على الرغم من تأكيد عدد من الأطراف الدولية عقد مؤتمر جنيف 2 في نوفمبر القادم، لبحث الأزمة السورية وإيجاد حل سياسي للصراع الدائر في سوريا بين قوى المعارضة ونظام الأسد، إلا أنه بات من الواضح أن هناك عديداً من العقبات التي ما زالت تحول دون عقد المؤتمر في هذا العام، فكلا طرفي الصراع ما زالا غير جاهزين لحضوره، ويعوِّلان على حسم الصراع عسكرياً أو على الأقل تحقيق مزيد من المكاسب على الأرض لتحسين شروط التفاوض، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن تباين الرؤى بين الأطراف التي تدعم كلا الطرفين قد يعيق الوصول إلى جنيف في الظروف الحالية، خاصة مع اتساع رقعة الخلاف حول مصير الأسد الذي ترفض حكومته نقاش مستقبله في جنيف، معتبرة أن انتخابات 2014 هي من تحدِّد مصيره، فيما ترفض المعارضة المنقسمة على نفسها الحوار مع الأسد، معتبرة أن مؤتمر جنيف يجب أن ينقل السلطة إلى حكومة واسعة الصلاحيات دون الأسد، ويتعقد المشهد أكثر بعد إعلان عديد من القوى العسكرية والمدنية في الداخل السوري رفضها الحوار مع النظام، معتبرة أن مؤتمر جنيف يجب أن يرتب عملية انتقال السلطة مع رحيل الأسد، وليس التفاوض على مستقبل سوريا متمسكين بوحدتها أرضاً وشعباً. ويأتي جديد الموقف الأمريكي ليقلِّل من حظوظ عقد مؤتمر جنيف هذا العام بمستويين، أولهما أن واشنطن باتت على قناعة بوجهة نظر موسكو بضرورة الإبقاء على الأسد حتى إنجاز التخلص من الأسلحة الكيماوية، تنفيذاً للاتفاق الذي وقعه وزيرا خارجية البلدين، وضمان أن أي حكم جديد في البلاد سيكون مجرداً من هذه الأسلحة الخطرة، وثانيهما دعوة واشنطنطهران للمشاركة في جنيف 2 وهذا بالطبع مرفوض من قبل المعارضة، وسيثير حفيظة دول عربية وإقليمية تقف إلى جانب الثورة السورية، وترى أن في طهران جزءاً من المشكلة وليس الحل. في ظل هذه التعقيدات وتباعد المواقف والأهداف من مؤتمر جنيف سواء من الأطراف المتصارعة أو الداعمة لها، ومع الموقف الأمريكي الملتبس والمتغير من طرفي الصراع السوري، أصبح من الممكن القول إن مؤتمر جنيف قد لا يُعقد، وأن الصراع في سوريا سيطول أمده، ريثما يفرز متغيرات جديدة على الأرض، فأي حل سياسي سيكون محصلة لموازين القوى العسكرية في الصراع.