لعل أفضل تعريف لإدارة الأزمات هو الاستعداد لما قد لا يحدث والتعامل مع ما حدث دون إنذار مسبق. والأزمات هي مواقف طارئة تتميز بالتهديد الذي يشعر معه ضحاياها بالخوف والهلع، وبضغط الوقت لاتخاذ التصرف المناسب لإدارة تلك الأزمة والتخفيف من أضرارها. وإدارة الأزمات على مستوى العالم تمر من خلال أربع مراحل أساسية، أولها الاستعداد لمواجهة الأزمة، ويتم ذلك بالتفكير في الأزمات المحتملة ووضع الخطط المناسبة لمواجهتها، بما في ذلك إجراء التجارب الفرضية والتي يُهدف منها إلى محاكاة الواقع ومعرفة الأخطاء والعمل على تلافيها. ويعد الاستعداد لمواجهة الكوارث هو أهم ما يميز نجاح المنظمات والمؤسسات في مواجهة وإدارة الكوارث. المرحلة الثانية هي مرحلة مواجهة الأزمة، وذلك لتقيل الأضرار البشرية والمادية، ويعتمد ذلك على التدريب المناسب والتجهيزات المناسبة. ثم تأتي مرحلة تخفيف أثر الأزمة، والذي يتم باتخاذ إجراءات لتخفيف أو منع الآثار المترتبة من الأزمة على المدى الطويل، وأخيرا تأتي مرحلة التعافي من الأزمة والتي يتم فيها إصلاح الأضرار وإعادة البناء والخروج بالدروس المستفادة من تلك الأزمة، وتطوير العمل والخطط لمواجهة الأزمات المشابهة في المستقبل. وعندما تواجه المنظمات والمؤسسات أزمة يكون معظم المسؤولين في دائرة الضوء، ويقع على عاتق رؤساء تلك المنظمات مسؤولية قيادة المنظمة لبر الأمان وتجنب المخاطر التي قد تهدد إدارة الأزمة وتؤدي إلى نتائج غير محمودة. إن اتخاذ أي قرار يمكن أن يكون صعبا. بل إن اتخاذ القرارات الحاسمة قد يكون مخيفا. وعلينا أن نتذكر أنه لا بد من اتخاذ إجراءات سريعة لاحتواء الأزمة والتخفيف من آثارها. وتقع على القائد مهمة اتخاذ القرارات الحاسمة وفي وقت قياسي. ولهذا من الأفضل دائما انعقاد مجلس القيادة والتحكم للمنظمة على مدار الساعة، وأن يكون القرار جماعيا ومدروسا ومحسوب المخاطر. في دراسة منشورة عن الدروس المستفادة من إدارة أزمة تفشي وباء كرونا في مستشفى الحرس الوطني والمصاعب التي واجهت فريق العمل عند إغلاق المستشفى، تقول الدراسة (إنه بعد تفشي العدوى في المستشفى تشاور الفريق التنفيذي مع اللجان والمجالس المناسبة ومع أخذ المخاطر المنسوبة للإعلان عن حادث كبير، قمنا بإغلاق خدمات المستشفى طوعا، وكان الهدف من الإغلاق منع انتقال المرض بين المرضى الجدد والزوار والعاملين بالمنشأة الصحية. لقد كان إغلاق المستشفى إجراء ضروريا، وكان قرارا ينطوي على الكثير من المخاطر بسبب تأثيره على المرضى وعلى المجتمع، ولكن كان من الضروري احتواء الفاشية في ذلك الوقت، وبدأنا في تحويل المرضى غير المصابين إلى مستشفيات أخرى، وكان التفكير هنا أيضا في التقليل من المخاطر القانونية في حالة الإبقاء على المرضى وإصابتهم بالعدوى داخل المستشفى، لقد تمت إدارة الأزمة في ذلك الوقت مع اقتراب موسم الحج، وكان هناك خوف من انتقال المرض، ومن هنا كان التفكير في إبعاد عدم القدرة على السيطرة على الفاشية)، ومما لا شك فيه أن هذه الإدارة الفاعلة للأزمة نجحت في احتوائها وإنهائها في وقت قياسي.