أوقفت عناصر مسلّحة تابعة ل “حزب الله” مدير مكتب مجلة التايم الأمريكية في بيروت وضابطاً في الجيش اللبناني معروفاً بتأييده للثورة السورية، إضافة إلى شخص ثالث، ثم سلّمتهم إلى جهاز الاستخبارات في الجيش اللبناني بعدما اتّهمتهم بالتورّط في تهريب الأسلحة إلى المعارضة السورية. ولم يُضبط أي سلاح بحوزتهم، باستثناء 65 مليون ليرة لبنانية كانت بحوزة الضابط، أما الصحافي الموقوف، وهو فلسطيني يُدعى رامي عيشة، فقد أكد مقرّبون منه أنه كان يقوم بعمله كإعلامي فحسب. واعتبروا أن ما تعرّض له رامي يدخل في سياق الاتهامات السياسية. وخلفيات كيدية، ولاسيما أن الأخير كان أحد الذين تمكنوا من مقابلة أسد صبرا، أحد المتهمين الأربعة التابعين لحزب الله في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. وتعود قصة توقيف الصحافي رامي عيشة إلى الثلاثين من أغسطس. حيث كان عيشة بصدد تنفيذ تحقيق صحفي حول تجارة السلاح في لبنان. بعد أن حصل على موافقة أحد تجّار السلاح، فأعدّ كاميرته واستعدّ لسبقٍ صحفي منّ النفس به. لكن اكتشف عيشة أنه وقع ضحية كمين محكم. وتم استدراجه بقصد الإيقاع به. ولم يكن هناك تاجر سلاح. وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، عند النقطة التي حددها التاجر لهم، اعترضتهم عدة سيارات يستقلّها مسلّحون. في تلك الأثناء، اتصل الضابط بصديقه يُبلغه بأنه يتعرّض للخطف، لكن ذلك لم يُغيّر في الأمر شيئاً. وتمكن المسلّحون من اقتياد الثلاثة، وبينهم الصحافي إلى جهة مجهولة. وجرى الاعتداء عليهم بالضرب المبرّح الذي أسفر عن كسر إصبع الصحفي وإصابته بكسور ورضوض متفرّقة في أنحاء جسده. كما حطموا كاميرته. رغم أنه أبرز لهم بطاقته الصحفية، والمفاجئ أن يكون أحد عناصر المجموعة ضابطٌ في الجيش اللبناني برتبة رائد وقام باتصال مع استخبارات الجيش التي وصلت إلى المكان واستلمتهم. واقتيد الثلاثة إلى وزارة الدفاع ومنذ ذلك الحين، يقبع الصحافي الذي كان بحوزته كاميرا لحظة توقيفه في السجن بشبهة تهريب السلاح. وتمكنت “الشرق” من إجراء اتصال مع الصحافي رامي عيشة في السجن. فناشد الجميع الوقوف إلى جانبه، مستنكراً استمرار توقيفه من دون توجيه أي تهمة. عيشة أكد أنه كان يقوم بعمله الصحفي، كاشفاً أن ما تعرّض له يشير إلى وجود نوايا مبيّتة لإيذائه. لم يتمكن رامي من تحقيق سبقه الصحفي فتحوّل بحد ذاته إلى حدث. انتهى سجيناً خلف القضبان بجرمٍ ملفّق. ضجّت صحفٌ محلية وعالمية بخبر التوقيف، لكن ذلك لم يغيّر في الأمر شيئاً. لا يزال قاضي التحقيق يرفض قبول طلب إخلاء السبيل الصحافي. تجدر الإشارة إلى أن عيشة سبق أن عمل مراسلاً ومحرراً في عدد من الوكالات الأجنبية، ويتولى حالياً إدارة مكتب مجلة التايم في بيروت. وكان أجرى مقابلة مع أحد المتهمين الأربعة الذين كشفت أسماءهم المحكمة الدولية. أضف إلى أن عدداً من الصحافيين الأجانب أطلقوا حملة تضامن مع رامي عيشة، معبرين عن استنكارهم لما سمّوه “الحجز التعسفي لحريته”. وأصدرت جمعية “مراسلون بلا حدود” بياناً استنكرت فيه توقيف عيشة، متحدثة عمّا يتعرض له الصحافيون والمراسلون من مخاطر خلال عملهم في لبنان بعد تذكيرها بحادثة استشهاد الزميل المصوّر في تليفزيون الجديد علي شعبان.