في الوقت الذي ينتظر فيه بعض المرضى وكبار السن بمستشفى النقاهة بالباحة نظرة عطف من ابنائهم واسرهم ومجتمعهم يعيش المستشفى ذاته حالة من التردي والسوء في بعض الخدمات المقدمة حيث يقبع المرضى في مبانٍ مستأجرة وغرف ضيقة خصصت اصلا لتكون سكنا خاصا، يضاف اليه افتقار المستشفى الى مراكز الترفيه والحدائق. فيما أكد مدير المستشفى أن المستشفى ليس دارا للمسنين او العجزة او الذين لا يجدون العائل فهؤلاء لهم دور أخرى مناسبة ومخصصة لهم. «المدينة» تجولت في المستشفى والتقت بعدد من الزائرين والمرضى ففي البداية يقول سالم الزهراني «زائر»: إن المبنى مستأجر ويقع بين المنازل في أحد أحياء الباحة ولا نكاد نجد موقفا لسيارات الزائرين فضلا عن مواقف الموظفين والكادر الطبي كما ان الغرف بداخل المستشفى مساحتها صغيرة وبعض الغرف بها ثلاثة اسرة ولا يجد المريض وذووه راحتهم عند الزيارة لضيق الغرف ويفترض ان يكون لبعض المرضى خصوصية ولا نجدها لضعف امكانيات المستشفى. أما عبدالله سعيد فقال: إن المرضى يعانون من سوء خدمات التغذية وأغلب المرضى الذين يستطيعون الحديث وإصاباتهم خفيفة يطلب الأكل من خارج المستشفى على نفقته الخاصة كما ان بعض الكريمات ومعاجين الاسنان وبعض الاشياء الخاصة تؤمن على نفقتهم ويفترض ان تكون دور النقاهة لراحة المرضى ولكن ما نشاهده هو تزاحم الاسرة وضيق الغرف كما ان الفناء الخارجي يفتقر الى الحدائق ومراكز الترفيه. واضاف بعض غرف المرضى تجد فيها «غلاية للشاي» فيقوم المريض بعمل الشاي بنفسه وايضا نعلم ان الكادر الطبي ينزعج من جرس المناداة الخاص بالمريض ويطالب بعدم قرعه اكثر من مرة. كما ان المصعد لا يستوعب السرير وخاصة المريض الذي لا يستطيع السير او الركوب في العربة المتحركة فيضطر الممرضون والعمال الى حمل المريض عبر الدرج مهما كانت حالته واضاف: ان العربات المتحركة جميعها يدوية الا ان احد فاعلي الخير تبرع بعربة كهربائية واحدة لأحد المرضى. والتقينا خلال الجوله باحد كبار السن. الكادر التمريضي ويروي العم سعد -أحد المرضى- حالته في المستشفى فيقول: الخدمات الصحية والعلاجية والعلاج الطبيعي بالمستشفى ممتازة جدا ولا توجد بأي مستشفى آخر خاصة بعد ان تغير الكادر التمريضي والاداري وهذا ما يهمني. وكما تعلمون ان المبنى مستأجر ويعاني زحاما شديدا وأنا ارغب ان اكون في غرفة بمفردي والحمد لله استجيب لطلبي ولكن يضطرون في كثير من الاحيان الى استعمال السرير الآخر بالغرفة لتنويم مريض آخر وهذا ما يزعجني فانا احب مشاهدة التلفاز وقراءة القرآن في اوقات مختلفة قد تزعج المريض الآخر. ويحكي العم سعد عن نفسه: قصتي مؤلمة فانا تعرضت لحادث مروري منذ عشرين عاما وكنت وقتها قد كتبت عقد قراني ولكن اصابتي كانت بليغة واصبت بشلل نصفي.. وطلقت زوجتي وليس لدي ابناء ولا احد يسأل عني إلا قليل ممن يعرفني واصبحت انا وسريري هذا صديقين متلازمين. والحمد لله استلم مكافئتي من الضمان الاجتماعي بعد ان قام احد الاشخاص بانهاء كافة الاجراءات .وقد تألمت كثيرا حينما ابلغوني اكثر من مرة انه سيتم نقلي من هنا الى الطائف او أبها وانا اعتدت على سريري هذا وسامكث فيه الى ان يشاء الله. ويضيف احد المرضى نوعية الطعام المقدمة للمرضى غير جيدة ونقوم بالشراء من خارج المستشفى اما الخدمات العلاجية فهي جيدة ويقول: بغرفتي مريض آخر يعيش في حالة «غيبوبة» اتمنى إعادة النظر بحيث تكون الحالات المرضية المتقاربة في غرفة واحدة. أين الخدمات ؟ ويرى استاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبيد آل مظف ان دور المسنين وبعض المستشفيات التي تحتضنهم كمستشفيات النقاهة ينبغى ان يراعى في تصميمها ايجاد الحدائق والمراكز الترفيهية والعلاجية و ان تقدم لهم ارقى الخدمات والا تكون اشبه ما يكون بالسجن فهؤلاء قدموا زهرة شبابهم في خدمة المجتمع. وبالنسبة للافراد الذين لديهم ابناء داخل دور النقاهة ويلقون الجفاء من أبنائهم هذه معاناة حقيقة والمهم النفسي اكبر بكثير من الذين يعانون أمراضا جسدية أما المحروم من الابناء فليس له ملجأ بعد الله الا هذه الدور فهذه الفئة قدمت للمجتمع الكثير ووفاء بحقهم يجب تقديم الخدمات والمكان الملائم لهم. رأي الشؤون الاجتماعية واكد مدير الشؤون الاجتماعية بالباحة احمد العاصمي ان هناك جسور تواصل بين الشؤون الاجتماعية والشؤون الصحية فيما يتعلق بكبار السن من الرجال والنساء المنومات في مستشفى النقاهة بحيث يشملون في مخصصات الضمان وقال: انه لا يوجد بالباحة دور مسنين وان مجتمعنا ولله الحمد مجتمع متدين ولا نكاد نجد الا القيل من حالات العقوق والجفاء من الابناء لآبائهم واغلب الحالات وان وجدت مثل هذه الحالات يتم دراسة الوضع كاملا ولو لزم الامر نؤمن لهم السكن وجميع الخدمات. رأي المستشفى من جهته قال مدير مستشفى النقاهة بالباحة عبدالله عبدالرحمن الغامدي: إن المستشفى همزة وصل بين العلاج والصحة التامة بحيث إن العلاج أنهى مرحلته ولم تصل بعد حالة المريض الى ممارسة الحياة العادية. وأشار إلى أن المستشفى ليست بدار مسنين أو عجزة أو الذين لا يجدون العائل فهؤلاء لهم دور أخرى مناسبة ومخصصة لهم. واضاف انه يوجد في المستشفى قسم للخدمة الاجتماعية وعلاقات المرضى مهمتها افهام اقارب المرضى هذا الدور حتى تسير عجلة الدخول والخروج للمرضى بسلامة ويسر. أما بالنسبة للمبنى هو مستأجر ومساحته محدودة وذلك بسبب عدم امكانية وجود حديقة ويوجد بالمستشفى حوالي 33 غرفة مختلفة المساحات وغرفة ملاهي للأطفال وصالات واستراحات للمرضى مزودة بشاشات تلفزيونية وبعض الغرف يوجد بها مريض واحد وغرف اخرى يوجد بها مريضان وثلاثة حسب حالة المريض. وعن شكاوى المنومين من سوء التغذية قال الغامدي: إن التغذية حسب حالة المريض فالمرضى العاديون تعطى لهم وجبات كاللحم والدجاج والسمك وبعض المرضى يعطون غذاء مهروسا حسب حالتهم.