يظهر الآن قدر أكبر من المعلومات حول التهديد الإرهابي الذي دفع بالسلطات الأمنية الأميركية إلى التوصية بإغلاق 21 سفارة في عدد كبير من البلدان حول العالم، لاسيما في الشرق الأوسط، فضلا عن التنبيه على الأميركيين المقيمين في بلاد أخرى أو المسافرين إليها بالتزام أكبر قدر ممكن من الحذر. فقد كشف مسؤول في الخارجية الأميركية طلب عدم الكشف عن اسمه، عن أن الأجهزة الأمنية الأميركية التقطت عددا من المكالمات بين باكستان واليمن وأن من كانوا يتحدثون على الهاتف هم جميعا من المحسوبين على القاعدة وأنهم استخدموا شفرة تكررت فيها كلمة عيد الفطر والاستعداد للعيد ولكن في سياق لم يكن منسجما مع ما يستدعيه الاستعداد للعيد حقا أو ما يقال عادة في هذه المناسبات. وكثفت أجهزة التنصت الأميركية من جهودها لمراقبة مكالمات عدد أكبر من العناصر التي يعتقد أن لها صلة بالقاعدة في اليمن. وأفضت النتائج إلى زيادة الشكوك في معنى الشفرة المستخدمة. وقال المسؤول في تصريحات خاصة: "كنا نتابع بعض الخيوط من قرابة الأربعة شهر. وقد طلبنا مقارنة تلك المعلومات بما كنا نتابعه وازدادت الشكوك أكثر لدى خبرائنا الأمنيين". إلا أن ما حسم الشكوك كانت معلومات مباشرة من اليمن لم يشأ المسؤول الكشف عنها أفادت بأن هناك ما يعد له بالفعل. وقال المسؤول إنه يعتقد أن الهدف الأكثر احتمالا كان هو السفارة الأميركية في صنعاء وأن توقيت الهجوم ربما كان اليوم الاثنين أو غدا الثلاثاء. وقال الباحث في معهد راند الأميركي سيث جونز، إن الزيادة في كثافة الاتصالات بين اليمن وباكستان كانت مقلقة بصفة خاصة عقب وصول معلومات تشير إلى أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري عين أمير القاعدة في شبه الجزيرة العربية ناصر الوحيشي مسؤولا عن كل عمليات القاعدة في أي مكان. وتوقع محللون طبقا لما يراه جونز، أن يحاول الوحيشي إثبات جدارته بالموقع عبر القيام بعملية مؤثرة. وكانت بلدان متعددة في العالم قد سارعت بالاستجابة للتحذير الأميركي. وكان في مقدمة تلك البلدان بريطانيا التي طلبت من مواطنيها مغادرة اليمن فورا "بينما الطائرات لا تزال تعمل لأن السلطات قد لا تتمكن من الذهاب إليكم لإخلائكم إذا حدث مكروه". إلى ذلك، قللت مصادر دبلوماسية يمنية من أهمية إغلاق عدد من السفارات الغربية مقراتها في صنعاء كنوع من التدابير الاحترازية جراء تصاعد المخاوف من هجمات وشيكة يعتزم تنظيم القاعدة تنفيذها، التي شهدت أمس اختناقاً مرورياً حاداً بسبب إغلاق عدد من الشوارع الرئيسة تحسباً لمثل هذه العمليات. واعتبرت المصادر في تصريحات ل"الوطن"، أن إغلاق سفارات كل من الولاياتالمتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا تم بشكل جزئي وسيستمر لأيام قليلة، معتبرة أن هذا الإجراء يندرج ضمن تدابير احترازية جراء تصاعد المخاوف من قيام تنظيم القاعدة بتنفيذ هجمات تستهدف مصالح ومنشآت غربية في اليمن وعدد من الدول الأخرى التي شهدت إجراءات مماثلة من قبل ذات الدول التي بادرت إلى إغلاق سفاراتها بصنعاء. ووصفت المصادر ذاتها الإغلاق المتزامن لأربع لسفارات من الدول الكبرى في اليمن، بأنه "إجراء مبالغ فيه"، مشيرة إلى أن السلطات اليمنية "قدمت تطمينات كافية" وبادرت بفرض إجراءات أمنية مشددة لتعزيز تدابير الحماية المفروضة على مقار كافة الممثليات الدبلوماسية في صنعاء وعدن وأن تهديدات القاعدة ليست حكرا على اليمن وإنما يعاني منها العديد من الدول، إلا أن اليمن يتميز عن غيره بكونه الدولة التي أثبتت قدرات عالية في مكافحة الإرهاب وتنظيم القاعدة. واستبعدت المصادر قيام القاعدة بتنفيذ هجمات في صنعاء، مشيرة إلى أنه تم اتخاذ كافة التدابير الأمنية والاستخباراتية التي تكفل التصدي الحازم لأية محاولات من قبل التنظيم لشن مثل هذه الهجمات المحتملة.