يا سبحان الله! نفس الشعارات التي حملها ورددها شباب ميدان التحرير ضد الرئيس مبارك تتكرر اليوم في نفس المكان ولكن ضد الرئيس مرسي. عبارات مثل «ارحل» و«الشعب يريد إسقاط النظام» يتردد صداها اليوم في ميدان التحرير. بل لن أستغرب لو حمل بعض المتظاهرين ذات اللوحات التي حملوها قبل أشهر في ميدان التحرير ضد مبارك. لوحات ربما لم يجف حبرها بعد منذ أيام المظاهرات الشهيرة ضد النظام السابق. وفي هذا تأكيد أن شباب مصر قد عرفوا سر قوتهم حينما اكتشفوا -عبر وسائل التواصل الاجتماعي- قدرتهم على تنظيم أنفسهم وترتيب صفوفهم. لكنها مفارقة أن يتحول ميدان التحرير اليوم إلى منبر للتعبير عن صدمة قطاع واسع من شباب مصر في رغبة «الإخوان» الجامحة للهيمنة على مفاصل الدولة. أيام المظاهرات الكبرى ضد مبارك تعامل «الإخوان» فيما يبدو مع الموقف بفكرة «تمسكن حتى تتمكن». ركضوا للتفاوض مع عمر سليمان. ولو أن فصيلاً سياسياً سبقهم لمقابلة عمر سليمان لفضحوه وكالوا ضده تهم العمالة والخيانة. أمر محزن أن تأخذهم اليوم العزة بالإثم في إصرارهم على الهيمنة الكاملة على مفاصل الدولة في مصر. ليتهم قرأوا جيداً تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا وفق «واقعية» سياسية لا «انتهازية» مؤدلجة تسعى لتثبيت أقدامهم في السلطة نقيض كل وعودهم و تعهداتهم. إسلاميو تركيا أقنعوا غالبية قطاعات المجتمع التركي، بمن فيهم غلاة العلمانية، بجدارتهم في الإدارة والإصلاح وبناء الاقتصاد القوي. كنت ممن رحب بفوز الإخوان في مصر احتراماً لاختيار الشعب المصري وأملاً في أن يثبت الإخوان أنهم قد حرروا أنفسهم من عباءة «الأيديولوجيا» وفهموا الواقع الجديد في محيطهم. لكنهم اليوم ينتكسون سريعاً وهم يكشفون كل أوراقهم في سعيهم السريع للاستحواذ على كل شيء. وذلك هو الاستبداد بعينه! أم كأنك يا بو زيد ما غزيت؟!