أحد مقاييس الشعوب ثقافتها وكيف تتعامل مع بعضها البعض ومع الآخرين على كل الأصعدة، لو أخذنا ما يتعلق بالرياضة والثقافة الرياضية خصوصاً كرة القدم. ولقد لفت انتباهي حادثة في مباراة ل «جوفينتوس» الإيطالي، كانت آخر مباراة للأسطورة «دل بييرو» مع ناديه وعلى غير العادة لم يكن مستواه في كل المباراة كما عهدناه، بل أضاع هدفين وخرج فريقه مهزوماً، وقبل انتهاء المباراة بعشر دقائق أخرجه مدربه وهو اللاعب الذي يلعب آخر مباراة مع فريقه.. وفريقه مهزوم وأضاع هدفين ومستواه كان سيئاً، ومما لاشك فيه أنه سينتقل إلى فريق آخر قد يكون منافساً، فماذا كان سيحصل له في ملاعبنا من معاملة من الجمهور أولاً ومن الصحافة ثانياً؟ بكل تأكيد سيأخذ نصيباً من الشتم والتهريج والصفير… إلخ. ولكن الجمهور المثقف كروياً من الفريقين أعطاه وداعاً يليق بالأبطال لأنهم لم ينسوا اللحظات السعيدة التي أسعدهم بها في تسجيل الأهداف لفريقه، والجمهور الآخر لم ينسَ اللمسات الفنية التي أسعدتهم من لاعب عظيم. ثقافة اللاعب لا تقتصر على ذلك فقط، فيجب أن يثقف نفسه على قوانين اللعبة التي يسترزق منها، ويكون ملماً بقوانينها حتى لا يرتكب الأخطاء القاتلة، وأن لا يجادل التحكيم. وهذا يسري على الجمهور، والمدرب، والإداري، الذي ينهض من مكانه داخل الملعب ليصرخ ويستخدم يديه ليبدي تذمره من حادثة هو لا يعرف قانونيتها، ما يسبب الإحراج له وللفريق ويثير الجمهور، وبعض الصحافة التي لا تكلف الصحفي تثقيف نفسه بالقوانين بل يبني على ما سمع والأغلب أنه سمعها من شخص لا يعرف القانون. حوادث كثيرة تقع وتفقدنا متعة الرياضة واللعبة بسبب عدم ثقافة الفرد، ومع كل هذه المبالغ التي تُصرف واللوائح التي تعطى وورش العمل التي تقدم وما فيها من محاضرين فلا يذهب إليها أحد لأن هذا النوع من الثقافة غير موجود فينا مع الأسف. أتذكر بعض الحوادث البسيطة التي حصلت في ملاعبنا من لاعبين كبار بدون ذكر الأسماء، ففي مباراة في المدينةالمنورة لعب أحد اللاعبين ضربة الجزاء «باصة» لشقيقه الذي سجل منها هدف، ما أثار الفريق الآخر والجمهور، وكادت المباراة أن تتوقف بسبب ذلك وبسبب عدم فهم القانون، كذلك من كرة ضربة غير مباشرة لعبها أحد اللاعبين مباشرة على المرمى، ما جعل حارس المرمى الفاهم تركها تهز الشباك ثم حمل الكرة ولعبها مثل ما يلعب ضربت المرمى، كذلك لعب حارس المرمى كرة لأحد المدافعين وتنبه لها المهاجم الذي كاد أن يُحرج الاثنين، فما كان من المدافع الفاهم إلا الإسراع للكرة قبل خروجها من خط ال18 وأمسكها بيده وأعادها لحارس المرمى، فثار الجمهور وطالب ب «بلنتي»، كذلك كثير من الجمهور في حالات التسلل لا يعلم أنه يجب وجود لاعبين أقرب إلى خط المرمى من نفس الفريق حتى لا يُحسب تسلل وينسون أن أحدهم هو حارس المرمى، لأن كثيراً منهم ينسى أن حارس المرمى هو لاعب في الفريق، ما يجعل أن هناك لاعبين أقرب إلى خط المرمى، لنثقف أنفسها حتى تزيد المتعة.