حذر المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي من خطورة الوضع في مصر، في ظل تجاهل الرئاسة للمطالب المشروعة للشعب. وجدد صباحي في حوار مع "الوطن" رفض "جبهة الإنقاذ الوطني" للدستور "المشوه" وأنهم سيسعون لإسقاطه. وقال إن "الذين وصلوا إلى السلطة لم يستطيعوا تحقيق أهداف ثورة 25 يناير". في غضون ذلك تدافع الناخبون للإدلاء بأصواتهم أمس في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد وسط أجواء هيمن عليها الاستقطاب. حذر مؤسس التيار الشعبي عضو "جبهة الإنقاذ الوطني والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي من خطورة الوضع في مصر، لاسيما في ظل تجاهل مؤسسة الرئاسة لمطالب الشعب المشروعة. وقال في حوار مع "الوطن" إن صوت جماهير الشعب المصري على مدار الأسبوعين الماضيين الذي أكد بمسيراته ومظاهراته السلمية، واحتشاده في ميدان التحرير وميادين الثورة وأمام قصر الاتحادية، هو رسالة واضحة بأن الثورة لا تزال حية، وقادرة على استكمال مسيرتها وستنتصر. ونصح جماعة الإخوان المسلمين بأن تعي تماماً أن الوطن للجميع وليس ملكاً لها وحدها، ولم يستبعد انفجار الشعب في وجههم بسبب الغطرسة. واتهم الجماعة بالتكسب بالدين واستغلاله كشعارات لتحقيق أهداف سياسية آنية، وقال إن الجماعة "أخذت أكثر من حقها". وأضاف أن قرار "جبهة الإنقاذ" بشأن المشاركة في الاستفتاء على الدستور مرهون بتوفير ضمانات هامة ورئيسية، إن لم تتوفر فسيتم الانسحاب فوراً. مضيفاً أن الرئيس ألغى "الإعلان الدستوري" شكلاً فقط، وأبقى روحه المتمثلة في الهيمنة التي قامت من أجلها ثورة الخامس والعشرين من يناير. وأكد صباحي أن الاستفتاء على الدستور ليس نهاية المطاف، وأن النضال ضد القهر والظلم مستمر لأجل دستور وطني عام، ونفى ما تردد بأن هناك انقساما بين القوى السياسية المعارضة، قائلاً إنها تعيش حالة من الوحدة الكاملة. وأبدى أسفه لتوجيه تهمة محاولة قلب النظام لشخصه، قائلاً إن ما يزيد أسفه هو أن التهمة أتت من الشخص الذي كان يعاني من نفس هذا الظلم أيام النظام السابق. وفيما يلي نص الحوار: كيف تقرأ إصرار الرئيس مرسي على إجراء الاستفتاء الدستوري في موعده؟ المشهد السياسي المصري غاية في التعقيد نتيجة لسلسلة من القرارات التي غلب عليها طابع التخبط والعشوائية، من قبل الرئيس محمد مرسي، وكان أكثرها صدمة هو"الإعلان الدستوري" الأول ثم الثاني وهو ما زاد الطين بلة، والذي كان الغرض منه هو الهيمنة وضرب الديموقراطية في مقتل وخلق ديكتاتورية جديدة في البلاد. مبدأ الرفض رفضتم بإصرار مبدأ الجلوس مع الرئيس للحوار قبل إلغاء الإعلان الدستوري وتأجيل الاستفتاء، ولكنكم عدتم وها أنتم تشاركون في الاستفتاء؟ اعتبرنا أن الدعوة إلى الحوار غير جدية وبلا جدوى خاصة في ظل استمرار سياسة العناد والإصرار على الرأي من قبل الرئيس مرسي، وتمسكه بإعلانه الدستوري الأول ثم الثاني، والدعوة إلى الاستفتاء على الدستور الذي لن يكون من أجل الشعب المصري وإنما لفئة معينة فقط. وكيف يكون هناك حوار في ظل سقوط شهداء وسيل دماء في الشارع المصري، بسبب ممارسة البلطجة على معتصمين سلميين ومحاولة إرهابهم؟ ولكن عندما تمت دعوتنا من قبل المؤسسة العسكرية التي تنال تقدير واحترام الشعب، لبينا الدعوة على أمل التوصل إلى حلول مرضية، ولكن فوجئنا بإلغاء الحوار وتأجيله إلى أجلٍ غير مسمى. نحن لا نرفض الحوار لمجرد الرفض وإنما نرى أنه لا بد أن يستند إلى أُسس وأصول... ولكن كان يمكن أن تصلوا إلى حلول إذا اجتمعتم بالرئيس؟ كان من الأولى أن يقوم الرئيس بإلغاء إعلانه الدستوري الأول عند تفاقم الأزمة، وظهور ردود فعل غاضبة من قبل الشارع والقضاة والمحامين، وعندما قام بإلغائه وأصدر الإعلان الثاني كان إلغاؤه مجرد شكل وأبقى روحه المتمثلة في هيمنته، وبالنسبة للدستور فما زلنا نرفضه وتؤكد جبهة "الإنقاذ الوطني" مشروعية كافة الوسائل لإسقاط هذا الدستور "المشوه". اتفقنا في "جبهة الإنقاذ" على توفير عدد من الضمانات التي في حال تم الإخلال بها ستنسحب الجبهة من المشاركة في الاستفتاء على الفور، وستدعو وقتها الجماهير إلى مقاطعته والانسحاب منه، وهذه الضمانات هي وجود إشراف قضائي كامل على الاستفتاء وتوفير قاض لكل صندوق، وتوفير حماية أمنية كاملة داخل وخارج اللجان، بجانب السماح بوجود رقابة محلية ودولية، وأن يتم إعلان النتائج في اللجان الفرعية، فضلاً عن إتمام عملية الاستفتاء في يوم واحد فقط، بخلاف القرار الذي اتخذته اللجنة العليا للانتخابات أمس بأن الاستفتاء سيجري على مرحلتين، وعندئذ سنقول "لا" للدستور. إذاً لماذا شارك بعض رموز المعارضة في الحوار ورفض الآخرون، هل هذا مؤشر على وجود تصدعات في بنية المعارضة تخشون المجاهرة بها؟ هذا الكلام غير صحيح بالمرة وإنما يتم ترويجه من خلال جماعة الإخوان المسلمين بغرض بث الشائعات، وإحباط الثوار، ولم يحدث هناك انشقاق في الصفوف، بل على العكس فإن جبهة "الإنقاذ الوطني" التي تضم أطياف المعارضة على قلب رجل واحد، وأهدافهم ومطالبهم واحدة طالما أنها تلبي طموحات الشارع المصري. التكسب بالدين قلتم إن الإخوان يسعون لإضفاء طابع ديني على الخلاف بينكم وبينهم؟ بالفعل بل وذهب الأمر إلى أبعد من ذلك إلى حد اتهامنا بالكفر، وأود أن أقول في هذا الصدد إن هناك تنطعاً في فهم الشريعة واستخداما لها في أغراض سياسية. وأرى أن هؤلاء "يشترون بآيات الله ثمنا قليلاً". نحن لا نختلف مع من يدافعون عن الشريعة ولكن هؤلاء يدافعون عن "فرعون" يريدون أن يصنعوه ويجعلوه مرسي فوق القانون والدولة. شهد اليوم الأول من الاستفتاء مشاركة واسعة لمختلف أطياف الشعب المصري، معارضة وموالاة، كيف تتوقع أن تكون النتيجة، وما موقفكم إذا تمت إجازة الدستور؟ تخوفاتنا من طرح هذا الدستور للاستفتاء، لأنه أُخرج من أجل فئة بعينها وليس من أجل كل المصريين، كما أن إنجازه تم بشكلٍ لا يليق بمصر ولا بشعبها، فلم نشهد في العالم تصويتاً على مواد دستور في ساعات الفجر، لذلك سنناضل من أجل إيجاد توافق مجتمعي حول الدستور، فالدستور الحالي مليء بالعوار في غالبية مواده، وعلى العموم فإن الاستفتاء على الدستور لن يكون نهاية المطاف والنضال ضد الظلم والكبت والقهر مستمر من أجل دستور وطني عام، أما فيما يتعلق بأن الإسلاميين يمتلكون الأغلبية فعلينا الرجوع للأرقام والبيانات الخاصة بانتخابات الرئاسة، وإلا كان لماذا لم ينجح مرسي منذ الجولة الأولى، ولكنه نجح بأصوات القوى المدنية والليبرالية التي حسمت الموقف لصالحه. أما إذا تمت إجازة الدستور فإن ذلك سيزيد المشكلات بالتأكيد ولن تنتهي إلا بتحقيق الهدف الرئيسي وهو الخروج بدستور وطني يخدم ويحقق مصالح وطموحات كل الشعب المصري بلا استثناء. ألا تخشون من الآثار الاقتصادية المدمرة لما يحدث حالياً في مصر، وهو ما يصعب إصلاحه، حتى لو تم حل المشكلة الحالية بطريقة أرضت الجميع؟ الاقتصاد المصري بالفعل ينزف، وقد تكون لذلك آثار خطيرة في المستقبل، كما أنني أستنكر قرار الحكومة برفع الأسعار قبل أن تؤمِّن للمواطنين أي زيادة في الدخل أو تحسن في الخدمات، كما أن غالبية القرارات التي يتم اتخاذها يتم التراجع عنها مرة أخرى، وهذا يزيد من تفاقم الوضع الاقتصادي. بماذا تردون على من يقول إن "أموال الفلول" هي التي تموِّل المعتصمين وتدعم حركة الاحتجاج الحالية ضد الإخوان؟ هذا الكلام مدعاة للسخرية وعار على من يطلقونه أن يرددوه، وما يقال حالياً كان يقال أيضاً من أتباع نظام مبارك، حينما كنا في الميدان أيام ثورة 25 يناير، ولو أن الفلول هم من يدعمون حركة الاحتجاج الحالية في الشارع لكان من الأولى أن يسعوا لحماية نظام مبارك من السقوط. اختطاف الثورة تأخرت الثورة المصرية في تحقيق أهدافها، وباستثناء الانتخابات الرئاسية لا تزال معظم الملفات معلَّقة، إلام تعزون ذلك؟ للأسف هذا صحيح، لأن الذين وصلوا إلى السلطة لم يستطيعوا حتى الآن تحقيق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير، وهذا ما يشعر به صُنَّاع الثورة الحقيقيون، كما أن الفقر هو أكبر وجع للمصريين، والعدالة الاجتماعية غائبة عمداً على الرغم من أن الشعب اختار الحُرية والعدالة الاجتماعية. يرى البعض أن شريحة كبيرة من الشعب المصري تريد ديموقراطية مشروطة لا تأتي إلا بمن تريد وترفض الإسلاميين وإن كان مجيئهم عبر صناديق الاقتراع، هل هذا صحيح؟ الشعب المصري ناضج وواع لدرجة بعيدة، فالشعب الذي ثار من أجل حريته وكبريائه وكرامته، لن يقبل أن يملى عليه شيء رغماً عنه، ولا يقبل أن يتم اختطاف ثورته، فغالبية الشعب يطمح في أن يرى دولته مدنية ديموقراطية تحترم القانون. ما تفسيركم لغياب القوى الثورية الشبابية التي أشعلت فتيل ثورة يناير عن المشهد السياسي، وهل بالإمكان توحيدها أم أن الاستقطابات السياسية بعثرت شملها؟ شباب الثورة موجودون، فهم حماتها ووقودها، وإنما كانت هناك محاولات لإقصائهم عن المشهد، ولكن جاء الوقت لأن يستردوا ثورتهم ويحققوا أهدافها بعد أن اختطفها البعض واستخدمها وسيلة لتحقيق أهدافهم. مخلب القط إلى ماذا تعزو السجال الدائر بين الرئاسة المصرية والنائب العام عبدالمجيد محمود، وهل صحيح أن الأخير ساعد رموز النظام السابق على الإفلات من المحاسبة؟ الأزمة الأخيرة سببها الإعلان الدستوري الذي أثار كافة المشكلات، وتدخل السلطة التنفيذية وتوغلها على عمل السلطة القضائية، وهو ما دفع قضاة مصر إلى اتخاذ موقف مشرف سيذكره التاريخ من خلال حرصهم على استقلالية القضاء، وأرى أن النائب العام الجديد يتم استغلاله لتصفية الحسابات الشخصية بين الرئيس وقوى المعارضة، حتى إنني سأُحاكم بتهمة قلب نظام الحكم والخيانة العظمى، وهو للأسف اتهام أحزنني بشدة لأنه أتى من نفس الشخص الذي عانى من هذا الاتهام في عهد النظام السابق، وأرى أن تلك التهم التي سيحقق معي فيها النائب العام الجديد ما هي إلا مجرد توظيف سياسي وتعجيز لا طائل منه.