استبقت محال الحلوى في بغداد حلول شهر رمضان وسارعت إلى رفع لافتات تعلن فيها عن تقديم حلوى الزلابية والبقلاوة، ومثلها فعلت بعض محال العصائر والآيس كريم التي تقوم ببيع النوعين المذكورين من الحلوى في هذا الشهر المبارك. المحال الرئيسة أقدمت على جلب عمّال جدد للعمل ليلاً، أثناء شهر الصيام لتتمكن من تلبية طلبات زبائنها من الزلابية، فالصائمون في العراق يشتهرون بالنوم نهاراً والسهر ليلاً من وقت الفطور وحتى السحور، وهو وقت طويل يتضمن وجبات عدة. العائلات العراقية هي الأخرى جهّزت نفسها وتبضّعت من أجل شهر رمضان، وخصصت ميزانيات خاصة لشهر الولائم والسهر الذي يستهلك ميزانية شهرين أو ثلاثة لكثرة الوجبات التي يستهلكها الصائمون والمفطرون على حد سواء، تبدأ من الوجبات الرئيسة التي تتطلب كميات كبيرة من اللحوم وتنتهي بالوجبات الخفيفة والحلويات. فرق المحيبس في المناطق الشعبية بدأت تتحرك مجدداً لضم أعضاء جدد ودخول مسابقات مع فرق أخرى في مباريات شعبية تستقطب كثيرين ويدفع الفائزون فيها للخاسرين صينية من الزلابية أو غيرها من الحلويات. وعلى رغم انخفاض عدد الصائمين بشكل كبير في فصل الصيف لا سيما بين الفئات العمرية الشابة، إلا أن عدم الصُيّام لا يعني الاستغناء عن سُفرة الطعام المتنوعة التي تُعدّ يومياً في البيوت العراقية وبعناية خاصة، فالمثل الشعبي العراقي القائل «كد 12 شهر وأكلها برمضان» تتم ترجمته على أرض الواقع في إعداد الوجبات من النوع الثقيل. أمانة بغداد المسؤولة عن الجانب الخدمي في المدينة، رفعت لافتات كبيرة ترّحب فيها بقدوم شهر رمضان وطالبت المطاعم الصغيرة بإغلاق أبوابها في النهار، كما طالبت مطاعم الدرجة الأولى بوضع لافتات بيضاء تحجب فيها واجهاتها وزبائنها أثناء شهر الصيام، كي لا يطّلع الصائمون على مظاهر الإفطار داخل المطاعم. ورفعت بعض المنظمات الدينية إعلانات تطالب فيها غير الصائمين بعدم الإفطار علناً. نهار رمضان الساخن هذا العام، الذي يتزامن قدومه مع أكثر شهور السنة حرارة في بغداد حيث ترتفع درجات الحرارة إلى 48 و53 درجة، سيكون الأطول على الصائمين. أما لياليه فتحمل سحراً خاصاً، لأن الصائمين يقضون نهارهم في النوم وليلهم في السهر، فالمحال التجارية في العاصمة تتأخر في الإغلاق، حتى وقت السحور وتتأخر معها المطاعم التي تعد وجبات فطور وسحور للصائمين الساهرين، فضلاً عن الوجبات الخفيفة بين الاثنين. وقد بدأ التخطيط لرمضان وأمسياته في العراق في وقت مبكر، بسبب طبيعة الأجواء الحارة هنا، فباستثناء موظفي الدولة الذين يلتزمون بساعات دوام مبكرة، يغيِّر جميع العاملين في القطاع الخاص أوقات عملهم بشكل يلائم أوقات الصيام ويسمح لهم بالدوام لساعات أقل أثناء النهار. أما أطفال المناطق البغدادية الشعبية، فيتهيّأون للعبة الماجينة التي يطوفون خلالها بين الأزقة ينادون على الأهالي ويطرقون الأبواب للحصول على بعض المال وتوزيعه بينهم أو بعض الحلوى التي يتقاسمونها في نهاية المطاف قبل العودة إلى منازلهم. ورغم اعتماد الصائمين بشكل كبير على أجهزة الموبايل لتُنَبههم إلى أوقات السحور، إلا أن المسحراتية هيأوا دفوفهم مجدداً للطواف بين البيوت والنقر عليها لإيقاظ الصائمين متحدّين بها عصر التكنولوجيا الحديثة الذي تسبب في اختفاء كثيرين منهم في معظم أحياء بغداد.