعم وتطالب بتحويل طريق عقبة ضلع من طريق مفرد إلى مزدوج، على اعتبار أن تلك الخطوة ستسهم إلى حد كبير في خفض أعداد الحوادث المرورية، والعمل على انسيابية حركة المرور، لافتا في هذا الصدد إلى أن إدارة مرور منطقة عسير تولي طريق عقبة ضلع أهمية خاصة، حيث يتم نشر الدوريات على امتداد الطريق بصفة مستمرة، وكذلك نشر دوريات أخرى للمرور السري، ومراقبة الطريق من خلال نظام ساهر وضبط المخالفين، وصولا إلى الحد من حوادث المرور وتبعاتها. وأشار ابن دخيل الله إلى أن إدارة المرور شاركت مع عدة جهات حكومية لوضع اللوحات الإرشادية والعلامات العاكسة على امتداد الطريق، ولا سيما بعد إعادة تأهيله. أما الناطق الإعلامي للدفاع المدني في منطقة عسير العقيد محمد العاصمي، فأكد أن العناية بطريق عقبة ضلع أمر في غاية الأهمية، ولا سيما أن الأمطار التي تهطل على امتداد الطريق تتسبب في حدوث بعض الانهيارات التي تشكل خطرا على سالكي الطريق، معتبرا أن ازدواجية طريق العقبة ستسهم بشكل كبير في الحد من مخاطره، ولا سيما في موسم الأمطار. ولفت العاصمي إلى أن إدارة الدفاع المدني في منطقة عسير تخضع طريق العقبة لرقابة مستمرة، وتتبادل مع الجهات المعنية المعلومات بشأن أوضاع الطقس، فضلا عن تسيير دوريات للسلامة بين الحين والآخر، ومسح كافة الأودية، وكذلك ما يقوم به مركز الدفاع المدني في قرضة من مباشرة للحوادث. مشروعات منتظرة من جانبه، أكد مدير عام إدارة النقل في منطقة عسير المهندس علي سعيد مسفر أن وزارة النقل اعتمدت تنفيذ عقبة جديدة تبدأ من طريق الملك عبدالله الرابط بين أبها ومحافظة أحد رفيدة، وتنتهي في محافظة بيش بمنطقة جازان بطول يتجاوز 135 كيلومترا، وسيتم تنفيذ المشروع بشكل مزدوج وباتساع مناسب وأنفاق ذات تصميم وجودة عاليين، على أن تستوعب كافة أنواع وسائل النقل من شاحنات وغيرها، مضيفا أن المشروع الجديد من شأنه التخفيف على عقبة ضلع، والعمل على تنويع طرق التنقل، لافتا إلى أن الشركة المعنية أتمت رفع المسوحات الخاصة بكامل الطريق تمهيدا للتنفيذ. وأضاف أن هناك مشروعا لازدواج جزء كبير من طريق عقبة ضلع، يبدأ من جسر رجال ألمع "المنطقة الإدارية الفاصلة بين عسيروجازان" وحتى النفق الأول. معلومات عن طريق عقبة ضلع: • استغرق العمل في مشروع الطريق 5 سنوات، وبلغت تكلفته 415 مليون ريال. • يربط منطقة عسيربجازان ويخترق العديد من الأودية. • اشتمل مشروعها على نحو 31 جسرا، بلغ طولها الإجمالي 3400 متر. • تضم العقبة نحو 28 عبارة صندوقية و110,000 متر مربع من الحماية الصخرية. • تشتمل على 2500 من المثبتات الصخرية التي تتراوح أطوالها بين 10 و30 مترا. • بها جسر فولاذي على شكل قوس بفتحة قدرها 80 مترا. وهو الجسر الوحيد بالمملكة.