سلكت المنتديات والمؤتمرات في مدينة جدة، التي لقبت يوماً ب «مدينة المهرجانات»، طريقاً معاكساً لإيحاءات اللقب بعد كارثة سيول الأربعاء، فاتجهت عناوينها نحو التعامل مع الكوارث، والحد من المخاطر الطبيعية، وإعادة التخطيط للتحكم في الأحداث المأسوية، وأخيراً المنتدى العالمي لإدارة الأزمات الذي انطلقت فعالياته في جدة أمس برعاية أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل. وعقدت في أول أيام المنتدى الذي حمل شعار «إعادة التفكير في التعامل مع المستقبل» أربع جلسات. وقال الأمين العام للمنتدى الدكتور إيهاب أبو ركبة إن الغرض من المنتدى هو إلقاء الضوء على هذا الجانب الإداري المهم، خصوصاً وقد مرت السعودية في الآونة الأخيرة بأزمات عدة، بدءاً من الأزمة الاقتصادية ووصولاً إلى كارثة جدة التي شكلت صدمة للجميع. وأضاف في حديث إلى «الحياة»: «نريد إعادة صياغة المستقبل حتى لا تحدث هذه الكوارث مرة أخرى أو على الأقل التخفيف من حدتها إن حدثت، وفي هذا المنتدى سنناقش آليات وطرق واستراتيجيات تقلل من الكوارث في المستقبل، وتعطينا توجهاً للتعامل معها ومنهجية لكيفية الاستجابة لها». وطالب بسن قوانين مكتوبة للتعامل مع الأزمات، إذ إن في حال حدوثها نعود مباشرة إلى اتباع تلك القوانين التي ستزودنا بالاستعداد اللازم لأي حدث. وبدأ المنتدى أولى جلساته بمحاضرة حول «سمات وأسباب وخصائص الأزمات ودورة حياة الأزمة» قدمها المقدم الدكتور مبارك بن فالح العازمي من دولة الكويت وتطرق فيها إلى إدارة الأزمات والكوارث التي تهدف إلى التحكم في أحداث مفاجئة ومتفاقمة، مشيراً إلى أن التعامل معها وتصنيفها ومواجهتها يقوم عبر الدرس والبحث والمعرفة والتجارب المستفادة والتخطيط واستخدام المعلومات والبيانات كأساس للقرار السليم. وأكد العازمي أهمية إنشاء مركز دولي لإدارة الأزمات والكوارث، مع ضرورة العمل على نشر ثقافة إدارة الأزمات والكوارث بين القيادات السياسية والاقتصادية والأمنية وتأهيلهم وتدريبهم على عملية اتخاذ القرار في حال الأزمات، فضلاً عن تفعيل دور المنظمات الدولية والإقليمية في إدارة الأزمات والكوارث، وعقد الندوات والمحاضرات وورش العمل لإيضاح أهمية دور علم إدارة الأزمات والكوارث، وأخيراً إنشاء «بنك» للمعلومات والبيانات تحت مظلة هيئة الأممالمتحدة مختص بالأزمات والكوارث والأوبئة وغيرها من المخاطر، ووضع آلية عمل واضحة له لمساعدة الدول عند إدارة ومواجهة الكوارث والأزمات المختلفة. وفي الجلسة نفسها، تناول الدكتور عدنان هاشم سلطان من دولة الكويت أيضاً، منهج إدارة المخاطر في إدارة الكوارث والأزمات، مؤكداً أن مصطلح إدارة الأزمات والكوارث أصبح متداولاً كثيراً في وسائل الإعلام، و في كل مؤسسة أو سلطة. وأشار إلى أن إدارة المخاطر تقوم على مشاركة الجميع للتأهب والوقاية ومعرفة الإمكانات والقدرات والمخاطر والأسباب والعوامل المساعدة للخطر وتحديد الخطر المحتمل واحتمالات من يتأثر به واحتمالات أين ومتى؟، وما هي الإمكانات المتوافرة حالياً ومدى فعالياتها؟. وشدد الدكتور السلطان بضرورة العمل على النهوض بثقافة اتقاء الكوارث من طريق تعبئة الموارد الكافية للحد من خطرها، مؤكداً وضع سياسة عمل لإدارتها وإعادة الهيكلة والتنظيم للهيئات والإدارات حتى نضمن نجاح التنسيق وانسيابية المعلومات، فضلاً عن تقويم المدن الواقعة في مناطق خطرة وتحليل النتائج في ضوء التقويمات، وإنشاء المعاهد والمراكز المتخصصة في إدارة الأزمات. وفي الجلسة الثانية، أمّن مدير شركة «لينك» العالمية المتخصصة في إدارة الأزمات في بريطانيا «ديفيد إيفانز» على أهمية وضع خطة للاتصالات خلال الأزمات، وأوضح أن المنظمات يجب عليها بحث الآثار المترتبة على الأزمات، واستكشاف كيفية بقاء الأسس في التواصل الفعال لتحقيق تكامل الاتصالات في الأعمال اليومية، ملمحاً إلى ضرورة التعرف على ديناميكية الاتصالات ومعدل التغيير السريع بما يضمن لأي جهة التكيف مع التغييرات. بدوره، تحدث البروفيسور «جيم ثوماس» في الجلسة الثالثة عن طبيعة التفاوض في الأزمات، وأهميته بوصفه ظاهرة يومية بين الأفراد والمنظمات والدول وفي أوساط الأسرة والقرية وفي الشركات وعملية الشراء والبيع وعند حدوث المنازعات. واختتم اليوم الأول للمنتدى بالجلسة الرابعة التي تحدث خلالها «روبين سبيكولاند» في محاضرة بعنوان «تنفيذ الخطط والمهمات خلال الأزمات» تناول فيها أهمية التكيف مع سرعة التغيير، الأمر الذي يؤكد القدرة على تنفيذ الاستراتيجية بالشكل الصحيح منذ البداية، مؤكداً أهمية دور القادة في تنفيذ هذه الاستراتيجيات. وأوضح «سبيكولاند» أن غالبية المنظمات تتخذ تدابير خاطئة لتعقب استراتيجياتهم، لافتاً إلى أن غالبية هذه التدابير قد عفا عليها الزمن، ما يدعونا لتحسين استخدام التدابير المناسبة والعمل على توفير المعايير التي تقود إلى السلوك الصحيح وجعل الأمور الصحيحة في مكانها.