لم يكن قرار الإدارة المصرية قطعَ العلاقات مع سوريا مفاجئاً، فالتواصل بين القاهرةودمشق منعدم فعلياً منذ أن وصل محمد مرسي إلى الرئاسة في مصر، ومنذ أن دعا إلى سوريا جديدة من دون نظام بشار الأسد. لكن المفاجئ هو رد فعل المعارضة المصرية على القرار الذي فعَّل المقاطعة الدبلوماسية للنظام السوري، وزاد من عزلته عربياً، كونه صدر عن دولة كبيرة لها تأثيرها في الشرق الأوسط. إن المعارضة في مصر فاجأت الجميع بأنها لم ترضَ عن قطع العلاقات مع نظامٍ قتل 93 ألف سوري، وشرد الملايين، ودمر سوريا، وأشعل فيها فتنةً، واستعان بغريبٍ على أبنائها. أحد قادة هذه المعارضة وصف القرار بأنه تهديد للأمن القومي المصري، وآخر اعتبره مغازلة للتيار الإسلامي، أما المعارضة في عمومها فأبدت امتعاضاً من الأمر، واعتبرته محاولة من الرئيس المصري لكسب جماهيرية تعينه على مواجهة ما سينتظره نهاية هذا الشهر من احتجاجات تدعو لإسقاطه. هذا التعاطي غير المتوقع مع مأساة الشعب السوري عبَّر عن «مكايدة سياسية» لا عن «معالجة موضوعية»، وأغفل مصالح المنطقة، التي يتعرض أمنها حالياً لتهديدات كبيرة، لحساب خلافات داخلية، وهذا النوع من التعامل يبدو شاذاً في منطقة باتت تدرك تماماً أن نظام الأسد يسعى لتلغيمها. ويمكن أن نفهم دعم الناصريين وبعض اليساريين للأسد على اعتبار أنه يعبر عن بعض أفكار هذا التوجه، وعلى اعتبار أنه أحد مكونات ما يسمونه محور المقاومة والممانعة لإسرائيل، ولكن بدا غريباً أن يرفض «الليبراليون» أو «المدنيون» تضييق الخناق على دمشق، لقد ظهر موقفهم متناقضاً مع أدبياتهم الداعية إلى الحرية والعدل، هذه القيم أُسقِطت بفعل الكيد السياسي، وتجاهل آلام السوريين. ومن اللافت للانتباه موقف الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، إذ اعتبر قطع العلاقات بين مصر ونظام الأسد مغازلة من الإخوان للسلفيين، رغم أن التاريخ القريب يسجل له دعمه التدخل العسكري في ليبيا، وقطع علاقات الدول أعضاء الجامعة العربية معها، وهنا يمكن القول إن عدد القتلى في سوريا تجاوز نظيره في ليبيا بنسبة 100 %. إن تاريخ هذه المنطقة سيشهد لمن وقفوا إلى جانب الشعب السوري في محنته، سواء كانوا من الأنظمة أو من الشعوب، أما من تغافلوا عن هذا الواجب الإنساني لأنهم نظروا فقط إلى مكاسبهم السياسية فعليهم مراجعة انفسهم.