تراجُع وزارة التربية والتعليم عن قرارها بتقليص إجازات المعلمين والمعلمات تراجعٌ محترم جداً. ونتمنّى أن يكون في وزاراتنا وإداراتنا قياديون يتراجعون عن قراراتهم حين يتضح لهم أن أثرها لن يكون طيباً. إنها العودة إلى الصواب المثمر، واحترام للمتأثرين بالقرارات والإجراءات. وعلى العكس من ذلك؛ فإن المسؤول الذي يُصرّ على قراره الذي يثير استياءً أو ردات فعل سلبية؛ إنما يصرّ على أن يكون خارج لغة المرونة، ذلك أنه كُلّف في موقعه من أجل أن يكون حريصاً على المصالح العامة. وأشدّ المسؤولين صلابة أولئك الذين يرون المصلحة العامة من خلال ما يرونه هم فقط، ويجدون، من حولهم، من يساندهم ويثبّت نظرهم الفرديّ. وزارة التربية ضربت مثلاً ليس للمسؤولين الآخرين فحسب، بل ولأبنائنا وبناتنا من الطلاب والطالبات. حقيقة لقد فعلت ذلك بروح قد لا تكون مقصودة من قبل الساعين إلى التراجع أنفسهم. إلا أن الطالب الذي يرى الوزارة المشاركة في تعليمه وتربيته قد تراجعت بكلّ بساطة عن قرار اتخذته عن طيب خاطر. سيرى الطالب والطالبة أن الوزارة انتصرت للصواب وعادت إليه، وأعلنت ذلك بوضوح. وهذا في ذاته سلوك تربويّ على العاملين في الوزارة، من تربويين وإداريين، أن ينتبهوا إلى دلالاته وآثاره في الوسط المدرسيّ والإداري. إذ لا عيب في ذلك، ولا يعني أن الوزارة كسرت هيبتها، أو قلّلت من قيمتها، أو قدمت دليلاً على أن قرار التقليص المتراجَع عنه كان خطأً غير مدروس. لا وزن ولا أهمية للتفكير الذاهب إلى هذا الاتجاه. بل العكس من ذلك، فالمغزى هو أن يعود الجميع مربين وإداريين إلى ما هو صواب وصالح ومثمر. والتربويون العاملون في المدارس يستحقون أن يستريحوا في إجازاتهم على النحو الذي تعودوه، ذلك أن الوظيفة التعليمية ليست كمثل الوظائف الأخرى. إنها عمل صلبٌ حسّاس ضاغط مسؤول. وحين تتزامن راحة الطالب مع راحة المعلم؛ فإن النتيجة هي دعم الطرفين للاستفادة من محطات الاستراحات الضرورية، للمعلم والطالب معاً. فضلاً عن ذلك؛ لا يمكن تغيير الإجازة على نحو مفاجئ كالذي حدث في الوزارة. أبسط سلبيات ذلك هو ردة الفعل المستاءة في الأوساط التربوية، والمعلمون الكادحون طيلة العام الدراسي في المقدمة. أحسنت الوزارة بتراجعها، وعلينا احترام هذا السلوك المسؤول.