من يشاهد الأعداد المتزايدة للمتسولين والمتسولات، الذين تمتلئ بهم الأماكن العامة، وينتشرون في المساجد والأسواق، ويقفون أمام أبواب البنوك وبجوار أجهزة صرف النقود، ويركضون بين السيارات عند الإشارات المرورية، بل ويطرقون أبواب المنازل للتسول وخصوصاً في شهر رمضان المبارك؛ يتساءل عن أسباب هذه الظاهرة السيئة، ويتعجب من غياب دور الجهات المسؤولة، التي لا يعلم من هي بالتحديد، ومع أنّ الإدارة العامة للرعاية والتوجيه الاجتماعي من ضمن إدارات وزارة الشؤون الاجتماعية التي تضم إدارة مكافحة التسول، فإنّ دورها شبه معدوم، اللهم إلا إن كانت تكافح التسول في صحراء النفوذ أو الربع الخالي! باعتقادي أنّ المتسولين إحدى فئتين لا ثالث لهما؛ فهم إما أن يكونوا من ذوي الفقر والعوز، الذين اضطرتهم ظروفهم المعيشية الصعبة، لبذل ماء الوجه، وطلب المساعدة من الناس، بعد أن خذلهم الجميع، وأجبرتهم الفاقة والحاجة، على جرح كبرياء الكرامة، مضطرين لا مختارين، وهم ضحايا الإهمال والنسيان، ونتاج التقصير والتهميش، فهؤلاء يجب المسارعة في دراسة أوضاعهم، والتعجيل في سد حاجاتهم، كحقٍ من حقوقهم، بلا فضلٍ ولا منّة، احتراماً لإنسانيتهم، وتحقيقاً لوطنيتهم، فلا يليق بهذا الوطن الكريم المعطاء، أن يمد أحد مواطنيه يده متسولاً لحفنةٍ من الريالات، في الوقت الذي يمد غيره كلتا يديه سارقاً للمليارات. أما الفئة الثانية من المتسولين فهم أهل اليد السفلى من الكذابين والمحتالين، الذين امتهنوا التسول، كوسيلةٍ سهلة ومربحة للكسب غير المشروع، بلا وازعٍ من كرامةٍ أو ضمير، مستغلين تعاطف المجتمع، وشفقة المحسنين، حتى انتشرت عصابات التسول، (ومافيا الشحاذين)، حتى أصبحت ظاهرة التسول جريمةً منظمة، لها تنظيماتها الخاصة، وشبكاتها المنتشرة كالسرطان في جسم الوطن، وهؤلاء المجرمون يجب التعامل معهم بحزم، وعدم التهاون في ردعهم، وتضافر جهود جميع الجهات المعنية بالأمر، للقضاء على هذه الظاهرة المقيتة، حماية للوطن والمواطنين، وإلى أن يتحقق كل ذلك، سيبقى السؤال قائماً: هل هؤلاء محتاجون أم محتالون؟!