"ضلع.. شعار... الصماء"، طرق محدودة أو شرايين ضيقة لم تعد قادرة على استعياب حركة التنقل المتزايدة ما بين سراة عسير وتهامة وصولاً إلى ساحل البحر، وسط انتقادات عدد من أهالي المنطقة وزوارها، لقاء غياب تطوير آليات النقل على مدى عقود سابقة، عطفا على أهمية المنطقة الاقتصادية والسياحية. وفي رصد ل"الوطن" اتضح أن عقبة شعار تعاني ازدحاماً كثيفا، في أعداد المركبات العابرة، فضلا عن كثافة الشاحنات، وكثرة حوادثها، التي زادت الأمر سوءاً وخطراً، في حين تزداد المشكلة في إجازة نهاية الأسبوع، وموسم الشتاء على وجه التحديد. ويشكل الجزء الرابط بين أسفل العقبة ومحافظة محايل جزءاً مهما من طريق عقبة شعار، إذ لا يزال أغلبه مفرداً، ولم تتم ازدواجيته، وليس الحال أفضل في عقبة الصماء الرابطة بين السودة، وبين محافظة رجال ألمع، إذ تعد خطرة للغاية نظراً لضيق مسارها وتعرجاته، وانحدارها الشديد، وقلما يمر يوم دون أن يشهد الطريق حادثا مروريا، في حين أن عقبة ضلع تعد أحد المحاور الرئيسة للنقل في المنطقة، ولم تشهد نقلة نوعية في مساراتها منذ كارثة السيول التي حدثت عام 1402، باستثناء بعض الإصلاحات البسيطة، وكثيرا ما يضعها موسم الشتاء على المحك، فلم تعد قادرة على استيعاب حركة العابرين، وتشهدا ازدحاماً كثيفاً تتركز حدته في موسم الشتاء، ونهاية الأسبوع، فضلا عن تساقط للصخور ووقوع حوادث مرورية مروعة. غياب التطوير وقال المواطن هادي القحطاني "من أهالي أبها"، إن جهوداً بذلت لربط عسير بجازان وساحل البحر، ولا أحد ينكرها مقارنة بصعوبة المنطقة، إلا أنه من غير المنطق أن تظل تلك الطرق كما هي على مدى ثلاثة عقود، دون أن تقوم الجهات المعنية بمواكبة الحركة المتزايدة في كثافة السكان والمركبات، وذلك بالعمل على ازدواج الطرق القائمة، وشق طرق رديفة مختصرة تسهل الانتقال من السراة إلى المناطق الساحلية. وأشار المواطن إبراهيم زين "من أهالي محافظة محايل" إلى أن عقبة شعار تم تنفيذها قبل نحو 30 عاماً، ولم تشهد خلال تلك الفترة أي تطوير أو تحسين، في حين أن طبقات الأسفلت الحالية غير جيدة، ويشهد الطريق كثافة في أعداد المركبات مما يتسبب في وقوع الحوادث المرورية. وأكد المواطن محمد السودي، أن عقبة ضلع تمثل رافدا اقتصاديا قويا لما تمثله من همزة وصل بين منطقتي عسير وجازان، وارتباطها كذلك بطريق الجمهورية اليمنية الدولي، حيث يعمل آلاف التجار والباعة على سلكها أسبوعيا لتسويق منتجاتهم في مدن منطقة عسير، لافتا إلى أن التوجهات بتحويل السياحة في عسير من موسمية إلى مستدامة تتطلب من القائمين على الطرق العمل على سرعة تحويل طريق عقبة ضلع إلى طريق مزدوج كرافد يساهم في انتقال المشتين من أعالي قمم مدن عسير إلى شواطئ البحر الأحمر بسهولة ويسر.. أما المواطن عبدالرحمن عسيري، فأوضح أن عقبتي ضلع وشعار تعدان المتنفس الوحيد لأهالي منطقة عسير لما تشهده من مقومات عدة خلال السياحة الشتوية، إلا أن وضع العقبتين بصورتهما الراهنة ورغم ما حدث من إصلاحات فيهما يحد من إقبال الناس عليهما خاصة في ظل تكرار الحوادث المأساوية. واستغرب المواطن علي البشري عدم إيجاد بدائل أخرى للتنقل بين سراة عسير وساحل البحر، مثل القطارات والمترو، مبينا أن القطاع الخاص كفيل بتشغيل وإدارة عربات تربط بين قطبي منطقة عسير، وتسهم في إنعاش السياحة المستدامة، وزيادة النشاط الاقتصاي. مشكلات إسعافية أما مدير الشؤون الفنية في فرع هيئة الهلال الهلال الأحمر في منطقة عسير أحمد إبراهيم، فأكد أن سيارات الإسعاف تواجه معاناة حقيقية عند إسعاف المصابين في عقبتي ضلع وشعار، نظرا للازدحام الكثيف الذي تشهدانه، وطبيعتهما الوعرة، لافتا إلى أن ازدواج الطريقين من شأنه الإسهام في تسهيل وصول مركبات الإسعاف إلى المحتاجين في وقت قصير. وأشار مدير مرور منطقة عسير اللواء سعيد بن علي مزهر إلى أن إدارته تدعم وتطالب تحويل طريقي عقبتي ضلع وشعار من طريقين مفردين إلى مزدوجين، على اعتبار أن تلك الخطوة ستسهم إلى حد كبير في خفض أعداد الحوادث المرورية، والعمل على انسيابية حركة المرور، مبينا أن إدارة المرور شاركت مع عدة جهات حكومية لوضع اللوحات الإرشادية والعلامات العاكسة على امتداد الطريق لا سيما بعد إعادة تأهيله. وأكد الناطق الإعلامي للدفاع المدني في منطقة عسير العقيد محمد العاصمي، أن العناية بطريقي عقبتي ضلع وشعار أمر في غاية الأهمية، لاسيما وأن الأمطار التي تهطل على امتداد الطريقين تتسبب في حدوث بعض الانهيارات التي تشكل خطرا على سالكي العقبتين، معتبرا أن ازدواجية طريق العقبة ستسهم بشكل كبير في الحد من مخاطره لاسيما في موسم الأمطار. الطرق الحديثة والسياحة ومن جانبه، قال المدير التنفيذي لفرع هيئة السياحة والآثار في منطقة عسير عبدالله مطاعن، إن وجود بنية تحتية مثل الطرق الحديثة والمزدوجة، للربط بين سراة عسير وسهولها، أمر في غاية الأهمية يساهم في دعم السياحة المستدامة بالمنطقة. أما مدير عام إدارة النقل في منطقة عسير المهندس علي سعيد مسفر، فأشار إلى أن الوزارة أقرت مؤخرا مشروعا لازدواج جزء كبير من طريق عقبة ضلع يبدأ من جسر رجال ألمع "المنطقة الإدارية الفاصلة بين عسير وجازان" وحتى النفق الأول، لافتا إلى أن تلك الخطوة ستكون بمثابة نواة لاستكمال ازدواج كامل الطريق من خلال خطة مرحلية، في حين تم الانتهاء من تأهيل وإصلاح جسور عقبة ضلع وتوسعة المسارات، وذلك وفقاً للمواصفات العالمية. وأضاف مسفر، أن وزارة النقل اعتمدت تنفيذ عقبة جديدة تبدأ من طريق الملك عبدالله الرابط بين أبها ومحافظة أحد رفيدة، وتنتهي في محافظة بيش بمنطقة جازان بطول يتجاوز 135 كيلو متر، وسيتم تنفيذ المشروع بشكل مزدوج وباتساع مناسب وأنفاق ذات تصميم وجودة عاليين على أن تستوعب كافة أنواع وسائل النقل من شاحنات وغيرها، مضيفا أن المشروع الجديد من شأنه التخفيف على عقبة ضلع والعمل على تنويع طرق التنقل. وفيما يخص عقبة شعار قال مسفر، إنه تم اعتماد مشروع لازدواج الطريق من أسفل عقبة شعار إلى محايل مع مداخل محافظة محايل "المرحلة الأولى" بطول 20 كيلومترا، فيما جرى إنارة تنفيذ مشروع لإنارة وتهوية أنفاق العقبة.