رفض أستاذ اللغة والأدب في جامعة طيبة بالمدينةالمنورة، الدكتور مختار الغوث، ما ذهب إليه عدد من مؤرخي الأدب العربي الحديث، الذين نسبوا تجديد وإحياء الأدب العربي للشعراء المصريين. وشدد الغوث، في ندوة أقامها نادي المدينةالمنورة الأدبي، مساء أمس الأول، بعنوان «أدب شنقيط تجلياته وتصنيفاته»، على أن نهضة الأدب العربي الحديث بدأت من بلاد شنقيط، وسبقت الشعراء المصريين بنحو عقدين من ظهور الشعراء المجددين في مصر. وقال: «أجمع مؤرخو الأدب الموريتاني على رد الأقوال التي تنسب تجديد وإحياء الأدب العربي لغير شعراء شنقيط، موضحاً أن هناك لبساً وقع به هؤلاء المؤرخون باعتبارهم أن الأدب العربي الحديث تجدد على يد محمود البارودي وأحمد شوقي، ومن عاصرهما في تلك الحقبة، متجاهلين أثر «بلد المليون شاعر» (موريتانيا) في حماية الأدب والحفاظ على قوته، معتمدين على محاكاة العصرين الجاهلي والأموي. وطالب الغوث المؤرخين رد الفضل لأهله ولأدباء شنقيط القدماء، بمزيد من الاستقصاء والبحث، ليتبين لهم أن نهضة الأدب العربي الحديث بدأت من شنقيط في أوخر القرن ال 17، واستمرت بالنهوض حتى وصلت أوجها في القرن ال 19، معتبراً أن شعراء موريتانيا هم من حمل لواء التجديد في الشعر العربي الحديث، حتى جاء من اقتفى أثرهم في تجديد الأدب العربي. واستدل الغوث بأن عدد من الباحثين في حركة الأدب العربي، أكدوا في مؤلفاتهم أن أحمد شوقي، تأثر في اتجاهه إلى معارضة الشعر القديم بمعارضات شعراء شنقيط الذين سبقوه في هذا الفن، مشيراً إلى أن كتاب «الوسيط في أدب شنقيط» هو أقدم الكتب التي عنيت بتدوين الشعر الشنقيطي، وطبع في مصر عام 1911م. واعتبر الغوث أن البارودي وشوقي ذهبا في تجديدهما الشعر العربي بتقليدهم للشعر العباسي واستلهامه، بينما اعتمد شعراء شنقيط إلى محاكاة الشعر العربي في عهد القوة والأصالة في العصرين الجاهلي والأموي، «وهو أقوى بكثير من تقليد الشعر العباسي»، وعلى رأس الشعراء الشنقيطيين المجددين محمد بن الطلبة، الذي ولد قبل البارودي ب 64 عاماً، وتوفي بعد مولد البارودي ب 18 عاماً، وقبل ميلاد شوقي ب 13 عاماً. وشارك في الندوة إلى جانب الغوث عضو هيئة التدريس في جامعة الأمام محمد بن سعود الدكتورة مباركة بنت البراء، والشاعر الموريتاني حسن مهدي، والشاعر والقاص الموريتاني البكاي أحمد، وأدارها محمد الشريف. وقدمت بنت البراء ورقة عن أساليب أدب المرأة الشنقيطية «الحسانية»، استعرضت فيها عدداً من نصوص الشعر العاطفي. وأوضحت أن المرأة الموريتانية استطاعت البوح بما يختلج نفسها بشكل يبرز التمرد الجريء على سلطة الرقيب بأبيات تعبير خاصة، فتعمد تارة لبتر كلمة من النص الشعري، وتلجأ أخرى للرموز، وثالثة لإدخال كلمات من اللغة الفرنسية واللغات الأجنبية الأخرى، للهروب من النقد المجتمعي، الذي يرفض قصائد الغزل النسائية. وقالت: إن المرأة الموريتانية، بالرغم من دلالها وعلمها باللغة والشعر، لم يكن المجتمع يتقبلها كشاعرة، ومع ذلك برعت الموريتانيات في نظم شعر الغزل، إذ وجدن ضالتهن في رمزية الشعر وغموضه للبوح بمشاعر الحب والعشق. وشهدت الندوة قراءة شعرية وقصصية نالت استحسان الحضور.