هلال محمد الحارثي – مشرف تربوي في تعليم الطائف يصادف اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية لهذا العام يوم الأحد السابع من ذي القعدة 1433ه، الموافق 23 من سبتمبر 2012م، ولاشك أن ذلك مناسبة وطنية عزيزة وغالية على الجميع تعيد لنا ذكرى ذلك اليوم التاريخي قبل اثنين وثمانين عاماً عندما كان للملك عبدالعزيز -رحمه الله- وقفة مع التاريخ.. عندما أعلن توحيد أجزاء بلاد الحرمين الشريفين وتسميتها المملكة العربية السعودية؛ لتنشأ في تلك اللحظة التاريخية المباركة دولة فتية تزهو بتطبيق شرع الإسلام وتصدح بتعاليمه السمحة وقيمه الإنسانية في كل أصقاع الدنيا، ناشرة السلام والخير والدعوة المباركة، باحثة عن العلم والتطور، سائرة بخطى حثيثة نحو غد أفضل لها وللمجتمعات البشرية كافة. وتعني رمزاً مشرقاً في قلب كل مواطن ومواطنة، حيث تحل هذه الذكرى مجللة بصور ماضٍ تليد أسس لهذا الحاضر الزاهي مكانة تأبى إلا أن تتجدد مع انبلاج كل صباح يحمل بين جنباته التقدم والخير وسعادة الإنسان وأمنه ورفاهيته، كما تحل هذه المناسبة لتذكرنا بجهود المؤسس الباني الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ومتابعة ورعاية أبنائه المخلصين البررة من بعده، الذين ساروا على هذا النهج وترسموه في مسيرهم بهذه البلاد وأهلها لتحافظ على مكانة العز والمنعة التي نالتها بين أمم الأرض، ملتفة حول قيادتها الرشيدة، عاملة بكل جد وتفانٍ تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود؛ لتحقيق مزيد من الخير والنماء والسعادة للجميع. ولقد حققت المملكة بحمد الله إنجازات كبيرة وآمالاً عريضة على المستوى الداخلي بما وصلت إليه من تقدم حضاري في كل المجالات وعلى المستوى الخارجي بتقدير مكانتها واحترام رأيها وتأكيد دورها الكبير في الساحة الدولية. وللمملكة جهود موفقة في نشر العلم والثقافة وافتتاح المدارس داخل المملكة وخارجها، وبجميع الوسائل والسبل في أي بلد كان، التي تُعنى بنشر الإسلام والثقافة العربية والإسلامية، وبالتالي الإسهام في نشر العلم والمعرفة بين الدول والأمم والشعوب. وهنا لابد لنا أن نفخر ونعتز بالمكانة المرموقة التي تتبوؤها، والدور الكبير الذي تضطلع به، والمسؤولية العظمى التي أخذتها على عاتقها حتى بلغت مصاف الدول المتقدمة. فهذا هو الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل –طيب الله ثراه- الذي قرر الحرب ضد الجهل ودعم العلم والتعليم. حيث كانت البداية الأولى للتعليم، التي بدأها وأشرف بنفسه على تنفيذها، بما تمثله من دور تربوي توجيهي قام به الملك المؤسس، وما تضمنته من تجارب تربوية تعدّ بدايات الفكر التربوي في المملكة، وما اشتملت عليه من جهاد مع صعوبات جمة من نقص في الإمكانات المادية والبشرية، ولكنه استطاع على الرغم من ذلك أن يضع الأسس للنظام التعليمي، وأن يصل به إلى أرجاء الوطن خلال مسيرة وحدته، وأن يجند خلاله مجموعة من خيرة المفكرين التربويين الذين أصبح لهم دور يفخر به الوطن ويستحق التسجيل في تاريخ الفكر التربوي. وكان -يرحمه الله- يدرك بوضوح أن التعليم سلاح لا يُهزم في معركة التوحيد والتنمية، حيث كان أول أعماله بعد دخول مكة عقد اجتماع تعليمي موسع في جمادى الأولى من عام 1344ه اجتمع فيه مع العلماء في مكةالمكرمة، وبدأ يحثهم على تنفيذ مشروعه التعليمي في البلاد، بعده أسس مديرية المعارف التي وضعت بالتعاون مع مجلس المعارف أول نظام تعليمي للبلاد عام 1344ه وغيّرت من التوسع في فتح المدارس في أنحاء المملكة شكل التعليم الذي كان يعتمد على الكتاتيب وبقية لم تتأصل جذورها من بعض المدارس، ذلك إلى جانب افتتاح المعهد العلمي السعودي عام 1345ه، ومدرسة تحضير البعثات عام 1355ه، ودار التوحيد في الطائف عام 1364ه، كما أصدرت عدداً من النظم التعليمية. وحظيت الوزارة الأولى للتعليم بأن أوكلت رئاستها آنذاك إلى صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- الذي ظل يرعى الأمانة منذ أول يوم في وزارته، وعُدّ بحق الرائد للتعليم في المملكة وراعيه. وقد جاء ذلك من إيمانه -رحمه الله- بأهمية العلم وفضله وقيمته، ولأن الأمم والشعوب لا تقاس إلا بما وصلت إليه من العلم والثقافة والحضارة والتقدم. وسار على نهج الملك المؤسس –يرحمه الله- أبناؤه البررة من بعده. ويلمس ذلك كل مواطن سعودي أو مقيم عاش على أرض المملكة العربية السعودية الطاهرة، حيث استطاعت القيادة الحكيمة –أيدها الله– القضاء على الجهل بالعلم الذي شق دياجير الظلام فاستضاءت بنوره العقول وعرفت طريقها. وفي هذه الحقبة الزمنية وصل التعليم الذروة وأخذت التربية والتعليم نصيب الأسد من الأهمية والاهتمام والدعم السخي والتوجيهات الكريمة، وصُرفت الأموال الطائلة، وشُيدت المباني العظيمة لاستقبال الطلاب والطالبات على اختلاف مراحلها. وأخذت الفتاة السعودية نصيبها الوافر من التعليم في جميع المجالات، ذلك بعد أن وصل التعليم إلى كل مكان ممكن أن تصل إليه قدم إنسان. ولم يكن الاهتمام بالعلم داخل الحدود الجغرافية للمملكة، بل امتد إلى أبعد من ذلك، حيث افتتحت المدارس والأكاديميات السعودية في الخارج، التي بلغ عددها عشرين مدرسة وأكاديمية سعودية في كل قارات العالم، وتم دعمها بالإمكانات والكوادر المؤهلة، وأصبحت منارات هدى ومراكز إشعاع لنشر اللغة العربية والثقافة الإسلامية. وختاماً: إن اليوم الوطني للمملكة يوم خالد مجيد وذكرى سعيدة علينا جميعاً تربط الماضي بالحاضر المزدهر، وتعني رمزاً مشرقاً في قلب كل مواطن ومواطنة في هذا البلد، وهو خاتمة مسيرة كفاح طويلة خاضها جلالة المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن في سبيل ترسية أركان هذا الوطن الغالي، وكان بحق فجراً ناصعاً مشرقاً لتاريخ جديد حافل بكل الإنجازات الخيِّرة وجميع قيم الحياة النبيلة وأكمل معاني الإنسانية السامية، وإن هذه الذكرى الوطنية تعيدنا لنتذكر ذاك المنجز العظيم الذي حققه المؤسس الباني الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله- المتمثل في تحقيق أروع وحدة وطنية عرفها العالم العربي في عصره الحديث. تلك الوحدة التي جمعت شتات الوطن من بدو رحل وحضر وقبائل شتى في بوتقة واحدة على ثرى هذا الوطن الطاهر في دولة ذات مؤسسات وقانون هي المملكة العربية السعودية، دولة قامت على نهج الإسلام القويم نهجاً ودستوراً، فأصبحت محل ثناء وتقدير العالم أجمع. فهنيئاً لنا هذه القيادة.. وهنيئاً للوطن بهذه الإنجازات.