* علم قطر مرفوعاً داخل مخيم تونسي للاجئين الليبيين (الشرق) * مقاتل ليبي يحاول إعادة ترتيب شاهد قبر سيف العرب القذافي ابن معمر القذافي الذي قُتل بقصف لحلف الناتو بعد أن دمره الثوار (الشرق – خاص) * اليد التي كان القذافي يقف ويخطب عليها في باب العزيزية بعد أن استولى عليها الثوار ونقلوها إلى مصراتة(الشرق – خاص) * اثنان من الثوار الليبيين أمام أكداس من السلاح (الشرق – خاص) * مقاتل ليبي يستخدم رشاشاً مضاداً للطيران خلال الثورة (الشرق – خاص) * ليبي يقف قرب فوارغ الرصاص بعد المعارك (الشرق- خاص) * أحد الثوار الليبيين يستريح بين المعارك (الشرق – خاص) * مقاتلون من الثورة الليبية (الشرق – خاص) طرابلس – الشرق الأموال والأسلحة القطرية كانت تشتري ولاءً أكثر مما تساعد ثورة إجراءات تأمين زيارة تميم بن حمد إلى طرابلس أثارت استهجان الشارع جبريل: لن نتبع أحداً.. ولن نقبل بانتهاك سيادتنا شلقم: بلدي لن تكون إمارة لقطر.. وعدد شهدائنا وجرحانا يفوق عدد سكانها الليبيون رفضوا إقامة غرفة عمليات أمنية في طرابلس تشارك فيها قطر التسليح القطري للثوار لم يكن مدروساً وأدى إلى تشكيل ميليشيات قناة الجزيرة عبَّدت الطريق للدوحة لتبدو لاعباً فاعلاً في نجاح الثورة عُد اندلاع الثورة الليبية في ال 17 من فبراير 2011 نقطة تحولٍ حاسمة في مسار السياسة الإقليمية والعربية، لاسيما إن أُخِذَ في الاعتبار الموقع الاستراتيجي لليبيا من ناحية، وثروات «بلاد عمر المختار» من ناحية أخرى. وتلقفت قوى ودول عديدة خروج الشباب الليبي إلى الشوارع أسوة بشباب تونس ومصر لتحاول ركوب الموجة الثورية من بدايتها؛ حتى يكون لها دورٌ فيما بعد في النظام السياسي الجديد الذي سيخلف نظام العقيد معمر القذافي، وربما ليكون لها أيضاً جزءٌ من كعكة الثروة الليبية في ظل النظام الجديد. من الوساطة إلى تأسيس النفوذ كانت قطر من أولى الدول التي رأت من بين نيران الثورة الليبية فرصة تلوح لها لتلعب دوراً رأى كثيرون أنه أكبر من حجمها، بينما رأت الدوحة أنه آن الأوان لترك سياسة الوساطة التي كانت تلعبها والبدء في تأسيس نفوذ لها يلائم حجم ثروتها المالية الهائلة وطموحات قادتها الكبيرة. وبدا حماس قطر واضحا وجليا إزاء تفجر الوضع في ليبيا خاصة عندما لعبت دوراً كبيراً في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي مهَّد لقرار من مجلس الأمن بفرض حظر جوي على ليبيا يقي الثوار بطش طائرات القذافي. ثم شاركت القوات القطرية في العمليات العسكرية التي قادها حلف شمال الأطلسي في ليبيا، وذلك بالتوازي مع تركيز إعلامي لم يسبق له مثيل على الثورة الليبية لم يترك أي تفصيل إلا وسلط عليه الضوء عبر قناة الجزيرة المملوكة للحكومة القطرية بأسلوب تجاوز كثيراً مبادئ العمل الصحفي المستقل والمحايد. ولم تكن قناة الجزيرة تعرض الأحداث والتطورات في ليبيا فحسب، بل كانت تؤسس أيضاً للدور القطري القادم وتعبِّد له الطريق، وذلك عبر جعل الجزيرة ومن ورائها قطر تبدوان ليس فقط كمساندين للثورة بل كلاعبين فاعلين في إنجاحها. فوضى التسليح تصدرت قطر قائمة الدول التي وفرت السلاح والذخيرة للمقاتلين الليبيين، حيث نقلت إليهم تجهيزات وقوات عبر أسطولها من طائرات «سي 17» و»سي 30»، وعبر باخراتها التي نقلت أطنانا من الأسلحة والذخيرة والمعدات اللوجيستية وكانت ترسو على شواطئ جزيرة جربة وجرجيس في الجنوب التونسي ليتم نقل محتوياتها فيما بعد إلى داخل الأراضي الليبية. وتمت عمليات التسليح بلا حدود أو دراسة، ما أغرق ليبيا بالسلاح وخلق عديدا من الميليشيات غير المنضبطة لهيئة سياسية شرعية، وكان السلاح في أغلب الأحيان إلى جانب الأموال يشتري ولاءً أكثر مما كان يساعد ثورة. ولاحقاً، بعد سقوط نظام القذافي، انقشع غبار المعارك ليتضح أن البلاد أصبحت مستودعاً كبيراً للأسلحة وساحة أكبر لمجموعات مسلحة سرعان ما راحت تتشابك فيما بينها. كما تحولت مخيمات اللاجئين الليبيين في تونس إلى ساحة مفتوحة للدعاية القطرية، واستغلت الدوحة معاناة اللاجئين من أجل تحقيق مكاسب سياسية تتمثل أساسا في خلق قاعدة ولاء لها تستخدمها للتأثير في حركة السياسة في ليبيا. جبريل وشلقم انتبها مبكراً لدور قطر بدورهما، انتبه السياسيان الليبيان البارزان محمود جبريل وعبدالرحمن شلقم إلى الدور القطري في ليبيا مبكراً فكانا من أوائل الثوريين الذين انتقدوه ووضعوا أمامه علامات استفهام. وهاجم رئيس المكتب التنفيذي السابق للمجلس الانتقالي الليبي، محمود جبريل، قطر في نوفمبر 2011 وحمَّلها «مسؤولية فوضى السلاح التي تشهدها ليبيا، والتناحر والخلافات الدائرة بين الثوار ومختلف التيارات التي تقود المرحلة الجديدة، وذلك من خلال العمل على إثارة الفتنة بدعم أطراف معينة». وقال جبريل، في تصريحات تليفزيونية آنذاك، إن قطر تحاول الآن لعب دور أكبر من إمكانياتها في شؤون ليبيا، متهما إياها بالوقوف إلى جانب فصائل لم يسمها في الحرب ضد نظام القذافي المنهار وذلك بالمال والسلاح والجنود والدعم اللوجيستي. وشدد جبريل على أن «قطر قدمت كثيراً للثورة الليبية في بدايتها وقامت بدور لا يمكن أن يُنسَى، لكن أعتقد أنها الآن تحاول أن تقوم بدور أكبر من إمكانياتها الحقيقية». وأضاف رئيس الوزراء الليبي السابق «قطر تمتلك ما يمكن أن يسمى أدوات القوى الناعمة، المال والإعلام، لكن كل الدول عندما تصل إلى مرحلة يسميها علماء السياسة الانتشار الأكثر من الإمكانيات فإن هذا يؤدي إلى الانكسار من الوسط». وعد جبريل أن «الدور القطري في ليبيا إذا كان دورا يلبي مصالح الشعب الليبي فهو دور مرحب به، لكن عندما تنحاز قطر إلى فئة ما ضد بقية الشعب الليبي لإثارة الفتنة فهذا قد لا يكون في صالح الليبيين»، مؤكداً أن «ليبيا لن تكون تابعة لأحد سواء قطر أو الولاياتالمتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أو غيرها، لا أعتقد أن الليبيين قد يقبلون بتدخل خارجي أو أن ينتهك أحد سيادتهم». هكذا جاء تقييم الدور القطري من قِبَل أحد أهم المسؤولين الليبيين وهو الذي قاد ائتلافا سياسيا فاز في الانتخابات الأخيرة للمؤتمر الوطني الليبي العام. وقبل محمود جبريل، فإن وزير الخارجية الليبي السابق ومندوبها في الأممالمتحدة عندما اندلعت الثورة، عبدالرحمن شلقم، كان انتقد بحدة السياسة القطرية إزاء بلاده، متهما الدوحة بمحاولة الهيمنة على ليبيا. وقال شلقم إن ليبيا «لن تكون إمارة تابعة لقطر»، معبراً في حوار مع التليفزيون الألماني في 5 نوفمبر 2011، عن عدم فهمه للتحالف الذي تقوده قطر قائلاً: «أنا لا أفهمه، ولا أقبله وغير معروف حتى لليبيين، قطر تقود أمريكا وفرنسا، من هي قطر؟ ما هي قدرة قطر؟». وأضاف «أخاف أن تصاب قطر بما أصيب به معمر القذافي من جنون العظمة، فتتوهم أنها تقود المنطقة، أنا لا أقبل ذلك، عدد الشهداء الليبيين والجرحى يفوق عدد سكان قطر». وكشف شلقم حينها أن شخصية أمريكية قالت له إن هناك خمسة ملفات في ليبيا بيد قطر، وهي النفط والأمن والمال والاستثمار والجيش، ولفت في هذا الشأن إلى أن ولي عهد قطر، الشيخ تميم بن حمد، أخبره أنهم لن يتركوا ليبيا وشأنها بعد أن دفعوا ثلاثة مليارات دولار فيها على الرغم من أنه بإمكانه جمع السلاح من هذا البلد خلال 24 ساعة. امتعاض في الشارع الليبي أما الشارع الليبي فبدأ في الامتعاض من السياسة القطرية ومخططاتها في ليبيا، ورغم تقديره للدور القطري في دعم الشعب الليبي، إلا أنه في الوقت نفسه بدأ يرى تجاوزات لا تروق له على عدة أصعدة. وأعرب الليبيون مؤخراً رفضهم لأحاديث حول ترتيبات عالية المستوى تجري في طرابلس لإقامة غرفة عمليات أمنية كبيرة اختار لها الجانب القطري اسم «لجنة إسناد ليبيا» على أن تكون مزودة بأجهزة، معظمها قطرية، للاتصالات والمراقبة الحديثة. وكان مخططاً أن تضم هذه الغرفة الأمنية خبراء مدنيين وعسكريين قطريين وليبيين، وأن تعمل على مستوى ليبيا للمراقبة والتحكم في الملف الأمني ومراقبة المنافذ والحدود وجمع السلاح الثقيل وضبط السلاح الخفيف. كما استهجن الشارع الليبي بشدة الطريقة التي تمت بها زيارة ولي العهد القطري إلى ليبيا في 17 يوليو الماضي، إذ قبع الأمير في فندق «ريكسوس» بطرابلس بينما توافدت عليه وفود من الشخصيات والأحزاب الليبية، وحضر مع الأمير القطري نحو 500 ضابط وجندي من بلاده لتأمين المطار والفندق الذي نزل فيه. ويجمع عددٌ كبير من الليبيين على أن قطر لعبت دوراً مهماً في مساعدة الثورة الليبية، لكن ذلك لم يأتي من قناعة بشعارات الثورة التحررية ولا «استجابة لنداء الليبيين» كما يقول البعض الآخر، وإنما جاء في سياق بحث الدوحة عن نفوذ لها في أرض عمر المختار، وهو نفوذ قد يبدأ في الانحسار سريعاً إن لم تغلب الحكمة على السياسة القطرية في هذا البلد وغيره من البلدان العربية. مقاتلون قطريون شاركوا في إسقاط باب العزيزية يقول أحد الشباب العرب المشاركون في الثورة الليبية ل «الشرق» إن الحديث عن الدور القطري في الثورة الليبية هو الحديث عن الثورة الليبية برمتها. ويعد هذا الشاب أن قطر كانت ولا تزال لاعبا أساسيا في المشهد الليبي، «فمنذ 17 فبراير جندت الدوحة كل إمكانياتها المادية والإعلامية والدبلوماسية من أجل إسقاط النظام الليبي»، مستشهداً بمشاركة جنود قطريين في عملية فجر طرابلس العسكرية وإسقاط باب العزيزية خلال أغسطس 2011. ويتابع: «رغم نفي قطر ذلك، فإن أحد أشرطة الفيديو المصورة أظهر أحد الجنود القطريين وهو يرفع علم بلاده أمام سفارة قطر في طرابلس بعد ساعات من سقوط باب العزيزية، وهو ما يفضح وجودهم». ويقول محدثنا إن الأسلحة القطرية كانت تصل إلى الثوار على جميع الجبهات، مؤكداً أن العمليات العسكرية كانت تُقرَّر بين القيادات الميدانية الليبية والقيادات القطرية. ويضيف أن ليلة سقوط طرابلس كشفت كثيراً، حيث تحول فندق «كورونتيا» في طرابلس إلى مقر لعمليات عسكرية، وكذلك مطار معتيقة العسكري، معداً أن الحراسة الأمنية التي كانت منتشرة في بهو الفندق ومحيطه من قِبَل عناصر عسكرية أجنبية بلباس مدني وتحمل أسلحة متطورة تجعل المشهد الليبي أكثر من ثورة. وفي هذا السياق، يبرز دور القيادي العسكري الليبي في صفوف الثوار عبدالحكيم بلحاج والذي يتمتع بعلاقات وطيدة بالنظام القطري، ولا يخفى عن أحد أن قطر دعمت عبدالحكيم بلحاج، العضو السابق في تنظيم القاعدة، وهو الآن رئيس المجلس العسكري في طرابلس. ووفق المعلومات المسربة من ليبيا، فإن بلحاج سلّم رئيس الأركان القطري كمية غير قليلة من الوثائق التي استولى عليها، والتي تكشف عن العلاقات العميقة لنظام القذافي ببعض الدول والشخصيات العربية وغير العربية.