يومًا بعد يوم، وشهرًا بعد شهر، وعامًا يتلوه عام.. يتكرر العزف الجماعي على (ثقافة الاستجداء) طلبًا لها، وكأنه لم يبقَ في الكون مصدر للرزق سواها، وكلّما مرّت بنا حاجة نتوجّه إلى «كاتب المعاريض» لنستجدي منه الكلمات لقضاء الحاجات. نعم.. هناك حاجات تلح على البشر لقضاء حاجاتهم، لكن لماذا الاستجداء والاستعانة بعبارات سيبويه وإخوانه؟!. وقفة تساؤل: لماذا؟! ويأتي الجواب متنوع الصيغ والغايات. - فهناك مَن يؤثرها؛ لأنها وصفة سحرية «تؤتي أكلها كل حين». - وهناك مَن يؤثرها فرارًا من ضوابط البيروقراطية فيما سواها خارج السرب! - وهناك مَن يعلل هذا الشغف بمقولة (تعرف أحد)، يتصوّر أنك في مجلس ما أو وزارة ما، إن علاقتك بفانوس علاء الدين وطيدة. وللأسف مَن ارتهن الاستجداء كان له عبدًا وقرينًا.. وساء قرينًا. وبالأمس تسابقت الأقلام لاستجداء جماعي للشاعر السعودي محمد الثبيتي طلبًا من هذا أو ذاك بعد وفاته برعاية أسرته. صُدمت يومًا أن اكتشفت أنه طلب بيت للفنان طلال مداح بعد موته، صُدمت من طلب لكاتب قدير احترم حرفه، يستجدي لرعاية أسرة الشاعر محمد الثبيتي بعد مماته، وصُدمت قبله أن نقدم استرحامًا للعلاج، واسترحامًا لمنحة دراسية واسترحامًا لنقل. الاستجداء لا يرتفع أبدًا لمكانة وطننا أيُّها القاري الكريم، التعليم والصحة والعمل حق لكل مواطن.. فهل أُعلِّم حفيدتي من الابتدائية كيف تكتب الاستجداء، والاستعطاف، والاسترحام؟ أهكذا تكون الحياة بكرامتها؟! [email protected] نقلا عن المدينة