تقصد (هبة) معلمة رياض الأطفال يومياً عملها الذي تحبه، وتتعاطى مع الأطفال ببراعة وشغف، ورغم قلة الراتب، لم تنظر إلى مهنتها بازدراء، بل لطالما كانت تراها جسراً تعبر من خلاله إلى طموحها؛ لذا لم تفكر في ترك وظيفتها، إلا أن المدرسة الخاصة استغنت عن خدماتها؛ لسبب مجهول، اتضح فيما بعد أنه وشاية من زميلة نقلت معلومات مغلوطة عنها. وتعبّر (هبة) عن غيظها لأنها لم تقرأ إشارات كانت كافية لجعلها تفهم أن زميلتها (الواشية) “مجرد جاسوسة” تنقل كل ما يدور في غرفة المعلمات إلى المديرة، وهي صاحبة المدرسة أيضاً، ثم تكمل بحرقة، قائلة “لو أنني ترجمتُ قلة نصابها من الحصص، ووجودها المستمر معنا، كنتُ توصلتُ للحقيقة” وأضافت “اكتشفتُ الآن فقط أن وظيفتها الأساسية التي تتقاضى راتباً مقابلها هي (واشية)، وهي وظيفة مستحدثة، لكنها غير مسجلة في مكتب العمل”. وتشكو (أمل عبدالله)، موظفة بالقطاع الخاص، تعرضها لوشاية عمل، فتقول “طلب مني عمل إضافي في نهاية الدوام سيفيد قسماً آخر، ومن باب المجاملة، وحتى لا أتسبب في إحراج القسم الزميل لنا، تجاوبت معهم، ولكن جهاز الكمبيوتر الخاص بي لم يستجب لمحاولاتي، فلم أستطع طباعة المهام المطلوبة مني؛ لذا طلبت من القسم الآخر طباعتها، ثم غادرت بعدما تركتُ سائقي ينتظرني أكثر من خمسين دقيقة، وفي اليوم التالي فوجئتُ بزميل يشي بي ويعرض الموضوع على المدير بشكل مختلف تماماً؛ ما أغضبه، وأظهرني بمظهر(المهملة)، بينما قدمتُ في الواقع (تنازلاً)، وبقيتُ بعد وقت دوامي الرسمي، لكن جهدي الذي ظننته سيكون محل تقدير، جرّ عليّ مشكلات كنتُ في غنى عنها”، وتتمنى أمل عبدالله لو تسود المهنية جو العمل، خاصة في القطاع الخاص، بدلاً من (القيل والقال)، مبينة أن هذه الصفة تشغل الموظف عن عمله، كما تضعف مهنيته، وتجعل محيط العمل بيئة غير مريحة للموظف. بينما يتذمر علي من الخوف الدائم الذي يلازمه، فيبوح ل”الشرق” بمعاناته “تعرضتُ في عملي السابق لوشايات عديدة، حتى من أقرب أصدقائي، ومع تغييري مقر عملي، إلا أنني مازلتُ متحفظاً في حديثي لزملائي الجدد، جرّاء ما عايشتُه خلال تجربتي السابقة، وأعتقد أن استخدام النميمة ونقل الكلام كتسلية، أو لأي دافع آخر، ليس مُبرَّراً إطلاقاً، خاصة إذا كان الكلام المنقول غير واقعي، بل صادراً من مخيلة ناقله”. ويركز استشاري التنمية البشرية عبدالله سعد الدهلاوي على ضرورة تأهيل مدير العمل بداية، باعتباره قائد المكان، ويعد وجود الوشايات داخل محيط العمل مؤشراً يدل على الديكتاتورية؛ فالبيئة الصحية -حسبما يقول- تمنح كل فرد داخل محيط العمل الفرصة في التعبير عن مشاعره وآرائه بكل أريحية، وعلى الملأ، بحيث لا يضطر أساساً إلى البوح في الخفاء، و لو لم يلمس الموظف الواشي من المدير تجاوباً، فضلاً عن الطلب، لما تمادى في نقل الكلام الحقيقي والمغلوط، ولو كان منهمكاً تماماً في عمله لما وجد وقتاً للانشغال ب(القيل والقال)، فالموظف الكفء يهتم بعمله وليس بالآخرين، ويكمل حديثه “يمكنني اختزال الحل لهذه الظاهرة في كلمة واحدة، وهي تأهيل المدير يؤهل بيئة العمل”.