قلل مثقفون من الدور الذي يمكن أن يسهم به ضم الملتقيات الثقافية الخاصة إلى الأندية الأدبية في دعم أنشطة هذه الملتقيات، لافتين إلى أن من شأن هذا أن يفقد الملتقيات هامش الحرية المتاح لها، ويفقدها المرونة في تنظيم فعالياتها الثقافية. وأوضح رئيس ومؤسس نادي كتاتيب التطوعي للقراءة عبدالله الشهراني، ل«الشرق»، أنه من الأفضل للملتقيات الثقافية أن لا تنضم إلى الأندية الأدبية، أو إلى أي جهة رسمية أخرى، بل من المفترض في الأندية الأدبية نفسها أن لا تكون تحت إشراف رسمي مباشر. مشيراً إلى «أن انضمام الملتقيات الثقافية للأندية الأدبية يعني أن تصبح عرضة للتعميمات والتوجيهات والخطابات الرسمية، بكل ما يعنيه هذا من تضييق لهامش الحرية، وتقييد حرية الإبداع». وأكد الشهراني أن وزارة الثقافة والإعلام ليست لديها أي أهداف استراتيجية من ضم الملتقيات الثقافية إلى الأندية الأدبية، ولا توجد لديها رغبة في استقطاب الملتقيات وإلزام الأندية بتقبلها ومنحها الدعم اللازم، لافتاً إلى مفارقة غريبة في مواقف وزارة الثقافة من الملتقيات، ففي حين كان وزير الإعلام الدكتور خوجة متحمساً لفكرة نادي كتاتيب، وردَّ على رسالة النادي في غضون سبع ساعات، تطلَّب الجهاز الإداري في الوزارة سبعة أشهر للرد على خطاب النادي التطوعي. وأشار الشهراني، الذي كانت له تجربة سابقة في الانضمام إلى نادي مكة الثقافي الأدبي مع ناديه كتاتيب، إلى أن الانضمام إلى الأندية الأدبية، علاوة على كونه يفقد الملتقيات حريتها، فإنه يحد أيضاً من مرونتها في تنظيم الأنشطة الثقافية، بحيث تصبح تحركاتها مرتبطة بالإجراءات الروتينية للأندية، وهي الإجراءات التي لا تخلو من بيروقراطية، ومن ارتياب أعضاء مجالس إدارات الأندية بأنشطة الملتقيات، وتخوفهم من استضافة الملتقيات لشخصيات غير مرغوبة، أو شخصيات تطرح أفكاراً غير مرغوبة، كما يقول. ولفت الشهراني إلى أن مجانبة الأندية الأدبية لا تعني أن تعمل الملتقيات في الخفاء، بل إنها تعني ممارسة الملتقيات نشاطاتها بعيداً عن الأندية، وبإمكانها الإعلان عن نفسها من خلال صفحتها على «فيسبوك»، أو موقعها الإلكتروني. وقال الشهراني إنه سبق له أن نصح تكتل أندية القراءة في الرياض بالانضمام إلى نادي الرياض الأدبي، لكن بعد تجربته في نادي مكة، فإنه يعود لينصحهم بعدم الانضمام إلى أي جهة رسمية. بدوره، أشار الكاتب والقاص فراس عالم إلى أن الملتقيات الثقافية مهما كان نشاطها لن تستفيد شيئاً من الأندية، مؤكداً أنها لو وجدت مقراً ومظلة لأداء أنشطتها بعيداً عن الأندية فذلك خير لها من أن تدخل تحت عباءة البيروقراطية الثقيلة والخانقة. وتعرض عالم لتجربة «المقهى الثقافي»، الذي كان أحد مؤسسيه، في الانضمام إلى نادي مكة، وقال «مررنا بتجربة مريرة مع نادي مكة، ومارست الإدارة أنواعاً عديدة من التجاهل والإقصاء تجاه المقهى، أدت إلى تعطيل نشاطاته بشكل كامل، ومازال لدى مجلس إدارة النادي خطاب معلق منذ أكثر من أربعة أشهر، ولم يتفضل بالرد حتى اليوم. وأضاف «الغريب أن النادي الذي رفض دعم المقهى، حتى بالوجبات الخفيفة، وقت الأمسيات، بحجة عدم توفر الميزانية، أعلن عن فائض كبير في خزينته آخر العام». عدنان الحارثي ولفت عالم إلى أن بعض الأندية تشعر بالغيرة من نجاح أنشطة الملتقيات، مستشهداً بما تعرض له المقهى الثقافي «في نادي مكة شعرت إدارة النادي بالغيرة، أو الحرج، من حيوية وتفاعلية أنشطة المقهى، على قلتها، مقابل البرود الذي خيم على محاضرات النادي، حتى أن نائب رئيس النادي طالبنا بصراحة بإلغاء فكرة المقهى، وقصر الأنشطة على اللجنة الثقافية في النادي!». من جهته، ميز نائب رئيس أدبي مكة الدكتور عدنان الحارثي، بين الملتقيات الثقافية التي تحتاج إلى دعم، والملتقيات المكتفية، وقال «المسألة نسبية، فالملتقيات المحتاجة إلى دعم من الأفضل لها أن تنضم إلى الأندية، وأما الملتقيات التي لا تحتاج إلى دعم، والتي تستطيع تمويل أنشطتها، فمن الأفضل لها أن تبقى بعيداً عن الأندية ولوائحها وتوجيهاتها التي تحد بشكل كبير من قيمة العمل الثقافي وتأثيره».