هاجم زعيم التيار الصدري في العراق زيارة رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، الأخيرة إلى الولاياتالمتحدة، في الوقت نفسه حثَّ الجنرال الأمريكي المتقاعد، ديفيد بيترايوس، إدارة الرئيس باراك أوباما على استكمال آليات إنجاح خطته الاستراتيجية لمواجهة الحرب الطائفية في العراق بين عامي 2007 و2008 ودعم انتفاضة العشائر ضد تنظيم القاعدة كنموذج لمساندة العراق الجديد وهو يكافح في سبيل مواجهة الإرهاب، سواءً من قِبَل تنظيم القاعدة أو من قِبَل الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران. وكان نوري المالكي التقى باراك أوباما أمس الأول، الجمعة، وبحث معه تعزيز الجهود لمحاربة تنظيم القاعدة في العراق حيث تصاعدت وتيرة العنف بعد سنتين من رحيل آخر جندي أمريكي. وفي تعليقٍ له على سؤالٍ طرحه عددٌ من الكتاب العراقيين حول رأيه في زيارة المالكي إلى أمريكا«والعراق مستهدف بالعمليات الإرهابية وتهديدات القاعدة»، قال مقتدى الصدر: «تمنيت أن أرى رئيس الوزراء واقفاً بين أبناء شعبه في الأنبار أو الموصل أو ديالى أو المناطق المعدمة في بغداد أو المناطق التي يعصف بها الإرهاب أو محافظات الجنوب لأجل الدعاية الانتخابية بدلاً من أن يقف بين يدي رئيس أكبر دول الاستكبار العالمي». وأضاف الصدر في رده على تساؤل الكتاب العراقيين، «تمنيت أن يجمع المالكي كل الأطراف العراقية لكي ينتشل العراق من تلك الخلافات والصدامات والصراعات، وكم تمنيت أن يقف بين يدي دول صديقة مثل روسيا والصين لنقف معاً حتى نُخرِج العراق من أسوأ أيامه». وخاطب الصدر المالكي في تعليقه قائلاً: «لن تكون صفقاتك مع أمريكا ذات نفع اقتصادي وأنت تحارب كل من يخدم الشعب من محافظين ووزراء وغيرهم، ولن تنفعك أمريكا لا باستخباراتها ولا بغيرها لأنهم لا يريدون إلا مصالحهم». وتابع الصدر بقوله: «إن كنت تريد ولاية ثالثة فلا يعني تبريرك لزيارتك التي كلفت الملايين من الدولارات، فالتفت لشعبك واعترف بضعفك وبفشلك، فهذا ليس عيباً، بل الاعتراف بالخطأ فضيلة». وقال الصدر في تعليقه على علاقة العراق بدول الجوار والأصدقاء «إن العلاقة مع دول الجوار والأصدقاء ودول الربيع العربي أصبحت علاقة عداء وخصومة بفضل المالكي». وقدَّم الصدر الرجاء للمالكي بعدم جعل المسؤولية بيد أمريكا، مؤكداً في ختام خطابه لرئيس الوزراء أنه «إذا ابتعدت عنها – يقصد أمريكا- فنحن على أتم الاستعداد لنقف صفاً واحداً لإنقاذ العراق، ليس من الإرهاب فحسب، بل من الفساد أيضاً». من جانبه، حذر القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق، الجنرال ديفيد بيترايوس، من نفاذ الوقت أمام الولاياتالمتحدة والحكومة العراقية مع رؤية الأوضاع في العراق وهي تتدهور نحو الأسوأ. وقال بيترايوس، في دراسةٍ موسعة نُشِرَت في مجلة «فورين بوليسي» نهاية أكتوبر الماضي، إن الأنباء القادمة من العراق تبدو قاتمة مرة أخرى؛ حيث أدى الانبعاث الجديد للقاعدة، التي كانت تضاءلت نهاية عام 2008، إلى تصاعد الإرهاب العرقي والطائفي في بلاد ما بين النهرين، كما أدت الحرب الأهلية في سوريا إلى تعقيد الأمور بشكل كبير، وإلى تورط إيراني أكبر في العراق. واعتبر بيترايوس أن الإجراءات المختلفة التي قامت بها الحكومة العراقية قوَّضت مبادرات المصالحة التي كانت عززت مفهوم إشراك العرب السنَّة، كما حفزت تلك الإجراءات الحكومية الشخصيات السنية البارزة على الانسحاب من الحكومة، ودفعت المواطنين السنة إلى الخروج في احتجاجات إلى الشوارع. وتابع: «نتيجةً لكل ذلك، فإن السياسة العراقية غارقة اليوم في انعدام الثقة والخلل الوظيفي». ورأى الجنرال الأمريكي، الذي أسس نموذج الصحوات لمواجهة تنظيم القاعدة، أنه «في كثيرٍ من النواحي، فإن أوضاع العراق اليوم تبدو مشابهة بشكل مأساوي لعام 2006، مع تواصل الهجمات العشوائية لتنظيم القاعدة وشبكته من المتطرفين، إضافة إلى أن الحرب الأهلية في سوريا تُخَاضُ هناك، والوضع في العراق يبدو أكثر تعقيداً من عام 2006، وبالتالي أكثر بعثاً على القلق خصوصاً مع غياب القوات القتالية الأمريكية». وإذ يتطابق هذا التحليل مع وجهة نظر رئيس الحكومة نوري المالكي ودعوته واشنطن إلى شن حرب عالمية ثالثة على الإرهاب، فإن بيترايوس يختلف معه، مستذكراً علاقاته مع القيادات العراقية التي مازالت في السلطة بقوله: «على الرغم من أن القوات الإضافية مهمة جداً، لكن ما يهم أكثر هو موجة من الأفكار والمبادرات الرامية إلى تعزيز المصالحة مع عناصر من السكان الذين شعروا أنه ليس لديهم حافز لدعم العراق الجديد».