وصفت دراسة متخصصة في النقد والأدب، الأساليب الكتابية التي مارسها روائيون سعوديون شباب في الرواية الواقعية الاجتماعية الصادرة من عام 1400 إلى 1428ه، بأنها ذات لغة سردية وركيكة، موضِّحة أن فيها مخالفات للقيم والذوق العام، مع كثرة الأخطاء الإملائية والنحوية فيها. يونس البدر وقالت الدراسة، التي أعدها الباحث يونس بن حبيب البدر، وقدَّمها لكلية الآداب في جامعة الملك فيصل، استكمالاً لدرجة الماجستير في الأدب والنقد، إن جيل الروائيين الشباب ابتعدوا عن اللغة الجزلة التي يتطلبها الإبداع الروائي، عندما استخدموا اللهجة العامية، وعبارات باللغة الإنجليزية في لغة الرواية، في محاولة فهم الاقتراب من الواقع الاجتماعي. إلا أنها بينت أن بعض الروائيين «الناضجين» التزم بلغة سردية بعيدة عن الإسفاف وما يخدش الحياء. تعدد اللغة وفيما يخص أساليب الروائيين السعوديين بشكل عام، أوضحت الدراسة أن اللغة السردية كانت متعددة؛ منها أسلوب السرد الإخباري والسرد الوصفي، كما احتوت على الحوار الفني، والحوار التقريري، وتمكنت اللغة التسجيلية في الرواية الواقعية من وصف المكان والزمان بما يميِّز ملامح المجتمع السعودي، مما جعلها صورة للعصر الذي كتبت فيه. ولفتت الدراسة إلى أن الروائيين استخدموا في الرواية الواقعية تقنيات سردية متنوعة؛ مثل: الاستمتاع، الاستباق، التخلص، الحذف، والوقفة، مما ساهم في فهم مسار الأحداث الواقعية، وفسر واقعيتها بقراءة ماضيها ومستقبلها. وأشارت إلى أن المكان وجمالياته وواقعيته شغل مجالاً واسعاً عند الروائيين السعوديين في الروايات المدروسة، حتى برز اهتمامهم بواقعية المكان في عناوين رواياتهم التي حوت أماكن واقعية مثل «فتاة حائل»، «بنات الرياض»، و»درة الأحساء»، وامتد اهتمامهم بالمكان إلى المتن الروائي، حتى وصفوا الأمكنة بتفصيلاتها الدقيقة ليفرض الأفق المكاني شكلاً أدبياً مميزاً وسائداًَ في الرواية السعودية. شخصيات كاملة وبحسب الدراسة فإن جُل الروايات الواقعية المدروسة تظهر فيها الشخصيات وفق النسق التقليدي للشخصية في الرواية، حيث رسمت الشخصيات بكامل أبعادها الاجتماعية وسلوكياتها الشخصية ولغتها وطموحاتها وواقعيتها، كما أن إشكالية الهوية وصراع الأجيال تبلورت في الرواية السعودية الجديدة من منطلق الاتصال بالثقافة الغربية التي أثرت على الروائيين السعوديين في سياق الكتابة الاجتماعية، حتى جلبوا مفاهيم جديدة للحرية، تُعدُّ في عُرف الهوية السعودية ما يتعارض مع القيم والتقاليد الأصلية للمجتمع السعودي، مما يوحي بعدم تمييز هؤلاء الروائيين بين ما هو واقعي وما هو متعارض مع الهوية الاجتماعية. مبالغات واتهامات ولاحظت الدراسة أن الرواية الواقعية في المملكة، رصدت أثر الحداثة في المجتمع السعودي وما تبع ذلك من ظهور لطبقة المثقفين وإشكاليتهم مع مكونات المجتمع الأخرى، مما ولد صداماً مع تيارات أخرى. وأوضحت أن بعض الروائيين الشباب بالغوا في وصف شخصية المثقف ب«الملحد» و«المنحل أخلاقياً»، وهذه الصورة للمثقف لا تمثل واقعاً اجتماعياً سائداً، إنما حالات منفردة لا يمكن تعميمها. أطر مغلقة ومثلت قضايا المرأة وإشكاليات الأنوثة وسلطة الذكورة، طبقاً للدراسة، مساحة واسعة من مضامين الروايات الاجتماعية المدروسة، وحاول الروائيون من خلال طرق هذا الموضوع الخروج من الأطر المغلقة التي طالت المرأة السعودية لإعادة وضعها ضمن علاقات ومفاهيم جديدة. وقالت إن المشكلات العاطفية بين الرجل والمرأة في المملكة، تحتل في صورها المشروعة وغير المشروعة، قدراً كبيراً من الروايات، مشيرة إلى أن بعض الروائيين الشباب استثمروا هذه القضية لرسم صور ذات أبعاد فردية وشخصية ابتعاداً منهم عن القيم الفنية التي يفرضها الفن الروائي. وعي بالاقتصاد وعلى الرغم من ذلك؛ فقد بينت الدراسة أن الروائيين كشفوا في مضامين الرواية الواقعية الاجتماعية عن وعيهم بالقضايا الاقتصادية، وتفاوت الطبقات الاجتماعية، من خلال طرحهم هموم الطبقات الدنيا من المجتمع، إلا أن الطبقة الوسطى وهم الإنسان العادي كانت أبرز القضايا التي تناولتها الرواية السعودية. ولفتت إلى أن العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أدت إلى تطور الرواية السعودية في مرحلة الدراسة، حتى ظهر عدد من الاتجاهات الأدبية، وأهمها الاتجاه الواقعي الاجتماعي، وشغل هذه الاتجاه حضوراً في عدد كبير من الروايات السعودية التي اهتمت بتصوير الحياة الاجتماعية وشرائحها المختلفة وصراعاتها. وأوضحت أن الواقعية الاجتماعية في الرواية السعودية نشأت تبعاً لمجموعة من العوامل الخاصة التي تتلخص في: العامل السياسي، والاقتصادي، والثقافي، والديني، والاجتماعي. فترة خصبة وعن سبب اختياره الفترة الزمنية من 1400 حتى 1428، قال البدر: اخترت هذه الفترة لخصوبتها الفنية، واخترت الدراسة الفنية الموضوعية طلباً للشمولية التي يتطلبها موضوع البحث؛ مشيراً إلى أن الواقعية، كمذهب فني، ذات ملمحين، أحدهما موضوعي يرتبط بالمضامين والمعاني، والآخر فني يرتبط بالمكونات السردية المتعددة؛ و»دفعت لطرق هذا الموضوع لما وجدت فيه من مادة خصبة للبحث»، وفقاً لمخطط الدراسة ومنهجها الذي بُنِيت عليه. وأضاف قائلاً: «من أهم الدوافع لإكمال هذا البحث هو إيماني بأهمية تكثيف الدراسة حول الرواية السعودية الحديثة، وتقديم دراسات أكاديمية جادة تنقد الرواية نقداً بنَّاءً، مقابل وفرة المنتج الروائي، وما صاحب هذه الوفرة من ضعف في البنى الفنية لكثير من الأعمال، والسعي لتوجيه الدراسات الأكاديمية إلى قضايا المضمون في الرواية السعودية، وليس هناك أبرز من المضامين الاجتماعية؛ كالزواج، والتقاليد، والأعراف، والمشكلات الاجتماعية؛ كالخروج عن المألوف، والطبقية والتفكيك الاجتماعي التي تعد مجالاً رحباً لدراسات أكاديمية جادة».