الأديب العالم الشيخ أحمد بن علي المبارك من أدبائنا الرواد ومن أعلام الأحساء البارزين. لأسرته العريقة «آل مبارك» تاريخ علمي وأدبي حافل في منطقة الأحساء. عندما نقرأ سيرته الأدبية وسجل خدماته لوطنه، كعالم باحث وأديب باحث وديبلوماسي محنك. نجده في مقدمة رموزنا الأعلام، وقد استحق أن يكون الشخصية السعودية التي كرمت في مهرجان الجنادرية ال 18 عام 1423 ه، تقديراً لجهوده في خدمة العلم والأدب، وهو عالم ذو ثقافة واسعة، وله ذاكرة عقل موسوعي. عرفته أول مرة في معترك انتخابات النادي الأدبي في جدة سنة1981م، ضمت تشكيلة مجلس الإدارة المنتخب وقتها الأساتذة «حسن القرشي، مطلق الذيابي، عبدالهادي الفضلي، أحمد المبارك رحمهم الله وعبدالله الزيد وعبدالفتاح أبو مدين، إضافة إلى أعضاء سابقين كنت من بينهم، وفاز الأستاذ المبارك فيها بأصوات أدباء جدة الذين عرفوا فضله وعلمه، لذا انتخبوه رغم أنه لم يكن من أدبائها، وكنا نقول إن الأحساء أهدت لجدة أديباً عالماً كان كسبا لناديها ولمثقفيها وللمسيرة الأدبية. وقد أحب المبارك جدة وحفظ كثيراً من تاريخ أدبياتها، وقضى فترة عمله الديبلوماسي في الإدارة الإسلامية في فرع وزارة الخارجية عاشقاً لبحرها، وقد أحببناه وأحزننا فراقه يوم قرر الاستقرار حيث حنين المرء أبداً لأول منزل، الأستاذ المبارك رحمه الله، كان من الرجال الذين لا يتجملون بالعلم ولا يتصنعون تواضع العلماء ودماثة الخلق. كانت له صفاته ومميزاته، يمتعك بأحاديثه الأدبية الشيقة، وما يرويه من طرائف وملح وأمثال وألغاز وأشعار. كنت أستمتع بحضوره هو والأديب الإعلامي الراحل الأستاذ مطلق الذيابي، عند وصولهما لمكتبي مبكرين قبل انعقاد جلسات مجلس الإدارة، حين كانت إدارة النادي تتخذ من إحدى شقق عمارة سكنية في المدينة مقراً لها ويقيم النادي نشاطاته في فندق العطاس، كنت أستمتع أيما استمتاع، بأحاديث الرجلين وتعلمت منهما، كما حفظت من الشيخ المبارك كثيراً من نوادره وخواطره،. ومن شهد بعد ذلك أحديته المشهورة من الأدباء بالمنطقة الشرقية أدرك أنه، وهو أديب عالم صاحب أسلوب بلاغي وأدبي يرقى به لمرتبة عمالقة الأدب في عالمنا العربي، خشي أن يذوب مثقفو الأحساء في التيارات الأدبية الغربية، فينصهر الأدب الأحسائي الأصيل في بوتقة المذاهب المستوردة، لذلك عمد إلى إقامة «أحاديته»، كملتقى انضم إليه محبو الأدب وعشاق العلم، فكان مدرسة تخرج منها الشعراء والكتاب، ورافداً قوياً للحركة الثقافية في المنطقة. العالم المبارك، كان يبهرك بسعة علمه، ويثير إعجابك بغزارة معلوماته، ويخجلك برحابة صدره وحكمته أذكر أننا كنا لا نضيق بملاحظاته الدقيقة وانتقاداته التي كان يبديها ويكررها في جلسات المجلس، لأنه رجل دقيق ومنظم. كان أول نشاط للنادي بعد تلك الانتخابات عام 1981م، محاضرة ألقاها عن الحركة الأدبية في الأحساء، ورغم أن الدعاية للمحاضرة لم تكن كافية، إلا أن الذين حضروا لسماع محاضرته، تلك الليلة، يفوق بكثير العدد الذي تشهده نشاطات النادي في السنوات الأخيرة. وللتاريخ فإن فكرة ملتقى المسامرات الأدبية «أحدية النادي» وكان رحمه الله أول المسامرين فيها بطرائفه ونوادره. ولعلي أتذكره، وأذكر محاسنه، في ذكرى مرور 40 عاماً على تأسيس نادي جدة الأدبي أول الأندية الأدبية في المملكة، الذي تأسس عام 1395 ه..