على الرغم من رصد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" لمخالفات عدة على مركز النقاهة في جدة، خلال زيارتها له في شهر نوفمبر العام الماضي، بعد تقرير نشرته "الوطن" بعنوان "أحياء كالموتى ب"نقاهة جدة"، بينها عدم ملاءمة المبنى للحالات المنومة فيه، ورفعها خطابا رسميا بعدم وجود مخارج للطوارئ وشبكة إنذار للحريق وعدم توافر أجهزة طبية مناسبة إلى وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة، إلا أن "الوطن" رصدت خلال جولتها الثانية للمركز أنه لم يطرأ أي تعديل على تلك الملاحظات. ورصدت "الوطن" محاولة إخفاء عمال النظافة الشروخ الموجودة في المبنى، وكذلك الكراسي المتحركة التي تستخدم في نقل المرضى، وعربات الغيارات وأجهزة الأكسجين المتهالكة، في المطابخ ومخازن مهجورة لتخزين الأجهزة المتهالكة. وبينما صرحت الشؤون الصحية في جدة بأن وزارة الصحة خصصت 70 مليون ريال لإنشاء مركز نقاهة في جدة للاهتمام والعناية بالحالات المزمنة، كشف مدير مركز النقاهة بجدة الدكتور محمود الحاج عن وجود توجه لوزارة الصحة لتكوين لجنة من الشؤون الصحية لاختيار مبنى بديل بهدف نقل مركز النقاهة، مبينا أنه سيعرف ب" مستشفى النقاهة في جدة". وأشار في تصريح إلى "الوطن" إلى أن هذا التوجه يعتبر حلا موقتا عن المركز المستأجر الحالي، الذي تجاوز عمره ال30 عاما. وألمح إلى أن المركز يضم 75 مريضا منوما، لافتا إلى وجود كادر تمريضي مؤهل يبلغ عدده 65، يعملون في خدمة المرضى، بالإضافة إلى أخصائي لمرضى الشيخوخة واستشاري علاج طبيعيي وأخصائي باطني. وأكد عدم رصد حدوث تقرح سريري لدى المرضى المنومين، أو تسجيل حالات وفيات، فيما يعرف بحدوث "اختناق المريض" المصاب بغيبوبة، مرجعا ذلك إلى تزويد المركز ب50 مضخة غذائية. وذكر عن وجود حالات منومة منذ ما يزيد على 15 عاما، مبينا أنه توجد بعض الحالات في المركز لم تجد اهتماما من ذويها، لافتا إلى أن للمركز هدفين أولهما التخفيف عن مستشفيات الشؤون الصحية من خلال توفير أسرة واحتضان الحالات لذوي الفئات الخاصة من الإعاقة داخل المركز. وأضاف أن الهدف الثاني هو التخفيف عن المجتمع من خلال العناية بالحالات المتقدمة في السن المصابة بغيبوبة أو حوادث السيارات وحالات الإعاقة والشلل الرباعي والشلل النصفي والشلل الكلي والغيبوبة التي يصاب بها الأشخاص من حوادث السيارات. وأكد أن مدينة جدة، التي يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، تحتاج إلى وجود مستشفى نقاهة مؤهل بكافة اللوازم الطبية ومجهز لهذه الفئة. وشدد على ضرورة توافر معايير عالمية في مراكز النقاهة والمستشفيات الخاصة لهذه الفئة، ملمحا إلى أن 37% من المعاقين في العالم يعجز ذووهم عن الاعتناء بهم، مما يلقي بالمسؤولية على المؤسسات الصحية في ذلك. من جهته، أضاف ولي أمر أحد المرضى المنومين في المركز - تحتفظ "الوطن" باسمه- أنه على الرغم من تحويل ابني إلى المركز منذ ما يزيد على 7 أعوام بسبب معاناته من شلل رباعي نتيجة حادث مروري، بهدف تحسين وضعه الصحي إلا أن حالته ساءت عما سبق. ولفت إلى أن ارتفاع صراخ المرضى داخل أروقة المبنى يحدث فزعا للمنومين الجدد ممن لديهم إعاقات حركية، مطالبا وزارة الصحة بسرعة اتخاذ قرار في تخصيص مبنى متكامل لمرضى النقاهة في جدة. وذكر أن وضع المركز لا يناسب فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، مستنكرا إجبار الممرضات على مباشرة حالات المرضى المنومين من الرجال. إلى ذلك، كشف مصدر مطلع في وزارة الصحة عن أن ميزانية الوزارة لهذا العام البالغة 50 مليار ريال خصصت لتقديم الخدمات الصحية وإنشاء مبان حديثة للصحة العامة، مؤكدا أن عددا من مراكز النقاهة في مناطق مختلفة من المملكة لا تزال بحاجة للتطوير. وأضاف أنه على الرغم من أن عدد المنومين في مركز النقاهة في جدة يبلغ 75 مريضا، إلا أنه لا يقدم الخدمة الطبية المرجوة منه. واعترف بسوء نظافة المبنى ونقص الأجهزة الطبية فيه، مما دفع وزارة الصحة لتوجيه الشؤون الصحية بتخصيص مستشفى متكامل للنقاهة بجدة. ولفت إلى أن شح الأراضى المناسبة أو المباني المستأجرة يعرقل جهود وزارة الصحة والشؤون الصحية بجدة في إيجاد مكان مناسب، ملمحا لتكوين لجنة من الشؤون الصحية تختص في البحث عن مكان بديل لنقل مركز النقاهة له.