غادر المجندان في الجيش اللبناني (ز. أ.) و (إ. ع.) منذ عدة أشهر، مركز خدمتهما في البقاع بعد حصولهما على مأذونية راحة، لكنهما لم يعودا. وبعد اتصالات مع ذويهما في منطقة وادي خالد في عكار، من قبل المسؤول عنهما، تبلّغ الأخير أن الأهالي لا يعرفون شيئاً عن مصير ولديهما. وبعد أيام عدة، تلقى المسؤول عن الخدمة رسالة عبر الهاتف الخلوي للمجند (ز. أ.) تضمنت: «تحية خاصة من بلدة القصير السورية». ويقول فيها «أنا وزميلي (إ. ع) التحقنا ب»الجيش الحر» ونقاتل حالياً ضد النظام في سورية». المؤسسة العسكرية تتكتّم هذه الحادثة، ربما، لم تكن الوحيدة، لكنها كانت الأولى التي خرجت إلى الضوء من أروقة المؤسسة العسكرية حيال التخبّط الحاصل في داخلها تجاه ما يجري في سوريا. فعقب هذه الحادثة، ترددت معلومات تؤكد أنه تم «ضبط عسكريين يسرقون أسلحة أميرية، ويبيعونها إلى تجّار سلاح ينقلونها بدورهم إلى مناطق الشمال، ومنها إلى سوريا». وكشفت المعلومات أن «المعنيين في المؤسسة العسكرية يتكتّمون بشدة حيال أي حادثة من هذا النوع». وفي هذا السياق، تناقل ضباط داخل المؤسسة العسكرية أن «مديرية استخبارات الجيش أوقفت رتيباً يعمل أمين مستودع في إحدى كتائب اللواء الثامن». وتبين أن العسكري الموقوف (خ. ح)، ابن بلدة عرسال البقاعية، جرى توقيفه بعد الاشتباه في سرقته عدداً كبيراً من الأسلحة والذخائر من مستودع الكتيبة وبيعها. كذلك تبيّن أن جهاز الاستخبارات أوقف رتيباً آخر من الكتيبة ذاتها، للاشتباه في كونه تستّر على زميله في العملية ذاتها. وتوسّعت التحقيقات ليتبيّن أن المسروقات لم تكن جميعها من العتاد الأميري المخصص لأجهزة الدولة فقط، بل من الأسلحة والذخائر التي تصادرها القطعات العسكرية من المطلوبين والمطاردين، أو ممن يحملون أسلحة من دون ترخيص. وتبيّن أن البنادق الرشاشة الأميرية المسروقة من مستودع الجيش فاق عددها تسعين بندقية، إضافة إلى كمية كبيرة من الذخائر. توقيف ضابط في الجيش وعادت استخبارات الجيش لتوقف أكثر من عشرة أشخاص من بين عناصرها، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين يشترون الأسلحة الأميرية، ثم يقومون بتهريبها إلى مسلّحي المعارضة السورية. وأوقف منذ أربعة أيام ضابط في الجيش اللبناني برتبة رائد يدعى (و.ع) بتهمة الاتّجار بالسلاح. وكانت استخبارات الجيش تمكّنت من توقيفه منذ أيام في ضاحية بيروت الجنوبية حيث كان مجتمعاً بتجار سلاح وبحوزته نحو خمسين ألف دولار أمريكي. وكشفت التحقيقات أن الأخير كان ينوي تهريب السلاح إلى المعارضة السورية. ولفتت المصادر إلى أنّ الرائد الموقوف هو نجل ضابط كبير برتبة لواء متقاعد من الجيش، سبق أن تولى رئاسة القيادة المشتركة بين لبنان وسوريا أبان سطوة اللواء السوري غازي كنعان. وتجدر الإشارة إلى أن معظم الموقوفين أحيلوا على المحكمة العسكرية، حيث باشر قضاء التحقيق العسكري استجوابهم تمهيداً لإصدار الأحكام بحقهم. في موازاة ذلك، تداولت وسائل إعلامية نقلاً عن مصادر أمنية أنه عقب هذه الأحداث، عاودت قيادة الجيش مراجعة آليات تفتيش مخازن الأسلحة. وبدأت حملة واسعة للتثبت من عدم تكرار ما جرى، ضماناً لإجراءات حماية الأسلحة والأعتدة الحربية والمدنية العائدة للجيش. شحن مذهبي وتوتير طائفي حوادث فرار العسكريين من الجيش واتجار الضباط بالأسلحة الأميرية لم تكف الجيش. فقد ترافقت مع شحن مذهبي وتوتير طائفي تلازما مع تصريحات سياسية حول الحديث عن احتمال انقسام الجيش وانشقاقه. بدأ الحديث عن جيش لبناني حُرّ. وزّعت القمصان التي تحمل شعارها في مناطق الشمال. ارتداها الصغار وسط اتهامات قيادة الجيش بالعمالة للنظام السوري. وهنا بدأ فرزٌ من نوع آخر. خاض المراقبون في التقسيم الطائفي للجيش، فتبين أن ضباطه مناصفة بين الإسلام والمسيحيين. أما العناصر، فتبين أن أرجحيتها لصالح الطائفة السنية، علماً أن معظم متطوعي الجيش اللبناني هم من مناطق الشمال الذي يُعدّ الخزّان السني. أحداث سوريا دفعت بالجيش اللبناني إلى منزلقٍ خطر. المؤسسة الوحيدة التي يفتخر لبنان بوحدتها مهددة بالانقسام. بالفعل، يبدو أن الجيش اللبناني يترنّح على وقع الثورة في سوريا. فهل سيقترب موعد السقوط. سيما أنه يفترض بهم الدفاع عن الناس، فقد وجدوا أنفسهم بحاجة إلى من يدافع عنهم. الجيش اللبناني منذ بدايات التأسيس